نادر البوسعيدي: نطمح إلى افتتاح عدة فروع لـ«نادي الفتى القرآني» في كل الولايات
النادي يطبق برنامجا لربط الطالب بالقرآن الكريم في أغلب أوقاته وفي جميع حالاته -
يجب أن نرسخ في فكر الطالب أن يعطي كتاب الله أفضل وقت لديه -
المدرسة تطرح ثلاثة برامج: رياض الأطفال.. ونادي الفتى القرآني.. وبرنامج الشيخ خلفان بن جميل للعلوم الشرعية -
حفظة القرآن هم أهل الله وخاصته، اختارهم الله من بين الخلق لكي تكون صدورهم أوعية لكلامه العزيز، بفضله وتوفيقه، فتلك بركة أسبغها الله على حيواتهم، نالوها ثمرة لجهدهم في تدارس القرآن وحفظه، فبذلوا أوقاتهم رغبة منهم في الحصول على هذا الوسام الرباني، فنالوا ما كانوا يرجون، فكيف بدأت رحلتهم في الطريق المبين؟ ومَن أعانهم على سلوكه؟ وما العقبات التي ذلّلها الله لهم لاجتياز هذا الدرب؟ وما قصص الشغف التي رافقتهم في هذا الطريق القويم؟ وما آمالهم وطموحاتهم المستقبلية؟ كل ذلك وغيره نستعرضه في هذا الحوار مع المشرف نادر البوسعيدي في مدرسة «بيت القرآن» بولاية سمائل، للاطلاع على البرامج التي تطرحها هذه المدرسة، وكيف يربطون الناشئة بالقرآن الكريم.
ما البرامج والأنشطة التي تقدمونها للمنتسبين لبيت القرآن؟
مدرسة بيت القرآن هي مدرسة خاصة، مقرها سمائل تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، وهذه المدرسة تتفرع منها ثلاثة برامج رئيسية، البرنامج الأول هو برنامج رياض الأطفال، وهو مثل الروضة التي يحضرها الأطفال الصغار لحفظ القرآن الكريم وتعليم بعض العلوم، وهذا البرنامج هو لفترة الصباح وعندما تفتح المدارس الحكومية، مثل بقية المدارس الخاصة التي تعتني بمرحلة الروضة والتمهيدي، لكن مسماها رياض الأطفال.
أما البرنامج الثاني فهو برنامج «نادي الفتى القرآني»، وهو خاص للعناية بحفظ كتاب الله تبارك وتعالى، وكان يقام في الإجازة الصيفية، ولكن أعضاء مجلس الإدارة ارتأوا أن من يريد الاعتناء بحفظ كتاب الله ويواظب عليه ولا ينساه كما جاء في الحديث الشريف: «إنّما مَثَلُ صَاحبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ الإِبِلِ المُعَقَّلَةِ، إنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أمْسَكَهَا، وَإنْ أطْلَقَهَا ذَهَبَتْ»، فتحول البرنامج إلى مركز دائم وليس لفترة الصيف فقط، وبه سكن داخلي يستمر فيه الطالب من سنتين إلى سنتين ونصف على حسب اجتهاده في حفظ كتاب الله، وفق برنامج معين، وخطة واضحة.
أما البرنامج الثالث فهو «برنامج الشيخ خلفان بن جميل للعلوم الشرعية»، وهذا البرنامج جاء بعد نادي الفتى القرآني بعدة سنوات، والهدف من هذا البرنامج هو أن يخرج الطالب بمحصلة جيدة من علوم الصرف والنحو وعلوم الفقه والعقيدة، ويحفظ فيه كذلك بعض المتون والتحف، وكأنه دبلوم علوم شرعية أهلي ـ إن صح التعبير ـ ومدة هذا البرنامج أيضا سنتان، وبه سكن داخلي، ويقوم على تدريس مقررات هذا البرنامج مشايخ أجلاء ودكاترة أغلبهم من سمائل، كما يوجد دكاترة من مناطق أخرى، منهم سعادة الشيخ الدكتور المكرم عبدالله بن راشد السيابي، وكذلك الدكتور الراحل سالم بن مبارك الرواحي رحمة الله عليه، والدكتور خالد بن سالم السيابي، والدكتور خليفة بن يحيى الجابري، والأستاذ صالح بن جمعة السليمي، وكذلك بعض الدكاترة الآخرين.
ما هي الطرق والأساليب الحديثة التي تتبعونها في ربط الناشئة بالقرآن الكريم؟
هنالك مجموعة من الأساليب والطرق التي نتبعها، ربما من أبرزها أن نجعل الطالب يحمل هم القرآن الكريم وأن يكون هو شغله الشاغل، فلا تمر ساعة أو ساعتان إلا ويراجع أو يحفظ شيئا من القرآن، وخطتنا في برنامج الفتى القرآني مثلا أن تكون هناك برامج تربط الطالب بالقرآن الكريم في أغلب أوقاته وفي جميع حالاته، فيربط القرآن بكل شيء في حياته، فمثلا عندما يقوم الطالب من النوم يقرأ آيات الاستيقاظ، وعندما يذهب إلى النوم يقرأ آيات النوم، وقبل أن يأكل يقرأ آيات الطعام، وعندما ينظر إلى الأفلاك السماوية ينظر إليها من خلال منظور قرآني، فعندما يرى القمر يتلو آيات القمر، مثلا قوله تعالى: «وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا» وعندما يخرج إلى الشمس يقرأ قوله تعالى: «وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا» وعندما يشرب الماء يقرأ «أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون (69)»، وعندما يدخل المسجد يقرأ: «وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا». فعندما يستخدم هذه الآيات في كل تفاصيل حياته يفعّل حفظه لتلك الآيات، وبهذا يتشكل رابط عقلي بين القرآن وبين أعماله العادية التي يمارسها في الحياة اليومية، وكذلك نربط حفظه للقرآن الكريم بالصلاة، فنجعل لهم حزبا معينا يقرأه الطلاب في السنن والنوافل التي يصلونها في اليوم الواحد، ابتداء من سنة الفجر، وسنة الضحى، وسنة الظهر، وسنة المغرب، وسنة العشاء، فيراجع محفوظه في تلك السنن والنوافل، وكذلك القدوم إلى المسجد مبكرا لقراءة القرآن قبل الإقامة وبعد الصلاة.
ويجب أن نرسّخ في فكر الطالب أن عليه أن يعطي القرآن الكريم أفضل وقت لديه، لأن هذا القرآن هو كلام الله وكتابه، فيجب تعظيمه ويناسب ذلك أن تعطيه أحسن الأوقات، وليس فضلة الأوقات، وأحسن تلك الأوقات هو قبل الفجر وبعده مباشرة، وكذلك بعد صلاة العصر، أما قبل النوم فيفضل أن يتلو الطالب الصفحة التي يبيت فيها العزم لحفظها لليوم القادم، هذه بعض الطرق والأساليب التي نتبعها في ربط الناشئة بالقرآن الكريم.
ما الأثر التربوي الذي يتركه تدريس القرآن وتحفيظه في نفوس الناشئة؟
القرآن الكريم يربي في نفوس هؤلاء الفتية التعلق بالله تبارك وتعالى، ويربي في نفوسهم تزكية النفس، وكذلك الأمانة لأن كلام الله عز وجل هو أمانة في الحفظ، وأمانة في المراجعة، وأمانة في التبليغ، فالرسول صلى الله عليه وسلـم يقول: «بلغوا عني ولو آية» فنحن نجتهد أن نجعل أثر القرآن الكريم ليس في الطالب فقط وإنما يتجاوز أثره إلى الأسرة، فنخبر الطالب أنه كما حفظّك الله القرآن الكريم في المركز، فكذلك من تبليغ الأمانة أن تحفّظ أخوتك الصغار، وأن يحفّظهم سورة الفاتحة وقصار السور، وذلك يعين على ترسيخ الحفظ.
وكذلك نحثه ليتفاعل مع القرآن حتى بين أهله، فعندما يجلس إلى الطعام بين أهله، يتلو آية تتناسب مع ذلك الموقف، فيتلو: « فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إلى طَعَامِهِ» فنجتهد أن يكون هذا التأثير التربوي هو تأثير في الأخلاق، فالقرآن كفيل بتربية هذه الناشئة وإصلاحهم، فهو يربي فيهم الجانب الإيماني والأخلاقي والسلوكي، وتربية التعامل مع الأفراد ومع الجماعات، فالقرآن الكريم يكسبهم تربية روحية وهي تربية وحي وتربية نبوية.
وكما هو معلوم إن القرآن الكريم يترك في أي نفس أثرا، فكيف بهؤلاء الناشئة وهم في مرحلة تشكيل معارفهم الأولى، فالقرآن يصقل لهم أخلاقهم حتى في أدق التفاصيل وأبسطها، حتى في رفع الصوت، فحافظ القرآن الكريم لا يرفع صوته ولا يتأفف ولا يقول لمدرسه لا أستطيع بل يحاول، كما أن أعماله لا يوجد فيها ضياع وقت، فهو في دائرة الكرم مع الله تبارك وتعالى، فتكرار الحفظ والمراجعة يكسبك الأجر والثواب، فهو يسمو بأرواحهم.
هل تتوفر لديكم إحصائية أو قاعدة بيانات للحفاظ والقرّاء الحاصلين على إجازات قرآنية في سلطنة عمان؟
لا تتوفر لدينا إحصائيات دقيقية عن عدد الحفاظ الحاصلين على إجازات قرآنية، لأننا نحن في هذا المركز نهتم بحفظ كتاب الله تبارك وتعالى بالتجويد، وأن يكون خاليا من اللحون والأخطاء التشكيلية واللفظية، وأغلب الطلاب يأتوننا مجودين لقراءته وقبل انضمامهم إلى البرنامج نعمل لهم مقابلة، ومن خلال هذه المقابلة نستطيع أن نكتشف القدرات التجويدية عند هذا الطالب، أما بالنسبة إلى القراءة بالصوت الجميل، فهذه قدرات ومواهب يهبها الله لمن يشاء، ونحن نهتم بهذا الأمر ونصقل مهاراته في هذا الجانب، ولكن اهتمامنا البالغ يكون بالتجويد والقراءة السليمة، وأن يكون قدوته قرّاء التجويد من أهل الشهرة.
كما أننا لا نجعل الطالب يحفظ مقرر الحفظ اليومي إلا بعد أن يتلوه أمام المشرف أو المحفّظ المختص تلاوة سليمة خالية من الأخطاء، وبعد ذلك يقوم بحفظ المقرر.
كما نهتم قدر المستطاع أن يحصل هذا الطالب بعد حفظه لكتاب الله وإتقانه لذلك الحفظ أن يحصل على الإجازة القرآنية قدر المستطاع.
كيف يتم إعداد الحفّاظ للمشاركة في المسابقات الدولية لحفظ القرآن الكريم؟
عندما يقبل الطالب على مسابقة سواء كانت إقليمية أو دولية نعطيه برنامجا يتناسب مع الأساليب التي ينبغي اتباعها لمثل هذه المسابقات، ومن ذلك أنه يتوقف عن حفظ الجديد ويهتم بالمراجعة للأجزاء المخصصة للمسابقة، ويتم إعداد برنامج خاص له يركز على هذا الجانب.
كما أننا نبين للطالب أن دخوله لهذه المسابقة ليس لغرض الفوز فقط وإنما أيضا هذه المسابقات تكون بمثابة الدافع والحافز لمراجعة حفظك السابق، وتثبيت هذا الحفظ، من خلال البرنامج المكثف للمراجعة.
وهذه المسابقات هي تنافسٌ في الخير، وهي تجعل من هذا الحافظ في مقام القدوة، وهو تشجيع له ولغيره للإقبال على كتاب الله وحفظه، كما أنها تمثل له حافزا لكي يكون عنده نفس طويل في حفظه لكتاب الله ومراجعته حتى لا يقف عن إتمام مشروعه هذا وهو الأسمى في الحياة، ونحن نغرس في نفوس الطلاب أن الهدف الأسمى لحفظ كتاب الله، أنه سيكون رفيقك يوم القيامة عندما يقال لك في أرض المحشر كما ورد ذلك في الحديث النبوي: «يقال لقارئ القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها».
ما هي الطرق الحديثة التي طبقتموها والتي تعين على رسوخ الحفظ وعدم النسيان؟
أهم طريقة نطبقها لرسوخ الحفظ وعدم النسيان هو التكرار، فنحن نجتهد أن يراجع الطالب حفظه بشكل يومي، فيراجع حفظه في أسبوع أو أسبوعين في حالة أنه كان حافظا لخمسة عشر جزءا أو عشرين جزءا، فيراجع محفوظه كاملا.
ومن ضمن الطرق التي نطبقها في البرنامج معنا أن يكون الحفظ من الأحد إلى الخميس، ويتوقف أيام الجمعة والسبت، وذلك لتكثيف مراجعة المحفوظ في هذين اليومين، والتكرار الكثير يخزن ذلك الحفظ في الذاكرة اللا واعية، وهي الذاكرة طويلة الأمد.
ومن ضمن الطرق التي تساعد في تثبيت الحفظ ورسوخه هو التجديد في نفسيات الطالب، وذلك من خلال المراجعة مع أشخاص مختلفين، فيراجع مع زميله، ومع أستاذه، ومع إمام المسجد ومع جاره، ومع أهله، ومع المسمّع أو المشرف، ومن خلال هذا التنوع تتغير عليه أجواء المراجعة فيتحفز.
ما دور حفظ القرآن الكريم في التحصيل العلمي؟
إن دور القرآن الكريم في التحصيل التعليمي هو دور كبير وفعال، لأنه مفتاح العلوم، وعندما يستفتح الطالب بالقرآن الكريم كل شيء يكون اكتساب العلوم الأخرى على أحسن ما يكون، فكتاب ربنا عندما يزاحم كل شيء يجعل فيه الخير والبركة والتيسير، ويكفي أنه عندما يغم عليه شيء من العلوم أن يقرأ سورة الشرح، وعندما يدخل الاختبار يدخل بالمعوذات، كل ذلك يعين الطالب حتى يكون دائما على رباط بالقرآن الكريم. فمثلا، عندما يحل الامتحان أو مسألة في الرياضيات يقرأ سورة الشرح، ويكرر «إن مع العسر يسرا» ويلجأ إلى الله بهذه الآيات، ومن الملاحظ، أن الطلاب الذين يدرسون القرآن الكريم ويحفظونه نجدهم يحصلون على مرتبة الشرف في المدارس الحكومية وذلك لعدة عوامل منها ذكرناه سابقا، ومنه أنهم عندما يكونون في بيت الله لحفظ كتابه يذاكرون المواد الأخرى في المكان نفسه، فيكسبهم الروحانية والاطمئنان والسكينة، فتنطبع على قلوبهم بركة القرآن وبركة المكان، وكذلك بركة الوقت، فمستقبلات الذاكرة تكون في أوج نشاطها، وذلك لأن صاحبها عودها على الحفظ والمراجعة فيتم حفظ العلوم وتخزينها بشكل سليم وسريع.
ما أغرب قصة حصلت لك مع المشاركين في دورات التحفيظ؟
هنالك قصص كثيرة مع الطلاب المقبلين على حفظ كتاب الله، فأحد الطلاب كان عنده مشكلة وراثية في الدم، ولكن هذه المشكلة لم يجعلها تحول بينه وبين أن يحفظ كتاب الله، فهذا الطالب بسبب تأثير وأعراض هذه المشكلة الصحية يتغيب عن المدرسة لمدة أسبوع، لأنه ينوم في مستشفى سمائل لمدة أربعة أيام، وهو مشارك في البرنامج الدائم بعد الصيفي وهو استحق ذلك بجدارة، وأذكر أنه كان يعمل له اختبار اللغة الإنجليزية وهو في غرفة التنويم، وكان على رغم ظروفه الصحية الصعبة، كان لا يعذر نفسه عن التحصيل الدارسي أو حفظ كتاب الله، فكان يراجع دروسه وحفظه وهو طريح الفراش، وقد أكمل معنا في البرنامج سنتين، وقد حفظ أجزاء كثيرة من القرآن الكريم، وكان حفظه متقدما ومتقنا، فهذه من أعجب القصص التي رأيتها وعايشتها، كيف أن الطالب يجاهد في سبيل أن يحقق غايته في حفظ كتاب الله ولم يجعل المرض حائلا يحول بينه وبين تحقيق غايته ومراده.
وهنالك قصة أخرى لطالب آخر وهو أحد الطلاب الذين انتسبوا معنا إلى البرنامج الدائم، ثم وفقهم الله بأن يلتحقوا للدراسة مع العالم المربي الشيخ حمود الصوافي، وهو من الطلاب الذين كنت أشرف عليهم، كمشرف غرفة في السكن الذي أنا فيه، فهذا الطالب سمعته بأذني وهو نائم يؤذن في نومه، فعجبت من تعلقه بالذكر والقرآن وكيف أنه حتى في نومه يرفع الأذان كاملا، وهذه أمور يختص بها الله من يشاء من خلقه.
يجد البعض صعوبة في المداومة على قراءة القران وحفظه، ما هي الوسائل المعينة على ذلك؟
يجب على الإنسان أن يحدد هدفه، ويكون هذا الهدف واضحا، ثم يبذل الوسائل والوقت لتحقيق هذا الهدف، فيكون الوصول إلى ذلك الهدف وإن طال سهلا، والصعوبة التي يواجهها كثير من الطلاب هو الفتور، فالمقبل على حفظ كتاب الله يأتيه في مرحلة من المراحل فتور، وهذا أمر طبيعي، يحدث لأي إنسان، ولكن عندما يكون هدف الإنسان واضحا وعنده العزيمة والإصرار فإنه سيتغلب على هذا الأمر بكل سهولة، فأسرار القرآن الكريم وعجائبه لا تنقضي، فمن يتعمق في هذا الكتاب ستنفتح له هذه الأسرار، فأنت تبث في نفسك الروح من خلال تلك الآيات، وأهم طريقة نتبعها ونوصي بها طلابنا عندما يصلون إلى هذه المرحلة، أن يقفوا عن الحفظ الجديد ويهتموا بالمراجعة، وهنالك طرق ووسائل مختلفة للمراجعة ومن هذه الطرق ينبغي أن يكون لوحده في المسجد ويراجع بصوت مسموع، كما أن عليه أن يغير من أحواله حتى يطرد السآمة والملل، فيذهب ليتوضأ أو أن يأكل شيئا، أو أن يصلي ركعتين ويطلب من الله أن يشرح صدره، ويتلو آيات الانشراح، ومنها قوله تعالى: «رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي» ومنها قوله تعالى: « يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ» ويكرر هذه الآيات، كما يتلو الآيات التي تشجعه مثل قوله تعالى: «وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ» ويجعل دأبه التشجيع والتحفيز، لأن الإنسان بطبعه ملول، ولكن يجب على الطالب أن يذكّر نفسه بالهدف الذي ابتدأ به حفظ كتاب الله عز وجل.
ما هي جهودكم في إبراز القرّاء العمانيين المجيدين ؟
تنقسم هذه الجهود إلى قسمين، أولهما هو أن هذه المدرسة تخرج كل عام حفظة لكتاب الله يلتحقون بمركز شيخنا الجليل الشيخ حمود الصوافي يدرسون هناك، والأمر الآخر اهتمامنا بالطلاب عامة من حيث إتقان الحفظ وسلامته، كما أننا نهتم بالأشخاص الذين وهبهم الله أصواتا جميلة فنجعله يؤم الناس، ويشارك في المسابقات المدرسية ونحفزه على إظهار هذه الموهبة منذ صغره حتى يكون أحد القرّاء المجيدين، الذين يرفعون اسم سلطنة عمان عاليا في هذا المجال، ونؤكد لهم بأنهم ليسوا مجرد طلاب مركز أو مدرسة أو ولاية وإنما هم طلاب أمة.
وفي رمضان الماضي كان معنا 15 طالبا أمّوا الناس في المساجد لصلاة التراويح، وهذا جزء من إبرازهم وتعريف المجتمع بمهاراتهم وقدراتهم، كما أننا نقوم بإشراكهم في المناسبات الاجتماعية المتنوعة، حتى نزيل عنهم حاجز الخوف.
ما هي الصعوبات والعقبات التي تواجهونها في مشروع تحفيظ كتاب الله؟
قد يكون الجانب المالي هو أبرز الصعوبات التي نواجهها، لأننا نهتم بشؤون هؤلاء الطلاب الملتحقين معنا في هذه المدرسة بشكل كامل من حيث المسكن والمأكل، فيوجد طباخ خاص، وحافلة خاصة، ومشرفون يتم انتقاؤهم بعناية، كما نحرص على أن يحصل الطلاب على أفضل الخدمات في كل شيء، حتى على مستوى الترفيه والتحفيز والجوائز، والسكنات الداخلية لا تستوعب أكثر من 42 طالبا، وعدد المتقدمين للدراسة في الصيف يفوق 200 شخص في كل برنامج، بينما نحن نحتاج 30 شخصا فقط لكي نكمل 40 شخصا، وهذا التحدي مرتبط بالجانب المادي، فنحن يوجد عندنا مشرفون لهم رواتب خاصة، بالإضافة إلى التبعات المادية المتعلقة بالنقل والتغذية، ومجلس إدارة هذه المدرسة يجتهد في أن تكون هنالك أوقاف خاصة بهذه المدرسة، وقد بدأ بشراء وقف ضخم، بقيمة مليون وستمائة ألف، وهو برج أماكن في بوشر، لحل هذه الإشكالية. الأمر الآخر متعلق بجانب توفير المشرفين، للبرنامج الدائم الذي مدته 8 أشهر، ليكونوا متفرغين للإشراف على الطلاب بشكل كامل، فالصعوبة تكمن في أنه لا يمكن الحصول على مشرفين متفرغين بشكل كلي، وهذا ما حدانا ألا نقبل في البرنامج الصيفي أكثر من 40 طالبا، بينما في البرنامج الدائم نقبل النصف، وهو 20 طالبا، بسبب هذه التحديات.
ما هي المشاريع المستقبلية التي تطمحون لتحقيقها والتي تخص كتاب الله؟
نطمح لافتتاح عدة فروع أخرى لنادي الفتى القرآني في عدة ولايات أخرى، لكي يلتحق هؤلاء الطلاب بنوادي الفتى القرآني في ولاياتهم، ونحن نجتهد الآن أن نفتح في كل مناطق سلطنة عمان، والخطوة التي تليها أن يكون هذا النادي في كل ولاية من ولايات السلطنة، ونسأل الله أن ييسر لنا هذا الأمر، ولكن هذا العمل يحتاج إلى تضحيات، فهذه المراكز لا تقتصر فيها التضحيات على الجانب المالي وإنما تشمل الجانب الإشرافي، وتشمل التضحية بالوقت.
كما نسعى إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للمشاركين في نادي الفتى القرآني في ولاية سمائل، ونحن نعمل على ذلك حاليا.
