فتاوى فتاوى يجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور نائب المفتي العام لسلطنة عمان..
السؤال
ـ هناك آيات وأحاديث حافلة بموضوع ذكر الله سبحانه وتعالى سواء في سبيل الامر أو الحض أو الإخبار، ما المقصود في كل ذلك بذكر الله؟
الجواب
هنا مسألتان والجواب عن المسألة الأولى وهي المسألة المتعلقة بمعنى الذكر وقد أشار إليها السائل نفسه فيما ذكره من علو منزلة الذكر في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلـم، فإن الله تعالى يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا" وأثنى على خصال من خصال المؤمنين الأتقياء وذكر من هذه الخصال "وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ" وامر بذكره في مواضع كثيرة من كتاب الله عز وجل وكذا الحال في سنة رسول الله صلـى الله عليه وسلم ونجد أنه عليه الصلاة والسلام كان كثير الذكر لربه جل وعلا، وببيان ما كان عليه حال رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه يتبين لنا معنى الذكر إن كان هناك من يستشكل معنى الذكر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلـم، كان يكثر من الاستغفار فإنه يستغفر أكثر من 70 مرة في اليوم والليلة، وكان يكثر من أنواع الذكر من تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير في مختلف المواضع قبل طلوع الشمسس وقبل غروبها وعند تغير الأحوال وفي أدبار الصلوات وكان يكثر من تلاوة كتاب الله عز وجل آناء الله وأطراف النهار، وكان يكثر من الضراعة والدعاء لله عز وجل، هذه كلها أنواع الذكر التي أرشدنا إليها ربنا تبارك وتعالى إجمالا، ولهذا صنف أهل العلم الكثير من الكتب، وسطروا الكثير من الدواوين في الأذكر مما كان من كتاب الله عز وجل أو من سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. فالذكر الأصل فيه هو الذكر باللسان، والمقصد من ذلك هو تذكر القلب وانتعاش الفكر، فهو ليس ذكرا خاليا من معناه وروحه، بل هو ذكر يكون المقصود منه ان يستحضر الذاكر إجلال الله تبارك وتعالى وتعظيمه وهيبته ورجاء ما عنده والخشية مما عنده، وأن يطهر قلبه بما أرشده إليه ربه تبارك وتعالى من صنوف الذكر، وأن يسد الباب أمام وساوس الشيطان والخواطر والأوهام التي يمكن أن تغتال هذا القلب وتصرفه وتميل به عن جادة الصواب، فيسد الباب أمام هذه الوساوس والأوهام بأن يشغل قلبه ولسانه بذكر الله تبارك وتعالى، فهو ذكر باللسان، وتذكر بالقلب، وتفكر بالعقل قال تعالى: "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ".
السؤال
ـ أرى بعض كبار السن يتشائمون من أداء صلاة الاستسقاء وذلك ضنة انه لا يستجاب دعاؤهم، وقارنوا ذلك بما في السابق حيث كانوا يصلون فإذا انتهت الصلاة إذ بالسحاب يأتي وتاتي الامطار، فهل هذا صحيح، وهل الدعاء يستجاب حالا في الماضي مقارنة بالحاضر؟
الجواب
هذا غير صحيح، هناك أحوال حصل فيها أن اجيب دعاء المستسقين المستغيثين بالله تبارك وتعالى حال استسقائهم وتضرعهم لله تبارك وتعالى، ولكن ليس من شروط الاستسقاء إجابة دعاء الداعين في لحظتهم تلك، ولم يذكر هذا أحد من اهل العلم، فالاستسقاء دعاء بطلب السقيا والغيث من الله تبارك وتعالى إثر الجدب والقحط الذي يصيب الناس فتضرر حياتهم في أنفسهم وفي زروعهم وثمارهم في مواشيهم وحيواناتهم وفي كل مظاهر حياتهم فحين إذن يندب لهم أن يتضرعوا إلى الله تبارك وتعالى بطلب السقيا، وقد بينت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلـم، كيف يكون الاستسقاء وهو ان يخرج الناس إلى المصليات التي تكون في الصحاري والقفارن وهم متذللون خاشعون راجون لما عند الله تبارك وتعالى وان يخرجوا ما عسى أن يكون فيه استمطار لرحمات الله تبارك وتعالى بما يضهرونه له جل وعلا من ضعف في أنفسهم وأهليهم وعيالهم، وفي مواشيهم فيخرجونها لأنهم يظهرون افتقارهم إلى الله تبارك وتعالى، ويبدون له سوء حالهم فإن في ذلك مظنة لإجابة دعائهم وتلطف الله تبارك وتعالى المولى الكريم بهم، وقبل ان نأتي إلى الأفعال فغن هذا الفعل نفسه كاف لدعوة كل أحد إلى الخروج، فإن كان مستور الحال فعليه أن يحسن ظنه بربه تبارك وتعالى
ن وغن كان متلبسا بشء من المعاصي والآثام فإن في خروجه واستغفاره ودعائه مع الداعين سببا في طلب التوبة والمغفرة من الله تبارك وتعالى مما لا ينبغي ان يفوته، فإن خرج بهذه النية فإنه يكون سبب لإجابة الدعاء، فالله تبارك وتعالى يحب من عباده أن يتوجهوا إليه بالدعاء وان يتضرعوا إليه ويحب من عباده أن ينيبوا إليه مقبلين مستغفرين وينعم عليهم حينئذ بألطافه ومننه وعطاياه جل وعلا، فلا ينبغي لهم أن يسيئوا الظن في ربهم جل وعلا، ولا يعني هذا ان يخرجوا وهم في عتو وغرور وتكبر، فغن أمثال هؤلاء نص الفقهاء أنه لا ينبغي لهم أن يدعوا إلى الخروج إن كان قد علم من حالهم المجاهرة والغلو والغرور والاستكبار والاستهزاء، وغنما يدعون إلى التوبة فإن أقبلوا على الله تبارك وتعالى تائبين مستغفرين، فإنهم ضيوف على الرحمن الرحيم، لا يملك أحد ان يمنعم، ولا ينبغي لأحد ان تحدثه نفسه بأنه أضعف من غيره وأن صلاة الاستسقاء لا يخرج إليها إلا الكمّل الأتقياء الصالحون، عليه ان يحسن ظنه في الله تبارك وتعالى وإظهار الضعف منه وإظهر الرغبة في التوبة والاستغفار وإصلاح الأحوال وأن يأخذ الله تبارك وتعالى بيد هذا العبد إلى الصراط المستقيم وأن يعينه على الثبات، فهذا ما يستحضره المصلون فلذلك لا يصح ان يقللوا من أهمية الاستسقاء او ان يسيؤوا الظن في ربهم جل وعلا، أو ان يعولوا ان غيرهم منأهل الصلاح والتقوى هم اولى منهم بهذا فعلا الجميع ان يخرجوا، وان يخرجوا معهم ضعفتهم، لأنهم سبب لاسترحام الله تبارك وتعالى، وسبب لتحقق ما يرجونه من نزول الغيث ومن رحمة الله تبارك وتعالى بهم.
السؤال
ـ شركة اعلانات للاشتراك في هذه الشركة يرجى التسجيل بمبلغ، وبعدها يقوم المشترك بعمل غعجابات على إعلانات الشركة بمقابل مبلغ رمزي تقدمه الشركة للمشترك بالإعجاب الواحد، ما حكم الاشتراك في مثل هذه الشركات؟
الجواب
نظرا لأن المشترك لا بد له أن يدفع قدرا من المال حتى يدخل في هذا النظام الذي يستحق به أجرة على تسجيل إعجاب واحد، ولو كان المبلغ رمزيا، فإن هذا من الميسر، لأنه يدفع قدرا من المال لأجل الحصول على أرباح او أموال فهو يدخل في نظام هذه الشركة بما يدفعه من أموال ثم بعد ذلك يطلب منه أن يسجل مجموعة من الإعجابات، يسجلها وكم يحصل في مقابل ذلك هذا أمر مجهول، هذا من الميسر الذي لا يصح شرعا، اما إن كان دخوله دون اشتراك، أي انه لا يدفع مالا، وكان ما يسجل فيه الإعجاب مما هو جائز شرعا مما يستحق الإعجاب، فحصل على أجرة في مقابل ذلك فهنا لا إشكال من حيث الأصلن وإنما ينظر في المحتوى والمضمون، إذ لا بد أن تكون هذه الشركة في نشاطها أوما تروج له من خلال الإعجابات التي يسجلها الأشخاص أن تكون في أمر موافق لشرع الله تبارك وتعالى وأن تكون فيما يستحق الإعجاب، ولكن هنا الكلام ليس من حيث المحتوى والمضمون وغنما الكلام من حيث الأصل إن كان دون أن يدفع مالا في اشتراكه في استحقاق المكافآت المالية من جراء تسجيل الإعجابات، وينبغي للناس عموما وللشباب خصوصا أن ينتبهوا إليه لأن الميسر والقمار أخذت الكثير من الصور والأشكال، فأحيانا تظهر في صورة مسابقات، وأحيانا تظهر في صورة جني أموال جراء الاشتراكات، أو الصور التي أصبح الناس يعرفونها من خلال التسويق الشبكي والهرمي وما شابهها، فلا بد للناس أن ينتبهوا ويتبينوا لمثل هذه المحاذير والله تعالى أعلم.
