حمد الخروصي: نغرس في الناشئة حب القرآن ليكون سلوكا حيّا في حياتهم لا محفوظًا في صدورهم فقط
تواصل مدرسة "بيت القرآن" بولاية سمائل جهودها في خدمة كتاب الله العزيز، من خلال برامج تعليمية وتربوية متكاملة تهدف إلى إعداد جيل حافظ للقرآن الكريم، متقن لتلاوته، ومتحلٍّ بالأخلاق والقيم القرآنية. وتولي المدرسة عناية خاصة بتطوير مناهج الحفظ والتجويد، إلى جانب الاهتمام بالأنشطة المساندة والمسابقات والبرامج التربوية، بما يسهم في تنمية قدرات الطلبة وربطهم بالقرآن الكريم فكرًا وسلوكًا.
وفي هذا الحوار، يحدثنا حمد بن سعيد الخروصي، أحد المشرفين بمدرسة "بيت القرآن"، عن رؤية المدرسة ومنهجها التعليمي، وأهم أنشطتها، فضلًا عن التحديات التي تواجهها وخططها المستقبلية.
• ما الرؤية الأساسية التي تنطلق منها مدرسة بيت القرآن في سمائل؟
تنطلق مدرسة بيت القرآن من رؤية راسخة تقوم على خدمة كتاب الله تعالى، وتخريج جيل قرآني حافظ للقرآن الكريم، عامل بأحكامه، ومعتزّ بهويته الإسلامية. كما تسعى المدرسة إلى أن تكون منارة تعليمية وتربوية رائدة في مجال تعليم القرآن الكريم وعلومه "نحو ثقافة قرآنية"، وتهدف المدرسة إلى غرس حب القرآن في نفوس الناشئة، وربطهم به تلاوةً وحفظًا وتدبرًا، ليكونوا لبنات صالحة تسهم في بناء المجتمع وتنميته على أسس راسخة من الإيمان والعلم والحكمة.
• كيف تضعون منهج التحفيظ والتجويد للطلبة؟
تعتمد المدرسة على منهج متدرّج ومدروس يراعي مستويات الطلبة وأعمارهم وقدراتهم، والبرنامج العلمي الذي فيه الطالب، بحيث يركّز على ضبط المحفوظ الجديد مع مراجعة المحفوظ القديم، ثم يتدرّج في الحفظ وفق خطة مرحلية تضمن له التمكن من حفظ القرآن الكريم كاملًا بإتقان.
أما في جانب التجويد، فتولي المدرسة عناية خاصة بتلقين الأحكام عمليًا من خلال التلاوة الجماعية أمام المعلّم، مع الاستفادة من الوسائل التعليمية الحديثة والتطبيقات المساندة، حتى يكتسب الطالب المهارات السليمة في النطق ومخارج الحروف.
• هل تركزون على الحفظ فقط أم هناك جانب لفهم المعاني والأخلاق القرآنية أيضًا؟
لا تقف برامج المدرسة عند حدود الحفظ فقط، بل إن الحفظ يُعد مدخلًا أساسيًا للارتباط بالقرآن الكريم، ويتم التركيز كذلك على جانب الفهم والتدبر من خلال دروس مبسطة في معاني السور والآيات وربطها بالواقع العملي لحياة الطالب. كما تُعطي المدرسة اهتمامًا بالغًا بالجوانب التربوية والأخلاقية المستمدة من القرآن، وتزكية النفس وتربيتها تربية إيمانية قرآنية، ليكون الطالب حافظًا لكتاب الله في صدره، عاملًا به في سلوكه وأخلاقه.
• ما الذي يميز منهج المدرسة عن غيرها من مدارس التحفيظ في سلطنة عمان؟
تتميز المدرسة بتنوع برامجها واستمراريتها طوال العام صيفًا وشتاءً، إلى جانب تنظيم برامج وأنشطة ومسابقات مختلفة، مما يخلق بيئة تعليمية متكاملة تربط الطالب بالقرآن حفظًا وفهمًا وعملًا.
• كيف يتم اختيار الطلبة المنضمين للمدرسة وما هي الشروط؟
يتم اختيار الطلبة المنضمين إلى مدرسة بيت القرآن وفق معايير واضحة ومعلنة تختلف حسب البرامج، فترتبط عند الاختيار بالمراحل السنية، وحفظ مقدار محدد من القرآن الكريم، وسلامة التلاوة من اللحون الجلية، وحسن السيرة والأخلاق الحسنة. وعادة ما تُجرى للطلاب مقابلات شخصية تنافسية تعين على الاختيار الدقيق.
• ما أبرز الأنشطة المساندة بجانب الحفظ (مثل المسابقات، الرحلات، ورش التجويد)؟
يؤمن القائمون على المدرسة بأن الطالب بحاجة إلى بيئة متكاملة تنمي فيه الملكات العلمية والمهارية، ولكن النفس البشرية بحاجة إلى الترويح والتجديد. لذا فالمدرسة لا تركز على الجانب العلمي فقط، بل تدعمه بما يفيد الطالب وينفعه من مسابقات ورحلات وزيارات، إضافة إلى برامج ثقافية وتربوية وتدريبية متنوعة.
• هل هناك برامج تدريبية أو تأهيلية خاصة بالمعلمين داخل المدرسة؟ وهل توجد صعوبات في توفير الكادر التعليمي الكافي؟
تولي مدرسة بيت القرآن اهتمامًا كبيرًا بتأهيل المعلمين وتطوير قدراتهم، حيث تقيم بشكل دوري اجتماعات تقييمية، ودورات في مهارات التعامل مع الطلبة والإشراف عليهم. هذه البرامج تضمن بقاء المعلم مواكبًا لأفضل الأساليب التربوية والتعليمية.
أما فيما يتعلق بالكادر التعليمي، فلا تخفي المدرسة وجود بعض التحديات في تغطية الأعداد المتزايدة من الطلبة، وهو ما يشكّل ضغطًا على المعلمين القائمين. لكنها تسعى دائمًا إلى تجاوز هذه التحديات من خلال استقطاب معلمين جدد من الداخل، إلى جانب تشجيع الكفاءات المحلية من حفظة القرآن وخريجي التخصصات الشرعية على الانضمام لمسيرة التعليم في المدرسة.
• ما أبرز التحديات التي تواجهونها في عملكم اليومي؟
من أبرز التحديات هو الإقبال المتزايد من الطلبة مقابل محدودية الأماكن والكـوادر التدريسية، مما يتطلب منا جهدًا مضاعفًا لتنظيم الحلقات وضمان حصول كل طالب على حقه من المتابعة الفردية. كما نواجه تحديات مرتبطة بتوفير الدعم المادي اللازم لتطوير البرامج والأنشطة، خاصة تلك التي تحتاج إلى موارد إضافية كالمسابقات والرحلات.
وهناك أيضًا تحديات تربوية، مثل تفاوت مستويات الطلبة في الحفظ والانضباط، الأمر الذي يحتاج إلى صبر وجهد تربوي من المعلمين للتعامل مع كل حالة بما يناسبها. ومع ذلك، فإننا نعتبر هذه التحديات حافزًا لبذل المزيد من الجهد، ونرى فيها فرصة لتعزيز روح التعاون بين المدرسة وأولياء الأمور.
• كيف يتم التعامل مع الطلبة الذين يجدون صعوبة في الحفظ أو الالتزام بالبرنامج؟
يتم التعامل مع كل طالب حسب قدراته وظروفه، والعمل على توفير دعم خاص للذين يجدون صعوبة في الحفظ أو الالتزام بالبرنامج. ويتم ذلك من خلال وضع خطط متابعة فردية، وتشجيع الطالب بمكافآت تحفيزية، مع متابعة دقيقة لتقدمه خطوة بخطوة.
كما نحرص على التواصل المستمر مع أولياء الأمور لإشراكهم في دعم أبنائهم، وتقديم الإرشادات التربوية التي تساعد الطلبة على التغلب على الصعوبات. هدفنا أن يشعر كل طالب بالاهتمام، ويحقق تقدمه بطريقة متوازنة ومثمرة.
• ما الأثر الذي لمستموه في الطلاب بعد إتمامهم سنوات دراسية بالمدرسة؟
نلمس أثرًا إيجابيًا واضحًا في شخصية الطلاب، سواء على الصعيد العلمي أو الأخلاقي. فالطلاب يخرجون حافظين لأجزاء كثيرة من القرآن الكريم، متقنين للتلاوة وأحكام التجويد، كما نلاحظ تقدمًا في مستوياتهم العلمي والتحصيلي والسلوكي.
بالإضافة إلى ذلك، يظهر عليهم التزام بالأخلاق الحميدة والقيم القرآنية في حياتهم اليومية مثل الصدق، والأمانة، والاحترام، وحسن التعامل مع الآخرين. وهذا يعكس نجاح المدرسة في رسالتها، إذ لا تقتصر ثمارها على الحفظ، بل تشمل غرس روح القرآن كسلوك وعمل في حياة الطالب والمجتمع.
• هل هناك خريجون أصبحوا أئمة أو معلمين أو لهم دور بارز في المجتمع؟
نعم، ولله الحمد، لدينا العديد من الخريجين الذين أصبحوا أئمة في مساجد مختلفة، أو معلمين للقرآن الكريم، بل وشركاء في التعليم بالمدرسة. كما نجد بعض خريجينا يشاركون في برامج توعوية ودورات قرآنية تقام في المدارس والمراكز، مما يعكس الدور الإيجابي الذي تتابعه المدرسة في إعداد جيل قادر على خدمة القرآن والمجتمع معًا.
هذا الإنجاز يشكّل مصدر فخر لنا، ويؤكد أن مدرسة بيت القرآن ليست مجرد مكان للحفظ، بل هي بيئة تربوية شاملة تبني الشخصية القرآنية للطالب ليكون عنصرًا فاعلًا ومؤثرًا في مجتمعه.
• ما خطط المدرسة المستقبلية لتطوير برامجها أو التوسع في أنشطتها؟
تطمح مدرسة بيت القرآن بسمائل إلى تطوير برامجها التربوية والتعليمية بشكل مستمر، من خلال إدخال أساليب تعليمية حديثة، وتوسيع الأنشطة المساندة التي تعزز مهارات الطلاب وفهمهم للقرآن الكريم. كما تخطط لزيادة عدد الحلقات واستقطاب معلمين مؤهلين لتلبية الطلب المتزايد من الطلاب، إضافة إلى تنظيم مسابقات ودورات عمل خارجية، والتعاون مع مؤسسات تعليمية أخرى داخل وخارج الولاية.
كما تولي اهتمامًا بتقنيات التعليم الحديثة، مثل التطبيقات والوسائل الرقمية، لضمان متابعة مستمرة لكل طالب، وتقديم تجربة تعليمية متكاملة تجمع بين الحفظ والتجويد والفهم والقيم الأخلاقية، بما يضمن استمرار المدرسة في ريادتها كمنارة قرآنية في المجتمع.
ومن خططها المستقبلية في سمائل إنشاء مدرسة متكاملة تضم المراحل الدراسية من الصفوف الأولى وحتى الصف الثاني عشر، مع توافر المرافق التعليمية اللازمة لبيئة تربوية متكاملة. وتشمل هذه الخطة قاعات دراسية حديثة، ومكتبة متخصصة، وغرفًا للأنشطة المساندة مثل دورات التجويد والمختبرات السمعية والبصرية، إلى جانب ملاعب ومرافق ترفيهية تضمن توازن التعليم بين العلم والأنشطة البدنية.
كما تهدف إلى توظيف كادر تعليمي مؤهل لكل مرحلة، مع توفير برامج تدريبية مستمرة للمعلمين لضمان جودة التعليم، ومتابعة تطور كل طالب بشكل فردي.
