وردٌ لامرأةٍ من عطاء

17 أكتوبر 2021
17 أكتوبر 2021

يعرف التاريخ تمخُّض الأزمات الكبرى عن نجاحاتٍ، و شخصياتٍ، وقادة هم صنّاع ذروتها وحملة مشاعلها الأولى، وكذلك يعرف الواقع انعكاسات مراياه العديدة عن تجليات فارقة تشير بزهو إلى المرأة في مشاهد مختلفة كلها نبلٌ و سخاء.

هل يمكن حصر تلك المشاهد ونحن والعالم في خضم تحديات لا يمكن إنكارها أو تجاوزها؟ وإن عبرنا مربع العالم إلى مربع حبيب أليف هو مربع عماننا التي نعيش فيها وبها فهل يمكن إغفال ما يتشكّل من ضوءٍ في أعماقنا ونحن نتلمّس دورّ المرأة العمانية قبل وأثناء وبعد كل تحديات المرحلة، بل وكلّ المراحل؟!

هذه المساحة لن تتسع لتحتوي أدوار المرأة العمانية في يومها الذي نتمنى أن نستذكر فيه غيضا من فيض عطاءاتها الثرّة، لذلك نقيد مساحة هذه المقالة بالحدث الأقرب لإعصار شاهين ممتدا عن كورونا و تداعياتها.

من أين لنا أن نبدأ هذا النهر من العطاء وهذا القطر من الوفاء؟

أمن أمٍّ غذت قوة أبنائها وبناتها بعد «وهن على وهن » ثم صنعت وقوفهم من انحنائها شامخة لصعب الوقت دونهم؟

أمنها وهي ترقب دروبهم ساعين في مناكب الحياة أطفالا لا يكبر إلا حبها لهم و قلقها عليهم ؟

أمن أمنياتها بأن تغمض عينيها عليهم محبة ودعاء راجية أن تكون هي نطاق حمايتهم من خدوش القلب ومصاعب الدرب ؟

أمن صلواتها وهي تتجلّد أمامهم مهما أوجعتها الحياة، فترسم بابتسامتها فرح أيامهم وتشكّل بدعائها ألوان أحلامهم ؟

أم من زوجة تتكامل وزوجها فترفد سعيه بمحبة يحتاجها، ونأيه بمسؤوليات تنهض بها، وتعبه بأنامل من مطر وأمان، وحلمه بتوحد ووفاء ؟ لينهضا معا بعائلة مُحبّة معطاء، لا تعرف المستحيل، ولا تنكسر رماح وقتها بالتحديات وإن عرفتهم فرادى إلا أنهم يواجهونها معا.

أم منْ ابنةٍ هي الغيم حنانا وبرًا وحبّا ؟ ؛ تحبو لتملأ البيت بهجةً، ثم تمشي لتوزع الضوء على زواياه، وتنطقُ لتلمس قلب والدها والمحيطين حضورا آسرا و جمالا لا يُحدّ، ثم سندا لوالدها وبلسما لأيامه.

ثم قبل وبعد كل ذلك هل ننساها جناحا لا يحلق الوطن إلا به؟ جناحا منافسا ومعززا ومكملا لجناح أخيها الرجل، ضفتي سعي مخلص وتكامل عزيز؛ وصولا لسماوات غد مأمول لوطن يحبنا ونحبه.

من نحن إن نسينا قريب الوقت ومرآته التي تجلت فيها المرأة، طاقة تضحية لا تنفد وهي تنقذ أبناءها من غرق محتّم، ثم تظل واقفة كنخلة عطاء وهي تسند رضيعها لنافذة تؤويه ولا تؤويها من الغرق، وتبقى لساعات تحمل بين يديها المرفوعتين رضيعها، مطمئنة لأمانه المؤقت وإن بلغ الماء رئتيها؟

من نحن إن نسينا جهدا جبّارا لمخلوق من عاطفة هو المرأة وهي تسعى حثيثا لترتيب أولويات لسكّان قلبها من أطفال ووالدين، ولا تفكر في حدود طاقتها، إذ تعرف يقينا ما تؤتى حينها من طاقات مضاعفة، وسند رافده العاطفة ومحركه الحنان؟

من نحن إن استهنّا يوما بطاقة المحبة وطاقة الحنان وطاقة العطاء ونحن نرى امرأة عمانية تجاوزت السبعين تسعى بين الداخلية والباطنة تلبية لنداء الإنسان ونداء عمان، لتثبت لنا جميعا أن لا سماوات تحد عطاءها ولا مجازات تحتوي طاقتها، ولا قيود تمنعها من عطاء لا نفاد له.

فطوبى لكل امرأة عمانية، عرفت ما وهبها الله من طاقات جبّارة تبدأ بالعاطفة، ولا تنتهي أبدا، طاقات وتجليات وجمالات لا يمكن أن تحد أو تقيد على شكل وظيفة أو منصب أو شهادة علمية.

هو يومك أيتها العمانية الرائعة السخية فامنحي نفسك ما تستحق من تكريم، وما يليق بها من أوسمة. الخفيُّ من روائعك لا يتكشّفُ ولا يتفشّى، أما بعضها فيشي بالكل و بعطرك الأخّاذ الآسر وإن جاهدت في إخفائه تواضعا و إيثارا.

ابتسمي وأنتِ تلمسين جنى تعبك خطوة بعد أخرى، ولا تنسي أن تمنحي روحك وردها الأجمل وعطرها الأبقى، و جوهرها الأبقى.

ابتسمي وأنتِ تمضين إلى منازل قادمة من تعب وجهد محببين، وابتسمي وأنتِ تأوين إلى فرح عابر أو أمان مقيم، فقدر النخل العطاء، كما أن قدرها الكبرياء.

ابتسمي وأنتِ تهدهدين بيدٍ طفلا هو بعض قلبك، وبالأخرى وطنا هو كل قلبك، واهنئي بكليهما عضدا وسندا.

ابتسمي وأنتِ تجمعين ورود المحبة امتنانا، واعتزازا، وفخرا بكل أولئك المحبين حولك، وعلى صدر المحبين المحتفين تأتي عمان وتأتين أنتِ.