صنّاع الحاضر، مستشرفو المستقبل

24 أكتوبر 2021
24 أكتوبر 2021

الشباب هم عماد الأمة، وهم صنّاع حاضرها و مستشرفو مستقبلها، وما كان تحديد السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- يوم السادس والعشرين من شهر أكتوبر من كل عام يوما للشباب العماني إلا إيمانا بهذا الدور المحوري لهذه الفئة المعطاءة الوثّابة.

ويؤكد جلالة السلطان المعظم هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه – هذه العناية والتخصيص بتعزيزها في خطابه قائلا: «إن الشباب هم ثروة الأمم وموردها الذي لا ينضب، وسواعدها التي تبني، هم حاضر الأمة ومستقبلها، وسوف نحرص على الاستماع لهم وتلمُّس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم، ولا شك أنها ستجد العناية التي تستحقها» عناية تجلت في كثير من حرص جلالته على الاستماع للشباب العماني، رؤاه وطموحاته وهمومه، استشرافا في رؤية عمان 2040، مرورا بكل تحديات المرحلة وصولا لغد واعد مأمول لعمان و شعبها.

ودعما واقعيا نتمثله في صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب نموذجا حيا لحضور دائم في مختلف الفعاليات والأنشطة الشبابية، ثقافية كانت أو اجتماعية أو رياضية، كما أنه مُتَضمنٌ في خطاب سموه في يوم الشباب العماني قبل عام فقد جاء فيه «وستعمل الوزارة على وضع الآليات المناسبة للإنصات للشباب واستطلاع آرائهم بما يجعلهم شركاء حقيقيين في وضع الخطط المستقبلية والبرامج الشبابية التي تستهدف واقعهم والتركيز على البرامج التي تكسبهم المعارف الجديدة وتعزز من قدراتهم» واعدا إياهم بشراكة حقيقية دفعا لعجلة التنمية، وكيف لا يكون سموه كذلك وهو ضمن هذه الفئة الواعدة المتوقدة إخلاصا و طموحا؟!

يعيش الشباب العماني اليوم في خضم عالم مليء بالتحديات، كما أنه مليء بالفرص، وفي هذه التحديات وقودٌ يُذكي فتيلَ العمل في همة الشباب سعيا للممكن من الفرص، فلا يؤخذون بظاهر الأسباب من مثبطات أو عراقيل، إذ إنها دائمة لا تنفد، ولن تعجز معتنقي أمل و طموح.

ما قد يتردد من سلبيات تُحمل على هذا الشباب المخلص ما هي إلا محفزات لسعي دؤوب لإثبات العكس، و لصنع آمال تليق بشباب واعدٍ آملٍ مُخلص، كم يطيب لي هنا تذكر وصية الأديب العربي مصطفى صادق الرافعي في «وحي القلم» قائلا

يا شباب العرب! مَنْ غَيْرُكم يُكذِّب ما يقولون ويزعمون على هذا الشرق المسكين؟

مَنْ غيرُ الشباب يضع القوة بإزاء هذا الضعف الذي وصفوه؛ لتكون جواباً عليه؟

مَنْ غيركم يجعل النفوس قوانينَ صارمة، تكون المادة الأولى فيها: قَدَرْنا لأننا أردنا؟»

ولأننا نريد لنا و بلادنا أجمل القادم لن نستسلم لعقبات أي مرحلة، وسنتعاضد يدا بيد، مختلفي الرؤى، متعددي القدرات، متكاملي الإمكانات والخبرات سعيا لخير وطن لا نرضى له إلا النهوض على آمالنا و إخلاصنا.

آمنّا بإمكانات شبابنا وقدراتهم ومهاراتهم، وكل ذلك لم يتأتَ إلا على جسر من تعب أسلافهم وسابقيهم، ومن مشقة آباء آمنوا بتعاقب الأجيال وتكامل العقود؛ فما زرعوا بذرته في أمس تحملوه عسرا وصبرا وضعوه بين يدي أجيال سترعاه - يقينا - إخلاصا وامتنانا ونصرا، وما بدؤوه وأحكموا وثاقه أوان وضع لبناته وأساسه لن ينفرط أو يتهاوى اليوم وقد بلغ أشده، وهو في قلب كل شاب عماني عجن دمَه بتراب هذه الأرض و محبتها.

كل ما قد يعتري أوقاتنا من صعوبات وتحديات اقتصادية واجتماعية - قد ترمي بظلالها على أفكارنا- دون أن تنال من همتنا وسمو أهدافنا سيتضاءل شيئا فشيئا كما يقول أحمد شوقي:

فعلِّمْ ما استطعْتَ لعل جيلاً

سيأتي يحدثُ العجبَ العُجابا

ولا ترهقْ شبابَ الحيِّ يأسا

فإِن اليـأسَ يخترمُ الشـــــــــبـابا

وليس العلم وحده ما صار يعول عليه لينكفئ اليأس، ولكن العلم يُغذى باكتساب مهارات وتنمية قدرات معاصرة مناسبة لكل انفتاح هذا العصر الذي نعيشه، مع ما يستلزم ذلك كله من استبقاءٍ واعٍ لخصوصية ثقافية وثوابت و مقدَّرات حضارية، لا نقبل لها تحولا أو زوالا.

وفي يوم الشباب العماني أباركُ كلَّ إخلاص في أي موقع كان لشاب عماني أو شابة عمانية(طالبَ علم أو ساعدَ خدمة في أسرة أو عاملا في أي بقعة من عمان) وأقول: أنتم فخر هذه الأرض وإنسانها نخلا وجبالا فلا ترضوا بغير الأعالي ملعبا ومجالا، أنتم لها مهما صعب الوقت أو ضنّت الفُرص.