سلطنة عمان بين الجهد الدبلوماسي والتعافي الاقتصادي

16 أغسطس 2022
16 أغسطس 2022

سجل هذا الأسبوع تطورات مهمة على صعيد العمل الوطني بشقيه الدبلوماسي والاقتصادي، حيث نجحت سلطنة عمان ومن خلال سياستها الحكيمة والموضوعية التي يقودها بحكمة واقتدار جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - في تثبيت الهدنة على صعيد الأزمة اليمنية، وقد جاءت الإشادة الأمريكية من البيت الأبيض أولًا وأيضًا من خلال المبعوث الأمريكي إلى اليمن خلال زيارته لليمن، علاوة على الإشادات المتواصلة من المبعوث الأممي إلى اليمن لتعطي دلالة واضحة على نجاح الدبلوماسية العمانية في الوصول إلى قواسم مشتركة فيما يخص نجاح الهدنة الثانية التي تهدف إلى تخفيف الأعباء عن الشعب اليمني بشكل خاص فيما يتعلق بقضايا السفر ووصول المواد الغذائية والمحروقات مع تواصل الجهود العمانية للوصول إلى السلام الشامل، وهو الأمر الذي سوف يتحقق في نهاية المطاف.

على الصعيد الاقتصادي، فإن وكالة فيدتش العالمية قد أعطت سلطنة عمان تصنيفًا جيدًا وهو BB مع نظرة مستقبلية مستقرة وصعود المؤشرات على صعيد نمو الناتج الإجمالي وانخفاض الدين العام وتحقيق فائض مالي بعد عشر سنوات من العجز المالي، وهذه المؤشرات سوف تنعكس إيجابا على الدورة الاقتصادية، وبالتالي على صعيد الحياة الاقتصادية وتحسين مستوى معيشة المواطن والانتعاش الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل وضخ المزيد من الأموال في الاقتصاد الوطني.

ومن هنا، فإن الذي تحقق خلال سنتين من عصر النهضة المتجددة يعد تطورًا إيجابيًا لافتًا وسوف تشهد السنوات القليلة القادمة تحقيق أرقام إيجابية مبشرة خاصة على صعيد القطاعات الاقتصادية غير النفطية مع قرب اكتمال مصفاة الدقم وأيضا محطة تخزين النفط في منطقة مركز في المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم وتنشيط المطارات والموانئ التي سجلت أرقاما جيدة مع التطور المتواصل للقطاع اللوجستي والاستثمار المتواصل في قطاع الطاقة المتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر.

الدبلوماسية الموضوعية

من خلال الدبلوماسية العمانية التي تقوم على الواقعية السياسية وآلية الحوار لحل الخلافات بين الدول نجحت هذه الدبلوماسية الحكيمة وعلى مدى أكثر من نصف قرن في تقديم ثوابت راسخة لأهمية الدبلوماسية في حل الأزمات، وقد نجحت الدبلوماسية العمانية في حل ونزع فتيل عدد من المشكلات والأزمات منذ انطلاق هذه الدبلوماسية عام ١٩٧٠ بقيادة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- وهي تمضي الآن بكل ثبات نحو النهج نفسه، وهو ما أكد عليه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - في خطاب تسلم الحكم، والآن نرى مثل تلك الإشادات الدولية ومن القوى العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. ومن هنا، فإن المشهد السياسي في المنطقة والعالم يحتاج إلى هذه الدبلوماسية العمانية التي تنطلق من ثوابت راسخة، من أهمها المصداقية والاحترام المتبادل وصدق النوايا والحياد الإيجابي. ومن هنا كان للجهود العمانية ليس فقط على صعيد الأزمة اليمنية، ولكن على صعيد قضايا المنطقة، خاصة أن العالم يترقب العودة للاتفاق النووي الإيراني الذي كان للدبلوماسية العمانية دور مؤثر استمر لسنوات من المفاوضات السرية والعلنية حتى تكلل بالنجاح وتم التوقيع على ذلك الاتفاق في فيينا عام ٢٠١٥، ولا شك أن ذلك الاتفاق قد جنّب منطقة الخليج العربي اندلاع حرب كارثية خاصة مع التحريض من قبل الكيان الإسرائيلي للولايات المتحدة الأمريكية لشن حرب ضد إيران، وبالتالي هذه مواقف مشهودة للدبلوماسية العمانية، نتحدث عنها ليس من باب الانحياز الوطني ولكن من خلال إشادات من قيادات العالم شرقه وغربه.الحرب في اليمن دخلت مرحلة صعبة ومعقدة ويبدو أن الوقت حان لوقف هذه الحرب الكارثية التي كان ضحيتها الشعب اليمني الشقيق، وسوف تواصل الدبلوماسية العمانية، ومن خلال التنسيق مع المملكة العربية السعودية الشقيقة والمبعوث الأممي والأمريكي والفرقاء اليمنيين للوصول إلى النهاية التي يترقبها كل يمني حتى يحل السلام والاستقرار في هذا البلد العربي الحضاري العريق.

مؤشرات اقتصادية مبشرة

الحدث الإيجابي الآخر جاء على الصعيد الاقتصادي وهو ما عملت عليه القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - خلال سنتين من عمر النهضة المتجددة، وها هي الأرقام والمؤشرات الإيجابية تأتي من منظمات التصنيف الدولية، حيث جاء التقرير المهم لوكالة فيدتش، التي أعطت سلطنة عمان تصنيفا جيدا حول مسار الاقتصاد العماني هذا العام وللسنوات القادمة، حيث جاء التصنيف السيادي بدرجة BB مع نظرة مستقبلية مع صعود المؤشرات وانخفاض الدين العام ووجود فائض مالي لأول مرة منذ عقد من الزمن وصعود مؤشرات الناتج المحلي بأكثر من خمسة بالمائة وعودة التعافي الاقتصادي بعد مرحلة صعبة شهدها الاقتصاد العالمي بعد تفشي جائحة كورونا والانخفاض الكبير لأسعار النفط على مدى ٧ سنوات. ومن هنا، فإن تلك المؤشرات وتحسن التصنيف السيادي يسجل للقيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - وتنفيذ الحكومة لخطة التوازن المالي، كما أن انتعاش الاقتصاد العماني سوف يكون له مردود إيجابي على صعيد معيشة المواطن العماني، حيث إن تحسن المؤشرات الاقتصادية يعطي الفرصة لتحسن الأوضاع الاجتماعية ويحسّن من الدورة الاقتصادية. وتواصل سلطنة عمان نجاحها على صعيد الملف السياسي والاقتصادي وهناك ارتباط وثيق بينهما حيث إن السلام والاستقرار في المنطقة وحتى في العالم وانتهاء الحروب والصراعات يعطي فرصة للانتعاش الاقتصادي ويوفر فرصا حقيقية للتعاون والتجارة الدولية بين دول العالم شرقها وغربها وهذا هو المنطق السياسي الصحيح الذي تنطلق منه الدبلوماسية العمانية ولا تزال محققة نجاحات من خلال المصداقية التي تتمتع به وأكسبها احتراما واسع النطاق على صعيد قيادات وشعوب العالم.

مستقبل واعد

على ضوء التطورات الإيجابية على الصعيدين السياسي والاقتصادي فإن هناك مرحلة واعدة ومستقبلًا يبشر بمزيد من الإنجازات الوطنية وسوف يحقق الاقتصاد الوطني والدبلوماسية العمانية المزيد من النجاحات، مما ينعكس على الأداء الوطني داخليًا وخارجيًا ويشكل قاطرة متواصلة على صعيد كل القطاعات خاصة التركيز على القطاعات غير النفطية التي سجلت أرقاما جيدة خلال العامين الأخيرين، وهناك مشروعات كبرى استراتيجية سوف تشكل دفعة كبيرة للاقتصاد الوطني مما سوف يشكل انطلاقة واعدة ومبشرة للاقتصاد الوطني وعلى مجمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية وهذا بدوره سوف ينعكس على المواطن من خلال البرامج المحفزة على صعيد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتوفير المزيد من فرص العمل وتجويد التعليم وغيرها من القطاعات الوطنية.

عوض بن سعيد باقوير - صحفي وكاتب سياسي