حظر الأسلحة النووية الآن

01 يونيو 2022
01 يونيو 2022

سوسي سنايدر

آن ماري سلوتر

إنَّ أحداث الثلاثة أشهر الماضية في أوكرانيا - مثل أحداث سابقة بما في ذلك ضم روسيا لشبه جزيرة القرم والتوغل في شرق أوكرانيا سنة 2014 وغزو العراق سنة 2003 والحرب الطويلة بالوكالة في سوريا- قد أثبتت خطأ الادعاءات بأن الأسلحة النووية تمنع وقوع الحرب.

إنَّ الردع النووي قد يوقف الدول التي لديها سلاح نووي من الدخول في حرب مباشرة مع بعضها البعض، كما قد يمنع الحروب بالوكالة من أن تتصاعد، وتنتشر إلى شمال الأطلسي أو المحيط الهادي ولكن من الممكن أيضًا أن يكون الردع النووي قد تسبب في نشوب الحروب ومكّن قادة الدول من القيام بأفعال مع الإفلات من العقاب.

إنَّ الدول التي تمتلك أسلحةً نوويةً قد دخلت في حروب في كثير من الأحيان مع الدول التي لا تمتلكها. إنَّ الاعتقاد الخاطئ بأن العراق قد طورت أسلحة نووية وكيماوية وبيولوجية أدى الى قيام الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها بغزو العراق في تحدٍ لإرادة مجلس الأمن الدولي، حيث تسبب ذلك في مأساة إنسانية وعقدين من انعدام الأمن في المنطقة وخارجها. إنَّ معاهدة عدم الانتشار التي تدعو إلى الإبقاء بأي ثمن على الوضع الراهن بالنسبة للدول التي تمتلك الأسلحة النووية والدول التي لا تمتلكها قد قدّمت بعض الغطاء لمثل تلك الأفعال بالإضافة إلى الهجمات على المنشآت التي يشتبه بكونها منشآت نووية في العراق وإيران وسوريا. يجادل البعض بأن وجود الأسلحة النووية قد منع وقوع صراع بين القوى العظمى مما جنّب العالم وقوع حرب عالمية ثالثة، ولكن هذا الطرح يتجاهل الحروب بالوكالة التي لا حصر لها في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية طيلة الحرب الباردة، وما بعدها وذلك عندما كان الاتحاد السوفييتي (ولاحقًا روسيا) أو الصين يسلّحون أحد الأطراف وتقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتسليح الطرف الآخر.

لم تستطع لاوس التي أصبح مزارعوها أخيرًا قادرين على استخدام حقولهم مجددًا بعد عقود من المعاناة من الآثار القاتلة للذخائر غير المنفجرة من حقبة حرب فيتنام، تجنب صراع القوى العظمى، وبالنسبة إلى الجواتيماليين والهندوراسيين والنيكاراغويين والسلفادوريين الذين يكافحون من أجل إنشاء مجتمع خالٍ من العنف المرعب، فإنَّ غياب حرب القوى العظمى يعني ببساطة التفويض بالموت والدمار.

بالإضافة إلى ذلك فإنَّ تعريف القوى العظمى غامض علمًا أن المختصين بالعلوم السياسية والسياسة الخارجية قد ناقشوا منذ فترة طويلة أفضل مقاييس القوة الوطنية وطبقًا لتقرير أخبار الولايات المتحدة الأمريكية والعالم فإنَّ أقوى دول العالم «هي الدول التي تهيمن بشكل ثابت على عناوين الأخبار، وتُشغل صناع السياسات وتشكّل الأنماط الاقتصادية العالمية».

على الرغم من سريان مفعول معاهدة عدم الانتشار النووي منذ سنة 1970، فلقد تمكنت الهند وباكستان وكوريا الشمالية وإسرائيل من اكتساب أسلحة نووية مع استمرار دول أخرى بالمحاولة ولهذا السبب وفي سنة 2007 كتب وزراء الخارجية السابقون في الولايات المتحدة الأمريكية هنري كيسينجر وجورج شولتز ووزير الدفاع السابق ويليام بيري وعضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق سام نان مقالاً في صحيفة وال ستريت جورنال دعوا فيها «إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية». لقد حذّر هولاء بعد عقدين تقريبًا من انتهاء الحرب الباردة من عالم يوجد فيه ما لا يقل عن 30 قوةً نوويةً، حيث توصلوا إلى استنتاج مفاده أن الاعتماد على الأسلحة النووية لمنع نشوب الحرب قد أصبح «أكثر خطورة وأقل فعالية على نحو متزايد».

لقد استضافت الحكومة النرويجية سنة 2013 مؤتمرًا عن العواقب الإنسانية للأسلحة النووية -وهو أول اجتماع للحكومات من أجل النظر في تأثير تلك الأسلحة على الناس والكوكب. لقد وصف المتحدثون تأثيرات الجيل الثاني والثالث من تفجيرات الأسلحة النووية والتي لم تجبر الناس على أن يشهدوا تجربة ألف شمس متفجرة فحسب، بل أنهت أيضًا جهودهم من أجل تكوين أسرة وإعادة بناء حياتهم والعيش بكرامة والشعور بعودة الحياة إلى طبيعتها بعد معاناة استخدام الأسلحة النووية أو اجراء التجارب عليها. لقد أوضحت المؤتمرات الإنسانية اللاحقة في المكسيك والنمسا الأساليب التي من خلالها يحطّم الردع النووي حياة البشر (إنَّ من المزمع عقد اجتماع مماثل في فيينا في يونيو). يتطلب الردع النووي إظهار القدرات النووية مع العواقب المدمرة لذلك على الناس والمجتمعات الذين يتأثرون بذلك في أستراليا وجزر المحيط الهادي وسهوب آسيا الوسطى والولايات المتحدة وشمال إفريقيا وصحراء تاكلامكان الصينية. إنَّ الأسلحة النووية مثل جميع أسلحة الدمار الشامل لا يمكن أن تكون ضمن حدود قوانين الحرب ولحسن الحظ فإنَّ نفس الجهود الحثيثة التي أنهت تقريبًا نشر الألغام الأرضية والذخائر العنقودية قد أفضت الى التوصل لمعاهدة حظر الأسلحة النووية والتي دخلت حيز التنفيذ في يناير 2021. لقد تم التوصل لمعاهدة حظر الأسلحة النووية -المعاهدة الوحيدة التي تجعل استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية غير قانوني- من قبل جميع تلك الدول التي تحطّم أمنها بسبب عقود من الحروب بالوكالة بين القوى المسلحة نوويًا. لقد تم اعتماد المعاهدة من قبل 122 دولة وهذا يشكّل إقرارًا بأن قوانين الحرب تنطبق بالتساوي على جميع الدول بغض النظر عما هو موجود في ترسانة كل دولة.

إنَّ الأسلحة المصممة لقتل المدنيين بشكل جماعي وإرهاب العالم وتمكين الإفلات من العقاب من جرائم الحرب لم يعد من الممكن التعويل عليها من أجل «منع وقوع الحرب». إنَّ من الآثار الأخرى لحرب بوتين في أوكرانيا واستعداده للتلويح بتهديد الأسلحة النووية إحياء الجهود من أجل تخليص العالم من تلك الأسلحة.

آن ماري سلوتر المديرة السابقة لتخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية

سوسي سنايدر منسق القطاع المالي للحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية