حزب العمال والناخبون المسلمون

06 مايو 2024
06 مايو 2024

ترجمة: بدر بن خميس الظفري -

شهدت الانتخابات المحلية والبلدية تخلي العديد من الناخبين المسلمين الذين تعودوا منح أصواتهم لحزب العمال عن الحزب الذي دعموه بإخلاص لعقود من الزمن.

أتذكر هنا إحدى المقابلات التي شاهدتها في منطقتي المحلية لرجل يقول: «شعرت بالاشمئزاز عندما دعم (كير ستارمر) العقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين في غزة، فكيف يمكنني التصويت لشخص لم يعتذر عن ذلك؟ في إشارة إلى أداء ستارمر في مقابلة على قناة (إل. بي. سي) في أكتوبر الماضي، وأكدها أحد كبار زملائه في الأسبوع نفسه.

صحيح أن حزب العمل ادعى أن موقفه قد أسيء تفسيره، وأن موقفه بشأن غزة تغير في نهاية المطاف، وإن كان ذلك بعد أن قتلت إسرائيل أكثر من 25 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وبعد أن اعتبرت محكمة العدل الدولية أن إسرائيل ارتكاب الإبادة الجماعية. فعلى سبيل المثال، قال ديفيد لامي، وزير خارجية الظل: إن إسرائيل يجب أن تمتثل لحكم محكمة العدل الدولية «الخطير للغاية» بالكامل، ودعا الحزب إسرائيل إلى «وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية». فيما دعت (ليزا ناندي)، وزيرة الظل للتنمية الدولية، إلى استئناف تمويل وكالة الأمم المتحدة للإغاثة (الأونروا).ومع ذلك، كما أخبرني ناخب آخر: «من المفترض أن يكون رئيس الوزراء القادم هو المتبوع، وليس التابع. متى سيكون قائدا مؤثرا ويوقف تمويل دولة الفصل العنصري من أموال دافعي الضرائب؟».

وهذا يقودنا إلى موضوع المقال، فهل سيستطيع حزب العمال أن يجذب هؤلاء الناخبين مرة أخرى، أم أن المقابلة التي أجرتها قناة «إل بي سي» مع ستارمر مشابهة لعبارة جوردون براون مع جيليان دافي أو حرب العراق، التي أدت إلى خسارة جيل من ناخبي حزب العمال لسنوات عديدة؟ قد تكون هذه معركة شاقة، لكن ذلك ممكن.

لقد رأينا كيف فاز مرشحا حزب العمال صادق خان وأندي بورنهام بانتخابات رئاسة البلدية في المناطق ذات الكثافة السكانية الكبيرة من المسلمين. يتمتع كلاهما بسجل طويل في التعامل مع المجتمعات الإسلامية كمواطنين عاديين، وكلاهما كسرا صفوف حزب العمال في المطالبة بوقف إطلاق النار في أواخر أكتوبر من العام الماضي. لقد قادوا الطريق، وحصلوا على ما يريدون.

وعلى مستوى العمل الوطني، فإن التحدي المتمثل في إعادة بناء الثقة أصعب بكثير. بل وربما يكون التغلب على هذه المشكلة أمرًا لا يمكن التغلب عليه في الانتخابات العامة المقبلة، نظرًا للأخطاء التي ارتكبت بشأن غزة، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم إحدى القضايا الأطول أمدًا وهي الفشل في التعامل مع المجتمعات الإسلامية.

والصورة الخاطئة هي تلك التي يقدمها اليمين المتطرف وغيره من الرافضين المثيرين للانقسام، الذين يستشهدون بنتائج الانتخابات المحلية لتشويه صورة المسلمين، مما يشير إلى أن التصويت يظهر أننا نهتم فقط بالقضايا الخارجية.

وتردد أصوات مجهولة الهوية داخل الحزب هذه الآراء العنصرية، وتعامل الناخبين المسلمين كأجانب دون أن يكون لهم الحق في اختيار من يصوتون له. وكان هناك «صوت عمالي رفيع» نقل عنه وصفه استقالة أعضاء المجلس بشأن قضية غزة بأنها «التخلص من البراغيث».

وقد أدانته (إيفيت كوبر)، وزيرة الداخلية في حكومة الظل، ووصفته بأنه «قول مشين». ومع ذلك، تحتاج قيادة حزب العمال، في رأيي، إلى رفض مثل هذه الروايات وإعادة ضبط فهمها للناخبين المسلمين البريطانيين باعتبارهم جهات فاعلة نشطة وعقلانية في نهاية المطاف، ولا يمكن اعتبارهم، مثل المجموعات الأخرى، جماعة لا فائدة منها، ويبحثون عن أحزاب تدافع عن السياسات التي تهمهم.

ولنتأمل هنا القضية المركزية المتعلقة بالإبادة الجماعية الجارية في غزة. تتمثل القضايا الأساسية في ضعف عملية صنع القرار، والافتقار إلى القيادة، وعدم الالتزام بالقيم الأساسية لحزب العمال مثل حقوق الإنسان والعدالة والقانون الدولي. أليست هذه قضايا عقلانية ينبغي علينا جميعا أن نهتم بها؟

الجدير بالذكر أن الجيلين الأول والثاني من المسلمين، بكل تنوعهم، يشاركون وينخرطون في ديمقراطيتنا، إلا أنّ معظم هؤلاء المسلمين لم يعودوا يصوتون بشكل جماعي لحزب العمال، ففي حين أن قِلة من الناس ينتقلون إلى حزب المحافظين، بسبب كراهية الإسلام في الحزب، فإن كثيرين يجدون بدائل، سواء مرشحين مستقلين أو ديمقراطيين ليبراليين والحزب الأخضر. إنهم يشعرون بالحرية في البحث عن بدائل. ومع توقع فوز حزب العمال بأغلبية كبيرة في الانتخابات العامة المقبلة، فبوسعه تحقيق الفوز من دون أن يتهم بأنه يؤيد بديلا يمينيا سيئا.

ومن الجدير بالذكر أيضًا أنه إذا كان حزب المحافظين قد تحول نحو شخص مثل (آندي ستريت)، العمدة السابق لمنطقة (ويست ميدلاندز)، فهناك عدد من المسلمين الذين يمكنهم التحول إلى حزب المحافظين. وفي خطاب التنازل اللطيف الذي ألقاه ستريت، دعا إلى شكل «حديث وشامل» من التيار المحافظ، ورفض بحماس النظرة المعادية للإسلام داخل حزبه.

لذا، لدينا خيارات، ولكن من الواضح أن حزب العمال لديه خيارات أيضًا، إذ يمكنه الاستماع إلى الناخبين المسلمين البريطانيين وإشراكهم مشاركة حقيقية ومحاولة فهم وجهة نظرهم. ويمكنها تقديم اعتذار عن الأخطاء، واتباع سياسة داخلية تتمحور حول العدالة، وليس الانحياز، وسياسة خارجية «واقعية تقدمية» تقوم على العدالة وحقوق الإنسان والمساواة. سنجد الوسيلة، إذا توفرت الإرادة.

مقداد فيرسي المتحدث باسم المجلس الإسلامي في بريطانيا، وهو يكتب بصفته الشخصية

عن الجارديان البريطانية