جريدة عمان بين الإنجاز المهني والدور الوطني

13 ديسمبر 2022
13 ديسمبر 2022

تحتفل جريدة عمان اليوم بمرور نصف قرن من العطاء المهني والدور الوطني لهذه الصحيفة التي أخذت على عاتقها توثيق مسيرة النهضة العمانية الحديثة من خلال مسيرة ليست سهلة منذ انطلاقها الأول في مكاتبها المتواضعة في بيت الفلج على يد رواد ومؤسسي الجريدة من العمانيين والأشقاء العرب لتبدأ الرحلة المهنية لدار جريدة عمان للصحافة والنشر والإعلان في مكاتبها في منطقة روي التابعة لولاية مطرح.

ولا شك أن انطلاقة جريدة عمان وعصرها الذهبي انطلق من ذلك المبنى حيث وجود منطقة روي والتي كانت في عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي هي قلب العاصمة التجاري.

لقد شهدت جريدة عمان نقلة مهمة في عقد الثمانينيات ليس فقط من الناحية الفنية أو الإعلانية ولكن من خلال انطلاق جيل وطني آمن بأهمية المهنة من خلال حماس منقطع النظير على الصعيد التحريري والإداري والفني وحتى الإعلاني والتوزيع، وكانت قيادة الجريدة في ذلك الوقت حريصة على الدفع بالكوادر الوطنية نحو امتهان الصحافة وهي من المهن الصعبة والمعقدة. ولعل العامل الأساسي الذي ساعد على ظهور جيل الثمانينيات بشكل خاص، هو وجود عدد من الصحفيين العرب أصحاب الخبرة من مصر والأردن وفلسطين والسودان حيث كان للتوجيه والاحتكاك دور كبير في ظهور الأقلام الوطنية في كل أقسام جريدة عمان. ويبدو لي أن المهمة كانت صعبة في ظل الظروف الفنية المحدودة حيث لا وجود للتقنية أو الاتصالات المتقدمة التي نشهدها الآن حيث كان العمل اليدوي هو سيد الموقف.

لقد استطاعت جريدة عمان من خلال مسؤوليها ومحرريها والفنيين والإداريين وفي مجال الإعلان والتسويق لعب دور محوري في إبراز كل مظاهر النهضة العمانية الحديثة كلمة وصورة وهو ما يتواجد حاليا في أرشيف جريدة عمان ومجلداتها حيث تم رصد كل شيء في مسيرة وطنية لا تزال متواصلة في عصر النهضة المتجددة التي يقودها بحكمة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ كما أن الكوادر الوطنية الشابة تقوم الآن بدورها وسط تحديات مختلفة تبعا لمتغيرات حقيقية أساسها التقنية وظهور شبكات التواصل الاجتماعي والتطورات التكنولوجية والتي فرضت واقعا وتحديا حقيقيا أمام الصحافة الورقية.

وتواصل دور جريدة عمان عند انتقالها إلى المبنى الحديث في مدينة الإعلام حيث شهدت تطورا فنيا كبيرا من حيث المضمون والمحتوى والشكل الفني وها هي تواصل دورها الوطني من خلال رؤى جديدة والواقع الجديد تحت راية وزارة الإعلام.

إن مسيرة جريدة عمان حافلة بالمحطات التي يصعب سردها في مقال ورغم أنني أحد الكوادر التي التحقت بجريدة عمان في منتصف الثمانينيات من العقد الماضي في منطقة روي، إلا أن مسارات وأحداث كثيرة ستوثق لرحلة صحفية لإحدى أهم الصحف العمانية في العصر الحديث والتي واكبت نهضة سلطنة عمان الحديثة منذ نصف قرن وتحديدا منذ صدور عددها الأول يوم الثامن عشر من نوفمبر من عام ١٩٧٢ ولا شك إن الجيل الأول والمؤسس لجريدة عمان من أبناء الوطن ومن الأشقاء العرب يسجل لهم ذلك الإنجاز المهني خاصة، وإن الظروف الوطنية كانت صعبة على الصعيد الفني والبشري حتى المادي حيث كانت سلطنة عمان بقيادة سلطانها الشاب آنذاك السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ تواجه تحديات عسكرية داخل الوطن وتحديات سياسية من خارج الوطن.

ومن هنا كان دور جريدة عمان وبقية الصحف والمجلات الوطنية محوريا في مجال التنوير والتوعية وشحن الروح الوطنية وهذه من السمات الأساسية للإعلام العماني في العقد الأول من نهضة سلطنة عمان الحديثة.

جريدة عمان التي تشهد اليوم الاحتفاء بتاريخ حافل بالعطاء لرحلة صحفية ومهنية شاقة حققت طفرات في ملاحقها المختلفة من ملحق الولايات والملحق الاقتصادي والملحق الرياضي والملحق الثقافي والملحق السياسي علاوة على انطلاق كوادر وطنية جابت العالم شرقا وغربا لتغطية أهم المؤتمرات العربية والإقليمية والدولية مما أكسبها خبرة كبيرة، وكان لثقة المسؤولين في تلك المرحلة دور مهم بالدفع بتلك الكوادر الوطنية كل عام وجريدة عمان في تقدم مهني ومحتوى متطور خاصة على صعيد الرأي والتحقيقات الاستقصائية، وعلى صعيد التحليل السياسي والاقتصادي على اعتبار أن الصحف الورقية لا تستطيع ملاحقة الخبر في عصر التقنية الحديثة والهواتف الذكية وفي هذه المناسبة الجميلة كل التحية والتقدير لكل الزملاء والزميلات من الصحفيين والصحفيات والفنيين والإداريين ورجال التسويق والإعلان والتوزيع وكل رؤساء التحرير الذين تعاقبوا على قيادة جريدة عمان في السنوات المختلفة.

كما أن التحية والتقدير موصولة إلى كل وزراء الإعلام الذين كان لهم دور مقدر بالدفع بجريدة عمان وكوادرها الوطنية إلى الأمام وكل عام وعمان الجريدة وعمان الوطن بألف خير وتقدم في ظل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي يعطي مجال الصحافة والإعلام الاهتمام والدعم والمتابعة لمزيد من الارتقاء والتطور المهني للإعلام العماني.