الكيان الإسرائيلي وفلسفة العنف

19 أبريل 2022
19 أبريل 2022

منذ عام ١٩٤٨ وظهور الكيان الإسرائيلي والذي صاحب ذلك نكبة الشعب الفلسطيني وهي من أكثر النكبات السياسية والإنسانية في التاريخ الحديث وذلك الكيان الإسرائيلي الغاصب يثبت كل يوم انه كيان لا يريد السلام مع العالم العربي ولكنه يريد السيطرة على الأرض الفلسطينية وبقية الأراضي العربية في الجولان السوري المحتل وأجزاء من الأراضي اللبنانية.

ومن هنا فإن الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى المبارك والمصلين الآمنين وفي هذا الشهر الفضيل يعطي تأكيدا أن الكيان الإسرائيلي هو احتلال بغيض لا يحترم المواثيق الدولية ولا يعطي اعتبارا للحرمات الدينية ولا يحترم حقوق الإنسان، مما يعني انه كيان شاذ عن قواعد القانون الدولي ولا يهتم بقرارات الشرعية الدولية مما يستوجب محاصرة هذا الكيان الغاصب قانونيا وإعلاميا ودبلوماسيا علاوة على استمرار مقاومة الشعب الفلسطيني للكيان المحتل وهي مقاومة مشروعة لأي شعب ضد المحتل.

الموقف العربي

المعروف أن الوضع العربي ليس في أفضل حالاته منذ اندلاع الثورات العربية عام ٢٠١١ واندلاع عدد من الحروب الأهلية واشتعال خلافات عربية ـ عربية لعل أبرزها الأزمة الخليجية التي اندلعت عام ٢٠١٧ وتمت المصالحة بقمة العلا السعودية في يناير عام ٢٠٢١ كما أن تباين المواقف السياسية العربية لا يزال حاضرا حول عدد من القضايا، كالأزمة السورية والحرب في اليمن والوضع في ليبيا والتوتر في العراق ولبنان. ومن هنا فإن القضية الفلسطينية تأثرت بتلك الخلافات العربية ـ العربية. ومن هنا فإن الإدانات العربية ضد اقتحام الصهاينة للمسجد الأقصى المبارك هي أقصى ما يمكن الوصول إليه وهي مواقف إيجابية على الصعيد السياسي، كما أن عددا كبيرا من الدول الإفريقية والآسيوية وفي أمريكا اللاتينية قد أدانت السلوك الإسرائيلي المشين الذي ينتهك الأعراف الأخلاقية والإنسانية والاعتبارات السياسية. ومع ذلك فإن طرح تلك الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة ضد أبناء الشعب الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة والاقتحام المتكرر لثالث الحرمين الشريفين هي جريمة بكل معنى الكلمة وعلى الدول العربية ومن خلال جلسة مجلس الأمن أن يتم فضح الممارسات المشينة للكيان الإسرائيلي ضد دور العبادة وضد المصلين الآمنين واستخدام العنف لأسباب تتعلق بالأزمة الإسرائيلية داخل الكيان.

إن الكيان الصهيوني تمادى كثيرا في انتهاكاته ضد المسجد الأقصى المبارك وإن المجتمع الدولي لابد أن يقف بحزم تجاه تلك الممارسات العدوانية، والتي تنم عن عقلية العنف الإسرائيلية والتي هي أقرب لعمل العصابات، كما أن مجلس الأمن عليه مسؤولية قانونية وأخلاقية لحماية الأماكن المقدسة والشعب الفلسطيني في القدس وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة وان تكرار مثل تلك الممارسات المشينة سوف يصعد التوتر في المنطقة. ويعطي دليلا قاطعا أن الكيان الصهيوني لا يريد السلام وحتى مسألة التطبيع مع عدد من الدول العربية هي مجرد تسويق لمشاريعه الاستيطانية ورغبته في الهيمنة على المنطقة.

ومن هنا فإن الجانب العنصري للكيان يتضح في كل أزمة في فلسطين المحتلة خاصة وان الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي هو آخر احتلال استيطاني في التاريخ الحديث وأن هذا الاحتلال سوف يزول لا محالة لأن هذا هو منطق الأشياء.

مقاومة الشعوب

على مدى التاريخ القريب والبعيد ليس هناك محتل ينسحب من الأرض دون مقاومة ولعل نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا هو نموذج على ظلم الإنسان والقهر لأبسط حقوق الإنسان وفي تصوري أن الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة تجاوز في انتهاكاته والعنف المستخدم نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. ومن هنا فإن المقاومة الفلسطينية هي جزء من مقاومة الشعوب لأي محتل.

وقد رأينا الشعوب تقاوم المستعمر في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية للحصول على الاستقلال وعلى حقوقها المشروعة وعلى ضوء ذلك فإن الشعب الفلسطيني ليس استثناء فهو يقاوم المحتل الإسرائيلي منذ اكثر من 7 عقود وعلى الكيان الإسرائيلي أن يدرك حقيقة تاريخية أنه مهما امتلك من قوة عسكرية ودعم أمريكي وانحياز فإن احتلاله للأرض الفلسطينية لا يمكن أن يستمر لأن هذا هو منطق التحولات التاريخية، فقطاع غزة وهو شريط ساحلي محدود ونسبة عالية من السكان سجلت مقاومة وردعا عسكريا ضد المحتل في عدة حروب، وهذا يعطي مؤشرا على أن الشعب الفلسطيني سوف يواصل المقاومة المشروعة ضد المحتل الإسرائيلي حتى يذعن هذا الأخير لقرارات الشرعية الدولية وهي إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ورجوع ملايين اللاجئين إلى ديارهم هذه ثوابت راسخة لا يمكن التخلي عنها كما أن الدول العربية قدمت مبادرة إيجابية لإحلال السلام الشامل والعادل خلال قمة بيروت عام ٢٠٠٢

ومع ذلك ترفض إسرائيل تلك المبادرة لأنها تريد الاستيلاء على كل أرض فلسطين التاريخية كما أن الانحياز الأمريكي شجع الكيان الإسرائيلي على التمادي والعنف، وهذه إحدى السمات السلبية في السياسة الخارجية الأمريكية، ومن خلال تواصل المقاومة الفلسطينية ووقوف الشعوب المحبة للسلام مع الحق الفلسطيني والعربي، فإن الكيان الإسرائيلي سوف يظل كيانا منبوذا خاصة من قبل الشعوب. وهذه من اكبر العقبات أمام المشروع الاستيطاني الصهيوني الذي قام عليه الكيان عام ١٩٤٨، فالقضية الفلسطينية ورغم تردي الوضع العربي ستظل حية في العقول والقلوب على الصعيد العربي والإقليمي والدولي لأنها قضية عادلة لشعب طرد من أرضه وتعرض لظلم كبير من قبل كيان لا يحترم المواثيق الدولية.

بعيدا عن العنف

على مدى 7 عقود من الاحتلال يثبت الكيان الصهيوني انه لا يريد السلام ولكنه يريد الأرض والأمن وهذا أمر لا ينسجم مع الواقع حتى معاهدات السلام تبقى مع الأنظمة السياسية، ولكن تبقى الشعوب رافضة للمحتل ولعل الشعبين المصري والأردني هما نموذجان في هذا الإطار، فهناك رفض شعبي للاحتلال الإسرائيلي ورفض للعنف والانتهاكات اليومية التي يمارسها ضد الشعب الفلسطيني وكذلك بقية الشعوب العربية ومن خلال نظرة فاحصة على ردود الفعل في شبكات التواصل الاجتماعي بعد جريمة اقتحام المحتل الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى وانتهاك الحرمات والتعدي على المصلين الآمنين في هذا الشهر الفضيل يتضح مدى التنديد الشعبي العربي بجريمة الكيان الإسرائيلي ضد حرمة المسجد الأقصى. وهذا يعطي مؤشرا على أن الكيان الإسرائيلي سيظل كيانا منبوذا بأفعاله غير المشروعة وتماديه في العنف ضد الشعب الفلسطيني خاصة وان رئيس الوزراء الإسرائيلي يتحدث عن السلام وجنوده يمارسون أبشع أنواع العنف ولعل الهدف الأسمى هو إنهاء الاحتلال وإقامة السلام الشامل والعادل وتعيش المنطقة وشعوبها في ظل الأمن والاستقرار. أما بدون تحقيق الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني واستعادة أراضيه والأراضي العربية المحتلة في الجولان وجنوب لبنان سيظل الصراع العربي الإسرائيلي متواصلا لعقود قادمة. وقد نشهد حروبا تقودها أجيال لاحقة.