استخدامات الشباب لوسائل التواصل الاجتماعي

22 مايو 2023
22 مايو 2023

فبسبب سرعة انتشارها نجحت في التأثير على اتجاهات الأفراد والمجموعات وتشكيل فكر المجتمع والتأثير في ثقافته وأطباعه.

قبل عدة أشهر تحدثت في أحد المقالات عن الشباب الرقمي وشبكات التواصل الاجتماعي، ووضحت أن «هناك إجماعا بوجود تأثير اجتماعي لمواقع التواصل الاجتماعي على الشباب، فقد أكدت دراسات أن شبكات التواصل الاجتماعي تساعد الشباب على إشباع الحاجات الاندماجية والوجدانية كونها أدوات تتيح لهم ممارسة ما يشعرون به، وأنها غيرت من طبيعة العلاقة التي تربطهم مع أصدقائهم وعائلاتهم وزملائهم وهي فرصة لإنشاء الهوية الافتراضية»، ومع ارتفاع معدّل استخدام الشباب لوسائل التواصل الاجتماعي خلال السنوات الماضية، ومن اطلاعنا المستمر بما يتداول في شبكات التواصل الاجتماعي ورصدنا المتواصل للتفاعل مع مختلف الموضوعات والقضايا، قمنا بإجراء دراسة حول استخدامات الشباب (18-29) سنة لوسائل التواصل الاجتماعي، وكانت نسبة الذكور من فئة الشباب تمثّل 38.6% والإناث 61.4%؛ إذ سجّلت نسبة 85.3% كأعلى نسبة من عينة الدراسة الذين بلغوا من العمر 24-29 سنة، والحالة الاجتماعية لعينة الدراسة كشفت أن نسبة 11.8% من فئة الشباب هم طلبة و85.8% موظفون، و2.4% باحثون عن عمل، أيضا أظهرت نتائج الدراسة أن 48% من عينة الدراسة هم من حملة مؤهل البكالوريوس، و26% من حملة مؤهل الماجستير فأعلى، و18.1% من حملة مؤهل الدبلوم ما بعد الدبلوم العام، و7.9% من حملة مؤهل دبلوم التعليم العام، أما استخدامات الشباب لوسائل التواصل الاجتماعي، فقد أظهرت النتائج أن أكثر البرامج استخداما هو تطبيق الواتساب؛ إذ حصل على أعلى نسبة بلغت 96% ثم تطبيق انستجرام بنسبة 80%، فيما جاءت منصتا يوتيوب وتويتر بنسبة متقاربة وبلغت 70% لتويتر و71% لليوتيوب، أما تطبيق سناب شات فكان بنسبة 53%، ثم تطبيق تيك توك بنسبة 30%، وأخيرا منصة فيس بوك بنسبة استخدام 28.3%، وتوصّلت الدراسة إلى أن تطبيق الواتساب يعد الأكثر استخداما وذلك لسهولة التفاعل بين الأشخاص برقم الهاتف الشخصي والتواصل مع الأقارب والأصدقاء والزملاء بشكل شخصي وباستخدام باقات الإنترنت، أما الفيس بوك فأقلها استخداما لدى العينة رغم وجود حساب لديهم وتسجيل الدخول في المنصة ولكن ليس للاستخدام الفعال وإنما لارتباط الفيس بوك بالمنصات الأخرى كالانستجرام وضرورة تسجيل الدخول فيه لفتح حساب في الانستجرام الذي حل في المرتبة الثانية وفقا للعينة، أيضا كشفت نتائج الدراسة أن نسبة كبيرة بلغت 62.2% يقضون ساعات طويلة على وسائل التواصل الاجتماعي تصل من ساعة إلى خمس ساعات يوميا، في حين أن نسبة محدودة منهم تصل إلى 5.5% يقضون أكثر من عشر ساعات يوميا على منصات التواصل الاجتماعي، وأبرزت نتائج الدراسة أن نسبة 73.2% من عينة الدراسة يستطيعون الاستغناء عن وسائل التواصل الاجتماعي مؤقتا والنسبة الأقل التي بلغت 7.9% يستطيعون الاستغناء عن وسائل التواصل الاجتماعي تماما فيما أوضحت الدراسة بأن أغلبية عينة الدراسة تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لمتابعة الأخبار والمستجدات ثم التواصل مع الأهل والزملاء يليها التسلية والانشغال في وقت الفراغ ثم عرض الأفكار والآراء يليها بناء علاقات مع الآخرين ثم لأغراض بحثية وعلمية، ومن ناحية أخرى فقد أظهرت النتائج بأنهم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أقل للحصول على استشارات أسرية ونفسية والتسويق للمنتجات والأعمال التجارية وأخيرا البحث عن فرص عمل، وبالرغم من وجود دراسات وأبحاث تشير إلى إيجابية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلا أننا لا ننكر التأثير السلبي المتواصل هذه الوسائل؛ إذ بيّنت عدد من الدراسات التي اطلعت عليها بأن أكبر تحد اجتماعي لوسائل التواصل الاجتماعي هو الابتعاد عن الأنشطة الاجتماعية المحيطة وفقدان التواصل وجها لوجه في العالم الحقيقي وفقدان الخصوصية وذلك لانفصال الشباب عن الواقع الفعلي وارتباطه بالواقع الافتراضي، ومن جانب آخر أوضحت دراسة أخرى بأن الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعية تكمن في خطورة صدور صور مختلفة للانحراف الأخلاقي كالقتل، والسرقة، والإدمان، والغش، ونشر الشائعات والأكاذيب بينما الاستخدام السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي يمثّل إخلالا بالأمن كما يسهم في إحداث الانحراف الفكري والانقسام في التفاعل مع الأحداث.

إن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وكثرة خصائصها التي تجذب المستخدم وتساعده على الاستفادة منها، أتاح كثيرا من الفرص والتحديات التي لها تأثير اجتماعي ونفسي وأمني وبالنسبة لكثير من المجتمعات يعد التأثير الاجتماعي مصدر قلق كبير فبسبب سرعة انتشارها نجحت في التأثير على اتجاهات الأفراد والمجموعات وتشكيل فكر المجتمع والتأثير في ثقافته وأطباعه، فالدور الأكبر يقع على الأسرة في التربية الصالحة السليمة والتي تغرس رقابة لدى الأفراد منذ النشء وفي الاستفادة من المواد الإعلامية التي تنشرها وسائل الإعلام؛ فالتوعية لها دور مهم في التصدي للتحديات الاجتماعية والتربية الإعلامية هي أحد المنافذ لغرس الوعي لتجنب الغزو الفكري والأضرار المنوطة بوسائل التواصل الاجتماعي مع رفع مستوى توعية الشباب بالطرق المثلى لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وضرورة تأسيس الشباب على القيم والمبادئ حتى يكونوا قادرين على مواجهة ما ينشر في العالم الافتراضي.