إيران والكيان الإسرائيلي ومصير المنطقة

21 يونيو 2022
21 يونيو 2022

ما يحدث من حراك سياسي وتصعيد كلامي خاصة بين إيران والكيان الإسرائيلي والقمة الأمريكية العربية في المملكة العربية السعودية في الشهر القادم يعطي مؤشرات على اتجاه الأمور نحو التصعيد في ظل الحديث عن تحالف جديد مرتقب، وهو الأمر الذي نحذر منه في عدد من المقالات؛ لان هذا التحالف المعلن أو غير المعلن سوف يجر على المنطقة دولًا وشعوبًا ومقدرات مشكلات كبيرة خاصة إذا اندلعت حرب بين إيران والكيان الإسرائيلي.

إيران وبصرف النظر عن سياستها فهي جزء أصيل من المنطقة والآلية الصحيحة نحو إيجاد علاقات حسن جوار والحوار وفي تصوري أن نموذج العلاقات العمانية الإيرانية هو النموذج الذي ينبغي أن يسود بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والجمهورية الإسلامية. وإن الحديث عن تحالف محتمل أمنيا كان أو عسكريا بين الكيان الإسرائيلي وعدد من الدول العربية هو أمر خطير وسوف يجر المنطقة إلى آفاق معقدة وكارثية ويدخل المنطقة من جديد في أتون الحروب.

بعيدًا عن التحالفات

القضية الفلسطينية سوف تظل هي القضية المركزية للعرب ولا يمكن للكيان الإسرائيلي أن ينعم بالسلام والاستقرار، وهو يحتل أرض فلسطين، وليس هناك جدوى من مسارات التطبيع الرسمية والحل الأمثل أن تدرك إسرائيل بانها تجاور محيطا ديموغرافيا من الشعوب العربية يزيد عن ٤٠٠ مليون نسمة، وعلى ضوء ذلك فإن السلام العادل والشامل وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ هو الصيغة المقبولة التي تقدم بها العرب في قمة بيروت العربية عام ٢٠٠٢.

أما السلوك الإسرائيلي الحالي الذي يقوم على فلسفة الصراع والعنف ونشر الكراهية فهو سلوك مرفوض، كما أن جر المنطقة إلى تحالفات عسكرية، كما يتم الحديث أو الترويج له خلال القمة الأمريكية العربية المنتظرة الشهر القادم في الرياض.

إنَّ الحديث عن تحالف في المنطقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي وعدد من الدول العربية الموجه ضد إيران سوف تكون له عواقب وخيمة من الناحية الاستراتيجية، وسوف تشعر إيران أن أمنها القومي مهدد خاصة وأن العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وعدد من دول المنطقة يعطي ذلك الإحساس الإيراني وهي مسألة مفهومة. ومن هنا فإن العلاقات الأمريكية العربية هي علاقات جيدة وهناك تنسيق أمني ومعلوماتي علاوة على العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية، وهذا يعني أن الحديث عن أي تحالف جديد هو أمر غير مجد وله تبعات خطيرة على مستقبل المنطقة وشعوبها.

النموذج الأهم في الشرق الأوسط

عن تقييم السياسات للدول وعلى ضوء مسار مراكز البحوث الاستراتيجية فإنه يتطلب مرور فترة زمنية كافية لا تقل عن نصف قرن حتى يمكن استيعاب ثبات أي سياسة خارجية والتحديات التي واجهتها.

ويمكن القول إن السياسة الخارجية لبلادنا سلطنة عمان ومن خلال استقراء دقيق وبعيدًا عن العاطفة الوطنية هو النموذج الأهم على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال نصف قرن سواء من خلال العلاقات مع دول المنطقة أو على صعيد بقية دول العالم. وتلك السياسة الخارجية الحكيمة وثوابتها هي التي جعلت سلطنة عمان تتبوأ المكانة المرموقة والاحترام الدولي الواسع النطاق، وما تحظى به من مصداقية عالية، وما يطلب منها من جهود سياسية تساعد على حل عدد من الملفات المعقدة وهي معروفة.

ومن هنا فإن هذا النموذج العماني ينبغي أن يكون أساس العلاقات بين دول المنطقة؛ لأن الجغرافيا لا يمكن تغييرها، وأن الكيان الإسرائيلي في نهاية المطاف لا يريد الخير لهذه المنطقة وشعوبها، وهو كيان عنصري محتل عاث فسادًا وقتلًا في الشعب الفلسطيني على مدى أكثر من سبعة عقود. ومن هنا فإن آلية الحوار والنقاش هو أحد الثوابت الأساسية في السياسة الخارجية العمانية التي لابد أن تكون البوصلة الإيجابية في المرحلة القادمة بعيدًا عن أي تشنج أو توتر في المنطقة أو الترويج من قبل الكيان الإسرائيلي لأي تحالفات ضد إيران.

أمن المنطقة

الأمن والاستقرار في منطقة الخليج والجزيرة العربية هو من الأمور الاستراتيجية، كما أن استقرار المنطقة هو جزء من أمن العالم وحتى تستقر المنطقة لابد أن تكون هناك علاقات جوار وحوار متواصل على ضفتي الخليج ومناقشة كل الخلافات بشكل صريح، وحتى موضوع الهاجس الأمني وموضوع التحفظ على بعض مسارات السياسة الإيرانية.. كل هذه الأمور يمكن الحوار حولها بين طهران ودول المنطقة، فالكيان الإسرائيلي في تصوري تريد توريط دول المنطقة في حروب وصراعات، وبالتالي تتكرر مآسي العرب من جديد وتسيطر إسرائيل على مقدرات المنطقة، وندخل في أتون وضع خطير على أمن واستقرار المنطقة.

إن الأمن والاستقرار في المنطقة مسؤولية كبيرة وينبغي الاستفادة من دروس الماضي القريب والبعيد، وأن وجود الكيان الإسرائيلي وسط هذا المحيط الخليجي والعربي هو خطر داهم على أجيال المنطقة ومقدراتها وسوف نترقب مؤشرات القمة الأمريكية العربية القادمة ومع ذلك فإن المشهد السياسي في المنطقة أصبح أكثر توترًا خاصة بين إيران والكيان الإسرائيلي. ومن هنا فإن الرأي الحصيف هو انتهاج منطق عقلاني وموضوعي بعيدًا عن قضايا التحالفات ومؤامرات الكيان الإسرائيلي الذي يثبت بأنه لا يريد السلام ولكنه يريد المزيد من العبث وافتعال الصراعات والحروب ومواصلة احتلال فلسطين ومواصلة انتهاكاته الخطيرة ضد الشعب الفلسطيني.

عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي