أهداف متعددة الأبعاد لانفجار إسطنبول

26 نوفمبر 2022
26 نوفمبر 2022

الترجمة عن التركية: أحمد زكريا -

من الصعب الحديث عن موضوع انفجار إسطنبول في بلدٍ تضرَّر بشدة من الإرهاب حتى اليوم. ويكون الأمر أكثر صعوبة عند وقوع العمل الإرهابي، ولكن بغض النظر عن القوة الكامنة وراءه، فهذا هو بالضبط سبب أهمية التحدث عن هذا الموضوع أكثر من أي وقت مضى.

أدعو بالرحمة لكلِّ من فقدوا أرواحهم في هذا الهجوم الحقير في إسطنبول، وبالشفاء العاجل للمصابين.

من المعروف أن الإرهاب ضد تركيا مدعومٌ من جميع الجهات، وقد أصبح أداة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية. وفوق ذلك، بمساعدة المنظمات ذات التوجهات المختلفة.

لسنا بحاجة إلى أن نكون خبراء في الإرهاب لنعرف أو نقول هذه الأشياء، لأننا عانينا كثيراً وأُهْدِرت مواردنا، وأصبحت هذه التجربة المؤلمة جزءاً من حياتنا.

بالطبع، يجب ألا ننسى أننا خضنا نضالاً كبيراً ضد كل هذه الهجمات الإرهابية. في السنوات الأخيرة على وجه الخصوص، كانت هناك عمليات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، والهياكل التابعة له. ونتائج هذا النضال الناجح، تظهر في الصعوبات التي يواجهها التنظيم في تجنيد المسلحين داخل البلاد.

يبدو أن الهجوم الغادر على شارع الاستقلال قد حدث من أجل العديد من الأهداف المُتَدَاخِلة.

أولاً، لنتحدث قليلاً حول المنطقة والمدينة التي وقع فيها العمل الإرهابي.

المدينة المختارة هي إسطنبول، وهي في قلب جغرافيا شاسعة. والشارع المختار هو مكان لا يخصًّ فقط أولئك الذين يعيشون في المدينة، ولكن أيضاً لملايين الأشخاص الذين يزورون إسطنبول. إنه أيضاً الشارع الذي يتجوَّل فيه العديد من الأجانب ليلاً ونهاراً.

في وقت قصير للغاية، تم تحديد مُنَفِّذَة الهجوم، والقبض عليها بنفس السرعة. وبغض النظر عمَّا يقوله الجميع، فهذه نتيجة تجربة النضال التي ذكرتُها قبل قليل. منذ اللحظة الأولى، كان الرأي السائد، أن حزب العمال الكردستاني هو الذي يقف وراء هذه العملية. وقد أعلن وزير الداخلية سليمان صويلو للجمهور أن من وراء هذه العملية هو حزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديمقراطي.

وبلا شك، فإن ملف مُنَفِّذَة الهجوم، وإلقاء القبض عليها، يمكن أن يُخبرنا بالكثير. يعني من أين أتت، ومن أين حصلت على الدعم للقيام بذلك.

لكننا نعلم جميعاً أن هناك قوى داعمة لحزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديمقراطي، القائم بتنفيذ هذا العمل الدموي. فَمَنْ مِنْ هذه القوى وضع الخطة وبثَّ الرُّعب في الميدان؟

لفهم هذا، علينا أن نبحث في الأماكن الصحيحة.

هناك قوى منزعجة من وجود تركيا في شرق المتوسط. وتاريخهم مع المنظمة الإرهابية معروف.

وهناك دول في القوقاز تُجنُّ بسبب التوازن الذي أقمناه مع أذربيجان. لقد لعبوا دائماً دوراً في الأنشطة الإرهابية ضدَّنا.

وبينما نقف وحدنا في سوريا، لدينا "حليف" يدعم بشكل علني المنظمة الإرهابية.

في مستنقع عدم الاستقرار الذي ظهر مع الحرب الروسية الأوكرانية، صرنا نتولى أدواراً تتجاوز مسألة الوساطة العادية. إن ممر الحبوب مفتوح بفضلنا. وقد أصبحنا عنواناً لتحركات ضخمة في مجال الطاقة. في مثل هذه الأوضاع، من العبث أن نتفاجأ بأن الإرهاب يتجه نحو تركيا.

هل الهدف الرئيسي هو التوازن الداخلي؟

هناك من يقول إن الهدف الرئيسي للهجوم الإرهابي هو التوازن الداخلي لتركيا، في إشارة إلى تطورات اجتماعات التعديل الدستوري الأخير بين وفدي حزب العدالة والتنمية وحزب الشعوب الديمقراطي.

وهناك تفاصيل أخرى جديدة ومثيرة للاهتمام. فبينما تم استخدام عبارات عادية وموارِبة في البيان الذي تم الإدلاء به، نيابة عن حزب الشعوب الديمقراطي فيما يتعلق بالهجوم، أدلى صلاح الدين دميرطاش بالبيان التالي:

"إن أي هجوم يستهدف المدنيين، بغض النظر عن الغرض أو المبرر، هو إرهاب من الناحية القانونية والسياسية والأخلاقية. كما أدين العمل الإرهابي الذي يستهدف علانية المدنيين الأبرياء في شارع الاستقلال".

ماذا نفهم من هذا؟ هل هذه التطورات تشير إلى فَهم جديد يمكنه حقاً أن ينأى بنفسه عن الإرهاب، بدلاً من سياسة تقضي على الحيز السياسي المشروع الذي أعطته له الأمة، بالاعتماد على تنظيم إرهابي؟

إن صلاح الدين دميرطاش يختلف في ردِّ فعله عن أسلوب حزب الشعوب الديمقراطي، هذا صحيح. وقد ردَّ من قبل على الهجوم الذي استشهد فيه أحد ضباط شرطتنا في مرسين. ومع ذلك، بالنظر إلى الظروف الحالية، فإن القول بإعلان هذه المسافة أو توقُّع اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه، يعني تجاهل العديد من الحقائق.

أليس البيان العادي والموارِب لحزب الشعوب الديمقراطي، دليلاً على ذلك؟

* ناصوحي جونجور كاتب صحفي في جريدة "خبر ترك"، والرئيس السابق لدائرة الأخبار في التلفزيون التركي.

*عن صحيفة "خبر ترك".