Ahmed
Ahmed
أعمدة

نوافذ :تعدد الخيارات .. هل هي مشكلة؟

28 فبراير 2020
28 فبراير 2020

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

في أشياء كثيرة من حولنا، هناك أكثر من خيار للمفاضلة بينها، ولذلك فنحن لسنا مجبورين على أن ننساق إلى اختيار واحد فقط، لننهي به موقفنا، أو قناعاتنا، أو ما نوده، هذه الصورة الشائعة لدى أغلبنا، إن لم يكن الكل، ومن هنا تأتي الإشكالية في الاختيار، كما أقيّم هذه المسألة من وجهة نظر شخصية، ولذلك أرى -ومن جهة النظر هذه- أن تعدد الاختيارات ليس حلا للخروج من مأزق التوهان والتردد، ومن مأزق الوقوع؛ جهلا؛ في اختيار؛ ربما ليس الذي نريد، ونحلم، ونرجو.

وللوقوف على هذه المسألة علينا أن ندخل أي محلات لبيع الملابس، أو الأحذية، أو أدوات منزلية، أو أنواع البلاط، والسيراميك، أو الأبواب، أو النوافذ، أو حقائب السفر، أو أخرى من مستلزماتنا التي نريد، خاصة وأن القائمين على بيع هذه السلع كلها يضعونك أمام تحدي الذات في اختيار الأصلح أو الأجود، وذلك من خلال أنواع الشركات المصنعة، أو من خلال تمايزات الأسعار الموضوعة على هذه السلع، أو ألوانها، أو شركاتها المصنعة، مع أن العارفين بأحوال السوق، العارفين بمجموعة التلاعبات التي يقوم بها المسوقون، يعرفون تماما، أن كل ذلك من الوسائل التي يعمل عليها البائعون بالوقوع بمجموعة المشترين، فالحقيقة أن كل السلع تتقارب في جودتها، إلى حد بعيد.

من هنا يضع قادة الأسواق في كل هذه السلع المعروضة، علامات يصطادون بها المتسوقين ويغرونهم، ويتوهونهم، وقد يرفعون ضغطهم وسكرهم؛ بصورة غير مباشرة، مثل الألوان، الأشكال، واختلاف الشركات المصنعة، وتلعب فروقات الأسعار الدور الأكبر في إمعان توهان المتسوقين، إلى الحد الذي يصل بالبعض من هؤلاء المتسوقين إلى الخروج من سوق أحد هذه السلع دون أن يشتري، أو أن يزج نفسه في نهاية المطاف في سلعة غير التي يريدها، أو يدفع ثمنا باهظا لسلعة بالقرب منها سلعة يقل سعرها كثيرا، وتؤدي نفس الغرض، وربما تقاوم في استعمالها أكثر، فقط لأن لونها، أو شركتها المصنعة غير معروفة كثيرا.

هل يستفيد البائعون لمجمل السلع من توهان المشتري وتردده، وتململه، ووقوعه في مصيدة «حيص بيص» كما هو المثل؟ أقولها بكل ثقة نعم، والذي يحدث من إغراءات يدفع بها إلى المتسوقين من قبل البائعين، ما هي إلا اللعب على الوتر النفسي لدى المتسوق، ولذلك ينصح الكثير، بضرورة تحديد السلع التي يريد شراءها الفرد بأن يكتبها قبل الخروج من بيته، محددا من البداية الصنع، واللون، والشكل، والشركة المصنعة، وعندما يذهب إلى محلاتها، لا يضع نفسه رهان البائع يشكل آرائه، ويربك قناعاته من جديد، ويذهب به إلى الدخول في متاهات السلع في أنواعها، وتشكيلاتها، وألوانها، واختلاف الشركات المصنعة لها، موهما إياه بأهمية الجودة. عندنا في عمان مثل جميل يردده كبار السن كثيرا، نصه: «السوق يريد رجالا، ولا يريد مالا» - انتهى النص - ورجالا هنا؛ ليست مقصودة لذاتها، حيث يتساوى الرجل والمرأة في المثل، ويذهب المثل إلى القدرة في التحكم سواء في اختيار السلع الجيدة، أو السعر الجيد، وعدم الوقوع في مصيدة الباعة، فالمسألة ليست متوقفة على كم عند أحدنا، وهو يهم بالدخول إلى السوق، ولكن متوقفة على القدرة على الخروج من السوق بأقل الخسائر، وهذه ليست مسألة هينة إطلاقا، خاصة اليوم في ظل انتشار أسلوب الشراء بالبطاقة المصرفية الإلكترونية، ووجود آلات محاسبة إلكترونية مخزنة بداخلها الأسعار، حيث لا مجال بينك وبين المحاسب أن تتفاوض على سعر السلعة، فوق أن هناك محلات - أصحابها لا يخافون الله - تضع سعرا على السلعة، وتخزن سعرا زائدا داخل الحاسب الآلي، وهناك من استطاع أن يكتشف ذلك، وحدثت مصادمات، وتلاسن جراء ذلك.