ضصصقق
ضصصقق
أعمدة

ضوابط تزوير خطابات الضمان

14 أكتوبر 2020
14 أكتوبر 2020

د. عبد القادر ورسمه غالب

Email: [email protected]

تلعب البنوك دورا كبيرا في دعم التجارة وتحريك الاقتصاد عبر الدعم المالي والتسهيلات البنكية التي تقدمها للزبائن، كل وفق حاجته ومتطلباته ووضعه. ومن ضمن التسهيلات الضرورية التي تقدمها البنوك للزبائن نجد خدمة "خطابات الضمان"، وبموجب ما يقدمه البنك يحصل الزبون على الضمان المطلوب وهذا هو المطلوب من الخطاب.

ولكن نظرا لأهمية خدمة تقديم خطابات الضمان، وللثقة التي يمنحها الجميع لهذه الخطابات البنكية ذات الصبغة المالية المضمونة، نجدد هناك من تسول له نفسه بالتلاعب في هذه الخطابات أو تزويرها أو تحويرها أو تعديلها أو غيره. ومثل هذه الممارسات الاجرامية، بكل أسف لا يتم اكتشافها الا مؤخرا وفي العديد من الحالات بعد فوات الأوان ووقوع "الفأس في الرأس" كما يقولون. ومن واقع التجربة اليومية المصرفية، هناك حالات وقضايا متعددة كانت مؤلمة بالنسبة للبنوك و أو الزبائن، ويفر المجرم بما أخذ من غنيمة دون وجه حق. ولهذا الحذر ضروري بل أوجب الواجبات.

وللتقليل من حدوث مثل هذه الحالات الاجرامية السوداء ولتلافي حدوثها حتي لا تتكرر وحتى لا نلذغ منها ثانية، هناك ضوابط عديدة يتوجب اتباعها والانصياع التام لها وتطبيقها للدرجة التي تكبح جماح كل من يتلاعب بهذه الخطابات الهامة ويقدم لها الحماية المطلوبة والصون من العابثين. ومن ضمن الضوابط للسيطرة على الوضع السليم نجد مثلا، الأمر بعدم اصدار خطابات الضمان الا من الادارة الخاصة المعنية بهذه الخدمة. وهذه المركزية ستجعل الأمر محصورا في يد أشخاص معينين لهم السلطة الضرورية باصدار واعتماد خطابات الضمان، ولسرعة الاجراءات على البنوك تزويد هذه الدائرة بالعدد الكافي من الموظفين المؤهلين. واضافة لهذا، نوجه البنوك بوضع نظام "رقابة داخلية" فعال وخاص بإصدار وبمراقبة خطابات الضمان، بما في ذلك الرقابة المزدوجة لمكافحة عمليات التزوير الداخلية.

ان الحرص على تحرير خطاب الضمان على وثائق خاصة باسم البنك له دور في التقليل من التزوير أو التلاعب، وهذا بالضرورة يتطلب أن تتمتع الوثائق الخاصة بخطابات الضمان بالعديد من السمات الأمنية العالية وهذا يشمل، العلامات الأمنية الخاصة غير القابلة للتزوير، استعمال الأحبار الخاصة، الأختام الإلكترونية، الحوافر النافرة للكتابة والتوقيع، استخدام آلة الترميز، وضع أرقام متسلسلة ذات مرجعية خاصة، وضع إجراءات رقابية فعالة على المخزون الورقي حتى لا يتم تسريبه للاستخدام الاجرامي. واضافة لهذا، تضمين خطاب الضمان بيانات التواصل الخاصة بالبنك والدائرة المختصة كالهاتف والفاكس، وصندوق البريد، والبريد الالكتروني الخ، وكل هذا لتمكين الجهة المستفيدة من التواصل الفوري والتحقق من صحة بيانات خطاب الضمان.

في بعض الحالات، يظهر شك لدى المستفيد أو غيره ويحاول التواصل مع البنك لكن لا يجد أذنا صاغية. وهذه نقطة مهمة في التقليل من التلاعب بهذه الخطابات خاصة وأن التجاوب الفوري مع طلبات الجهات المستفيدة المتعلقة بالتحقق من صحة خطابات الضمان المقدم لها يحب أن يكون متوفرا طول الوقت. وهنا لا بد من وضع الاجراءات الداخلية التي تحقق سرعة التجاوب مع مثل هذه الاتصالات والاستفسارات واتخاذ الاجراء اللازم في حينه.

من الضروري التوضيح بأن الجهة المستفيدة تكون هي الجهة المسؤولة عن متابعة خطاب الضمان والتحقق من بياناته في حينه وعلى البنك مصدر الخطاب الاحتفاظ في سجلاته بصورة طبق الأصل من خطابات الضمان الصادرة منه. وفي بعض الحالات، يتم إلغاء خطاب الضمان خلال فترة سريانه بناء على طلب رسمي يقدم للبنك من الجهة المستفيدة شريطة أن يرفق مع خطاب الإلغاء أصل خطاب الضمان و أو كل التعديلات اللاحقة، ويستلمها البنك ثم يقرر بشأن الإلغاء.

أن الإبلاغ عن وقوع الاحتيال والتلاعب والتزوير في خطابات الضمان، يجب أن يكون سريعا بل فوريا وعند العلم به. ويتم التواصل مع جهات التحقيق الرسمية لاتخاذ الاجراءات المطلوبة في مثل هذه الحالات. والسرعة ضرورية لحفظ الحقوق ومتابعة الإجراءات فور العلم حتى لا تختفي آثار الجريمة والمجرم. وعلي البنك تزويد الجهات المختصة بالتحقيق بكل المعلومات مع تقديم صورة من أصل الخطاب وكل المستندات الضرورية الأخرى كالخطاب المزور وكتابة تقرير فني لشرح الوقائع، وكذلك لا بد من إفادة الجهات الرقابية بما حدث وبالخطوات التي اتخذها البنك.

ان مكافحة هذه الجريمة وغيرها من الجرائم من الأمور الهامة، وهنا نجد مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق البنوك لمجابهة الجرائم الخاصة بخطابات الضمان الصادرة منها. وهذه المسؤولية مستمرة وتتطلب الاستعداد والحذر على مدار الساعة وذلك حتى لا نقدم خدماتنا كلقمة سهلة البلع للمتربصين المجرمين. ويجب قفل الأبواب في وجههم وترتيب البيت من الداخل لتسير الأمور بسلاسة وفي أمن وأمان. وهذا دور عظيم لا يقوم به الا العظماء القابعون في قلاع البنوك.