يوميات سورية «10»

19 يونيو 2021
19 يونيو 2021

عادل محمود -

- 1 -

هذه الدنيا مائلة كعمود كهرباء مكسور. كشجرة في مهب الريح. مائلة كما لو أنها ستسقط عما قليل. ومع ذلك... يفيء إليها متعبون من كافة صنوف الأسلحة. ويعلقون على أغصانها جعب رصاصاتهم، و زوادات طريقهم. وفي المساء، تنام الدنيا المائلة، وتحتها يجلس بشر من كافة صنوف المنافي، وينامون وبنادقهم بين أرجلهم.

في الصباح... يستيقظ الجميع. يتفقد الجميع أغصان هذه الدنيا المائلة...ويستأنفون الحرب.

- 2 -

لابد أنهم قطعوا شجرة من أجل: مهدك، أوراقك، أقلامك، طاولتك، سريرك، شباك نجمتك، وعربة خيولك، وأمشاط شعرك، وأعواد كبريت سجائرك، وصليب مصيرك، وعكازتي للوصول إليك...

هذه الشجرة متعددة الاستعمالات...تحيرني.

- 3 -

«جماعة الحضيض» تعرفونهم غنيا غنيا وغبيا غبيا، أولئك المطاردون آخر رغيف في يد سوري جائع...إذا وقعوا في قبضتي، وأنا مليء بحس العدالة واحتباس العدل... ماذا أفعل بهم ؟

- 4 -

«جئت إلى الحياة معمدا بعملية تزوير» قال الكاتب البوليسي البلجيكي، روائي القطارات، كما يسميه بعضهم ماهي عملية التزوير؟ لقد ولد في 13 فبراير 1930 ولأن أمه مثل معظم الأوروبيين تتشاءم من الرقم 13 فقد سجلته 12 فبراير.

بسبب الحرب العالمية الثانية... جرى تقنين الحصص من الخبز والبطاطا، وذات ليلة رأى الطفل أباه يلتهم بيضة لوحده، في غفلة من أبنائه، ففقد ثقته به، وفقد كل احترام له.

هذا الطفل، حكّاء المسافات الطويلة...هو جورج سيمونون.

- 5 -

هذا الصباح... قالت الشجرة لأختها المذعورة، عندما رأت فأسا بينهما: لا تجزعي يا أختي، إن لم تقدم إحدانا قبضة لها... فهي قطعة حديد تصدأ.

- 6 -

أنا أحب هيرمان هيسه، الكاتب الألماني المتأمل والممتع، يقول: «اللغة ليست أداة تعبير، إنها موطن روحي» وأضاف «يجب أن أتخلص من عادة الأمل»

أما أنا... فورائي، في طوابير الحياة، من ينتظر مني إحياء الموتى.

- 7 -

أتأمل الحياة هذا الصباح، وهي تمرّ فوقي كسرب طيور مهاجرة. أنظر إلى نفسي فأجدني بكامل أجنحتي، أنظف مكان إقامتي على هذه الأرض وفي فضاء هذه السموات.

- 8 -

أشاهد شجرتي المفضلة، وهي تحترق... وهي تطلب من النار أن تتوقف مدة شجرتين، لكي ينهي العصفور زيارته إلى عشه القديم في أغصانها.