هل يجلب المال السعادة؟
يقول الكاتب الدانماركي ميك وايكينج الرئيس التنفيذي لمعهد أبحاث السعادة في العاصمة الدانماركية كوبنهاغن، بأنه وفي بداية كل خطاب يقدمه في مجال البحث عن السعادة الذي هو مجال عمله يسأل الناس هذا السؤال: لو خيرت العيش بين عالمين الأول أنت تحصل فيه على دخل سنوي يقدر ب 50 ألف يورو، فيما يحصل جميع من حولك على 25 ألف يورو، والثاني تحصل فيه أنت على 100 ألف يورو - أي الضعف - وبقية من حولك يحصلون على 200 ألف يورو، مع بقاء الأسعار ثابتة في العالمين، فأي العالمين تختار.
يقول الكاتب في كل مرة أطرح السؤال يختار أكثر من 50% من الحضور العالم الأول، وقد جاءت هذه النتيجة متوافقة مع نتائج كثير من الدراسات التي أجريت على هذا الموضوع منذ أن طرح هذا السؤال في عام 1998 في جامعة هارفارد الأمريكية.
تظهر هذه النتيجة بأن حرصنا على كسب المال ليس فقط من أجل رفع القدرة الشرائية، ولكن من أجل المكانة الاجتماعية التي يوفرها الدخل العالي، وهذا هو السبب أيضا على حد تعبير الكاتب الذي يجعلنا نحمل أنفسنا أعباء مالية عالية جدا من أجل تقليد من هم أعلى دخولا منا في الصرف، وقد جعلت بطاقات الائتمان، والقروض هذا متاحا بشكل كبير جدا في عالم اليوم، يرى الخبراء بأن هذه المحاولات المستميتة من أجل التظاهر بمستوى مادي أعلى مما نحن عليه فعلا كان أحد أسباب الأزمة الاقتصادية في عام 2008 للميلاد.
محاولات الظهور بمظهر الثراء ليست حاجة جديدة ففي عام 1889 استخدم عالم الاجتماع الأمريكي ثورستين فيبيلن مصطلح (الاستهلاك التفاخري) لوصف ظاهرة اقتناء منتجات باهظة الثمن من أجل إظهار الثراء كسبا للمكانة الاجتماعية.
من خلال كتابه الجميل هذا (الكتاب الصغير في الليكي: بحث الدنماركيين عن أسعد الناس في العالم) يناقش الكاتب بعض القيم التي يرى أنها من أسباب سعادة الناس من ضمنها المال، والذي يصل فيه إلى نتيجة بأن ما يجلب لك السعادة ليس مقدار المال الذي تمتلكه وإنما الكيفية التي تنفق فيها المال، فلو كانت العبرة بالكم لتربعت شعوب أمريكا وكوريا الجنوبية قائمة أسعد سكان الكرة الأرضية، لكن دول أخرى أقل ثراءً جاءت في القائمة من ضمنها السلطنة التي جاءت في مرتبة متقدمة على دول الجوار الثرية أيضا.
