هل تنفق على والديك؟

04 يونيو 2023
04 يونيو 2023

في زمن طغت عليه المادة، أصبح المال الذي هو زينة الحياة الدنيا، مصدر شقاق وخلاف وقطع رحم في كثير من الأحيان حتى بين الأبناء ووالديهم، فبعض الآباء للأسف الشديد ما إن يبدأ أبناؤهم في الكسب حتى ضيقوا عليهم بالطلبات غير المعقولة التي تثقل كواهلهم، وتضيق عليهم أحوالهم، وتجعلهم عاجزين عن الإنفاق على أنفسهم وأسرهم، وفي كثير من الأحيان يغرق هؤلاء الأبناء في ديون من أجل الوفاء بطلبات آبائهم التي لا تنتهي.

كثير من الأبناء يستسلم لهذه المطالبات غير المعقولة أحيانا من باب بر الوالدين، لكن هناك فرق بين بر الوالدين وطاعة الوالدين، فليس من البر في شيء أن يلقي المرء بنفسه للتهلكة من باب طاعة والديه، في حال كان هؤلاء الوالدان ميسوري الحال عكس أبنائهم الذي يعيشون على الحد الأدنى للأجور ويعيلون أسرا.

هناك لا شك أباء يستحقون المساعدة من أبنائهم لكونهم من دون مصدر دخل، وليس لهم من يعيلهم، هؤلاء حتما أبناؤهم أولى بهم ولكن أيضا في حدود المعقول، والحاجيات الضرورية، من باب «الأقربون أولى بالمعروف»، لكن في حال كان الوالدان ميسوري الحال، وهم يطالبون أبناءهم بالإنفاق عليهم من أجل رد الدين (دين التربية) فهذا فيه إجحاف للأبناء.

للأسف هذه الطلبات غير المعقولة جعلت الكثير من الشباب إما يقاطعون أسرهم تجنبا للضغوطات المالية التي تثقل كاهلهم، والتي بالفعل يعجزون عن تحملها، أو يضطرون إلى أن يقصروا في حقوق أسرهم، أو أن يراكموا على أنفسهم ديونا يمضون حياتهم في تسديدها، لا فرق في ذلك بين ذكر وأنثى.

رغم أن القانون وفقا للطعن رقم 163 /2012، دائرة المحكمة الشرعية الذي نشر قبل أيام في موقع الشبكة القانونية قد أقر أنه «من شروط وجوب نفقة الأب على أولاده أن يكون الأب معسرا؛ فإن كان ميسورا فلا يصح له شرعا أخذ شيء من أموالهم دون طيب نفس منهم». المال نعمة عظيمة جدا، ونحن جيل محظوظ جدا لأنه يتوفر لدينا أكثر مما كان متوفرا لدى الأجيال السابقة، مساهما في رفع مستوى معيشة الفرد بشكل غير مسبوق، لكنه أيضا ولّد كثيرا من القضايا الاجتماعية التي نحتاج أن ننشر الوعي حولها، حتى لا تتحول النعمة إلى نقمة.

حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية