نوافذ :حياتنا.. محكومة بفرضيات

26 نوفمبر 2021
26 نوفمبر 2021

ينظر إلى أي نشاط إنساني على أنه محكوم نجاحه أو فشله؛ بدلالات المعرفة، ووفق هذه الرؤية، أو الحكم، أو التقييم، لا يمكن الجزم بحتمية النهايات لهذا النشاط أو ذلك، وحتى إن وضع لذلك خطة، أو برامج؛ فإن ذلك كله يمكن أن يقع في مصيدة الإخفاق، وإذا نظر إلى الحقيقة على أنها أمر مطلق بواقعيتها في حياة الناس، فإنه في المقابل ينظر إلى الفرضية؛ والتي تسبق النظرية؛ على أنها خاضعة للقياس، ولشروط المعرفة، فإن توافقت النتائج مع هذه الشروط، يمكن عندها القول: إن الفرضية التي قادت النظرية للوصول إلى هذه النتيجة وفق استحقاقات المعرفة، ومع ذلك كله لن يكون هذا القول حكما مطلقا لكل الفرضيات التي توصل النظريات إلى هذا المستوى من التحقق، ولكن يحكم عليها في الظروف التي تكاملت للنجاح، وهي الظروف المدعومة بالزمان المناسب، وبالمكان المناسب، وبالفاعلين المناسبين الذين تكاملت معهم المعرفة للوصول إلى هذا المستوى من التحقق.

هناك من ينظر إلى الصدفة على أنها محور مهم، في كثير من تحقيق ما يحلم به الإنسان، وقد يجل البعض الصدفة، على أنها مرتبة مهمة من مراتب تحقيق ما لا يمكن تحقيقه بالخطط، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى كثير من الفهم والدراسة والاستيعاب، والمسألة ليست يسيرة إلى هذا المستوى لتحقيق الأشياء، مع أن الصدفة ذاته مبهمة، ولست أدري إن كان لها تعريف علمي دقيق، يعطيها شيئا من التحقق المعرفي في حالة قدرتها على تحقيق الأشياء من اللا شيء، مع أنه بالوعي الكامل لا يحدث شيء من لا شيء، هذا في الفهم البسيط للإنسان الفرد، فما بالك عندما يتعلق الأمر بتنسيب الأحداث، والمواقف لله عز وجل خالق الكون، ومدبر أمره، والذي لا يفوته شيء، وهو السميع العليم، ولو مثقال ذرة، وحتى للذين يضربون مثالا بـ "التقاؤك بصديق دون موعد مسبق" على أنه صدفة، فإن الحقيقة العلمية تنقضه، لأن الحقيقة؛ هنا؛ تقول: إنك أنت تركت منزلك، وهو ترك منزله، وعند نقطة ما التقيتما، وبالتالي فالتقاؤكما هو حقيقة، وليس صدفة، لأن في التقائكما تحققت نظرية الأسباب التي هيأت هذا اللقاء، وهو خروج كل منكما من مكانه، والذهاب إلى حيث نقطة الالتقاء، وتحقق النظرية معناه إلغاء للصدفة، أو المصادفة.

ينظر؛ أيضا؛ إلى المواقف والأحداث على أنها تلعب أدوارا محورية في تغيير نمط حيواتنا، وهذه المواقف؛ وجلنا؛ إن لم يكن الكل؛ يعي أنها لا تحدث بالصدفة، فلها أسباب الحدوث، وتأتي تأثيراتها المختلفة لتغير في مجريات حياتنا اليومية، ولا مجال للصدفة هنا، وقبل حدوثها؛ خاضعة لمجموعة من الفرضيات المطروحة، ومن ضمن هذه الفرضيات، أن لا شرط أن يحدث حدث ما شيئا من التغيير في حياة فلان أو مجموعة من الناس، دون آخرين، وقد يحدث، فهل إذا حدث تأثير ما، هو صدفة؟ وإذا لم يحدث هو فرضية؟ مع التسليم المطلق لأمر الله وقضائه في ذلك.

استطاعت الفرضيات؛ وهي مجموعة الأسئلة أن تقود كثيرا من العلماء، والباحثين، والمتأملين إلى الوصول إلى حقائق أوجدت نظريات في مختلف شؤون الحياة اليومية، ولكن حتى هذا التحقق لم يعط الضوء الأخضر بالحتمية المطلقة للنظريات، ولذلك ظلت حياتنا كبشر، محكومة بمجموعة من فرضيات طرح الأسئلة؛ ولذلك تقدمت الحياة وتحقق فيها الكثير.