نوافذ: بين مسقط والقاهرة

24 يناير 2022
24 يناير 2022

[email protected] -

زيارة وزير الخارجية المصري لمسقط، تأتي لتحقيق عدد من الأهداف، أولها تسليم رسالة لجلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي تتعلق بأمور كثيرة بين البلدين.

لكن هناك هدفا مهما آخر يعد الأكثر بروزا، تحاول كل من مسقط والقاهرة العمل على تطويره بجدية بين البلدين وهو اقتصادي بحت، فالتبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين لا يتعدى سوى 500 مليون دولا، وتبلغ الاستثمارات العمانية في مصر 77.5 مليون دولار، موزعة على 92 شركة عمانية، والاستثمارات المصرية 680 مليون دولار موزعة على 142 شركة مصرية، وهذه الأرقام لا تتناسب وحجم العلاقات التاريخية، ولا تتماشى مع حجم التفاعل السياسي بين الجانبين، ولا تلبي طموحات الاقتصادين العماني والمصري اللذين يمتلكان مقومات تُحسّن من هذه الأرقام، وهما اللذان يملكان من الإمكانيات اكبر من ذلك، حيث يمكن الاستفادة من الموانئ العمانية المطلة على قارتي آسيا وأفريقيا، ومن الطريق البري المباشر الجديد بين مسقط والرياض إلى القاهرة والمناطق الصناعية خاصة الدقم ومن المعادن والصيد، ومن قطاع الطيران ومن السوق المصري الاستهلاكي الكبير، ومن النهضة التنموية والعمرانية والبنية الأساسية التي تشهدها مصر حاليا وهي ملفتة في حجمها وسرعة إنجازها للمراحل، ومن القطاعات الزراعية في البلدين ومن التعاون التقني والفضائي والتطور التكنولوجي وقطاع المصارف وأسواق المال والمشاريع المشتركة.

حرص القيادتين ليس وليد اليوم، بل عملتا على وضع تصور برغبة البلدين في رفع مستوى هذا التبادل إلى أكبر من ذلك، وبما يليق بمكانتهما، لأن ما يملكانه يفوق ذلك بآلاف المرات، وبتوفر الإرادة يمكن أن يصل التبادل التجاري إلى أرقام قياسية مرضية مع تسهيل الإجراءات.

سلطنة عمان وجمهورية مصر يملكان مقومات كبيرة ففي الاقتصاد، السوق المصري كبير يقترب من 110 ملايين نسمة ويحتاجون إلى الكثير مما تنتجه سلطنة عمان في الصناعات وغيرها، وهذا بالإمكان أن يرفع التبادل التجاري ويعزز من فرص الاستثمار وتنشيط القطاعين الزراعي والسياحي ويسهل من توفير اليد العاملة.

مؤخرا عدد من الشركات المصرية والعمانية دخلت إلى سوق البلدين لتطوير أعمالها وحصلت على بعض المناقصات، لكننا نحتاج إلى المزيد من الديناميكية في تسارع العمل الاقتصادي والتجاري بين الجانبين، وتسهيل الاستثمار في عديد القطاعات.

القيادة المصرية تدرك أن سلطنة عمان هي أقدم الكيانات في المنطقة التي تبادلت معها التجارة منذ أيام الفراعنة وقوافل اللبان وغيرها التي تيمم شطر القاهرة، ثم المشاركات العمانية في صدر الإسلام وكذا انتشار حضارتهم شرقا وغربا، وهي أيضا تدرك التزام العمانيين في الجوانب السياسية التي كانت واضحة عندما انحازت للسياسة المصرية في اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها السادات، وان قراءاتهم للمستقبل واقعية ولا تتقلب، وهم واضحون في المحافل الدولية ولديهم تنسيق كبير مع القاهرة.

لذلك فإن هذه المداخل يمكنها أن تصنع تعاونا أقوى في المسارات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والزراعية والسياحية وتبادل الخبرات بين الجانبين.

لذلك فإن الاجتماع الخامس عشر للجنة العمانية المصرية المشتركة أمس الأول وتوقيع 6 مذكرات تفاهم، ينظر إليه على انه إضافة أخرى ومحطة مراجعة لما ينجز بين البلدين، لتذليل الصعوبات وتقديم الحلول والبدائل عنها، من أجل نمو التبادل التجاري خاصة، وهذا أمر في غاية الأهمية إذا ما ارتكز على المتابعة والمراجعة المستمرة لتحقيق طموحات البلدين.