نوافذ :الحقيقة ضحيّة الحرب

17 أكتوبر 2023
17 أكتوبر 2023

سيناتور أمريكي هو من ينسب إليه هذا القول واخترت أن أعنون به هذا المقال فهو يصف الحقيقة أنها هي الضحية الأولى للحرب حين يغيب الصدق وتكثر الأكاذيب ويلتبس على الناس حقيقة ما يجري على أرض المعركة من حقائق يسوقها غالبا الطرف المنتصر ضد الخاسر أو يسوقها القوي ضد الضعيف ويسوقها من يمتلك السطوة واليد الطولى لوسائل الإعلام ضد الطرف الآخر الذي لا يستطيع إيصال صوته للعالم عبر وسائل إعلامه الضعيفة أو المحدودة الانتشار والتأثير.

عندما أقرأ الأخبار والتقارير والتحليلات السياسية في وسائل الإعلام الغربية لا سيما التي تستقي مصادرها من وكالات الأنباء العالمية الكبرى أو الصحف الأمريكية والبريطانية على وجه الخصوص، أجد أنها منحازة بشكل ممنهج إلى الجانب الإسرائيلي، وتستخدم العبارات التي تختزل فيها الفلسطينيين والمقاومة الفلسطينية في حركة حماس وأنها هي المتحدث عن الشعب الفلسطيني بأكمله وهي المقاوم الوحيد للاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية كاملة وهي الممثل الشرعي للفلسطينيين، وتصف وسائل الإعلام تلك هذه الحركة بأنها حركة إرهابية محظورة يجب التخلص منها وإنهاؤها والقضاء عليها بسبب ما تجرّه على الشعب الفلسطيني من ويلات وكوارث.

خطورة التلاعب بالألفاظ وعدم تسمية الأمور بأسمائها الصحيحة وتشويه الوقائع وتحريفها والتضليل الإعلامي الذي تمارسه تلك الوسائل على الجمهور يتمثل في تصديق عدد كبير من الناس لتلك الادعاءات وتبنيها خصوصا لغير المتابع للشأن الفلسطيني منذ بواكير انتفاضاته ضد قوات الاحتلال، كما وأن التضليل الإعلامي فيما يبث وينشر من أخبار في تلك الوسائل التي تتعمد الكذب الصريح فيما تنقله من أخبار استطاع أن يقلب موازين العملية العسكرية فالتعاطف مع عمليات القصف والقتل التي تقوم بها الآلة العسكرية الإسرائيلية ضد الأبرياء من الشعب الفلسطيني خصوصا الأطفال منهم وتعمد تجويع الشعب الفلسطيني وعدم السماح بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى داخل الأراضي المدمرة، كل ذلك يعكس مدى تأثير الرسائل والوسائل الإعلامية المضللة للرأي العام والتحول الذي حصل في تبني العديد من الأفراد لا سيما في المجتمعات الغربية لوجهة النظر الإسرائيلية التي تبرر وجهة نظرها في شن حربها الأخيرة على قطاع غزة.

هنالك بعض وسائل الإعلام التي تلتفت إلى ما ينقل إليها من الرسائل المضللة وتحاول بذاتها البحث عن الحقيقة وإن كان في ذلك بعض الصعوبة خصوصا إن كان التضليل الإعلامي على كل الأصعدة والمستويات ابتداء من وسائل الإعلام وانتهاء بالتضليل السياسي والدبلوماسي والعسكري، إلا أن الملتزم من تلك الوسائل والباحث عن الحقيقة يتبيّن من الوقوع في شراك ذلك التضليل أو تبصير القراء والمشاهدين بحقيقة ما يجري وخلال الأحداث الأخيرة على غزة ظهرت بعض الأمثلة التي اعترفت أنها قد تعرضت للتضليل الإعلامي ووقعت في فخ الأخبار الكاذبة وحاولت الاعتذار لجمهورها.

التضليل الإعلامي علم كبير استفاض المختصون في أدبيات العلوم الإنسانية في نقاشه واشتق اسمه «كما ورد في قواميس اللغة من «الضلال» الذي هو ضد الهدى أو الهداية ويقصد به كل ما يتم تحريفه أو تدليسه أو تلفيقه من حقائق لتوجيهها بشكل ممنهج لخدمة أهداف مجموعة من الشخوص أو المؤسسات للتأثير على آراء مجموعة من الناس وباستخدام وسائل الإعلام المختلفة ولن تختفي هذه الظواهر من وسائل الإعلام إلا بالحقيقة، وإظهار الحقائق والتحلي بالشجاعة في إظهار كذب وزيف الأخبار الكاذبة التي تستهدف زعزعة ثقة الناس فيما يسمعون أو يقرأون.