نحو حوكمة العمل الخيري..

07 مارس 2023
07 مارس 2023

المستقرئ لواقع العمل التنموي مع انطلاقة عهد النهضة المتجددة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- يلمس الجهد المبذول لإعادة هيكلة العمل الحكومي بما ينسجم ورؤية عمان ٢٠٤٠، وقد تمثل ذلك في حوكمة العمل وتجويد الأداء ضمن رؤية واضحة لترشيق العمل الحكومي وجعله أكثر ديمومية لملامسة واقع المواطن والمجتمع على حد سواء.

هذا الحراك تطلب اتخاذ قرارات جريئة ليس على نطاق دمج بعض الوحدات والمؤسسات الحكومية فحسب بل حتى في إطار خطوات معالجة واقع المجتمع المحلي المعاش وصولا لمجتمع أكثر رفاهية يتمتع بالتمكين في كل مسارات الحياة اليومية.

العمل الخيري في سلطنة عمان على امتداد عطاءاته شكّل، ويشكّل اليوم مسارات عمل تنموي استطاع أن يصل بجهده لمختلف شرائح المجتمع، وليس أبلغ من أن نرى تلك الجمعيات والصناديق والفرق الخيرية في محافظات وولايات وقرى الوطن بأطرافها المترامية مثلت عبر جهودها حجم ما يتميز به المجتمع العماني دون غيره من صلابة وسمة أظهرت بجلاء مدى القيم والمبادئ المتأصلة والظاهرة تلك كلها كانت، ولا تزال تلقي بظلالها على مثل هذه الجهود الخيرة والمساعي النبيلة لكي تؤدي دورها بنجاح واستقرار.

العمل الخيري ينطلق من شعور إنساني نبيل ومحبة الآخرين، ويرتبط بشعور الإيثار لدى الإنسان، فمحيط العمل الخيري واسع النطاق وبإمكانه أن يمتد لمساحات أوسع وأشمل حينما يجد تلك الأيادي السخية والحانية لفعل الخير واستدامته من خلال زيادة التبرعات والمساهمات التي تأتي عبر الشفافية والتوجيه الذي نحن بصدد الحديث عنه من خلال حوكمة العمل الخيري بأطر قانونية وبتشريعات مدروسة تهدف إلى تنظيم تجميع الأموال وصرفها.

اليوم تؤدي الفرق والجمعيات الخيرية دورا مجتمعيا غير خاف على أحد، ولذا ومن أجل استدامة جهودها كان لا بد من حوكمة هذه المؤسسات الخيرية على تدرج مستوياتها لتكون أكثر استقرارا وأكثر نفعا، ومن هذا المنطلق بات لزاما على وزارة التنمية الاجتماعية أن تراعي البعد الاجتماعي لمثل هذه الجهود من خلال تشريعات تهيئ الأرضية الصلبة لها، لكي تسهم في حراك ونماء المجتمع وتقف إلى جانب المواقف الإنسانية النبيلة التي جبل عليها المجتمع العماني الأصيل.

نأمل أن يكون واقع حوكمة العمل الخيري في سلطنة عمان مبنيا على أسس موضوعية هادفة تتناغم وطبيعة المجتمع وتراعي حالة الرفاه التي ينشدها المواطن، وليس أبلغ أثرا من الدعم السخي والكريم الذي حظيت به هذه المؤسسات مؤخرا من جلالة السلطان -أيده الله- عبر تعزيز مدخرات هذه الجمعيات والفرق والصناديق الداعمة للمجتمع والقادرة للوصول لشرائحه، وفي منظوري بأن هذه الحوكمة سوف تساعد كثيرا على استدامة هذه الجهود بما يحقق الأهداف المتوخاة منها، ويلبي طموح المواطن والمجتمع على حد سواء في تعزيز كيان مجتمعي شامل يتناغم مع حالة النهوض واستدامة النماء في الوطن الذي يلامس تقدما في مختلف جوانبه المعيشية ليس فقط على مسار التنمية الحكومية المعني بالمشاريع والخدمات بل وحتى على مسار المعيشة اليومية للإنسان وضمان تقدمها واستمرار الرفاهية التي ينشدها.