مكافحة كراهية الإسلام.. تحمي من الرُهاب والإرهاب

18 مارس 2024
18 مارس 2024

احتفلت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 15 من مارس الجاري باليوم العالمي لمكافحة كراهية الإسلام، إثر القرار رقم 76/254 الذي اعتمدته الأمم المتحدة يوم 15 من مارس 2022م باعتماد يوم عالمي لمكافحة كراهية الإسلام. وتأتي هذه الخطوة لمحاولة الحد من الرُهاب تجاه الإسلام والمسلمين. «يُعرّف رُهاب الإسلام بأنه الخوف والكراهية الموجهة ضد الإسلام كقوة سياسية تحديدا والتحامل والتمييز ضد المسلمين حسب قاموس أكسفورد الإنجليزي والمنشور في موقع (ويكيبيديا)».

لقي القرار ترحيبا من الدول الإسلامية واعتراضا من بعض الدول التي تشهد بين فترة وأخرى ممارسات وتضييقا على حريات المسلمين، وللأسف الشديد فقد صوتت بعض الدول الغربية ضد القرار مع أنها تتشدق بحرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان. وقد نشر الكاتب والدبلوماسي اليمني عزالدين سعيد الأصبحي على صفحته في منصة (X) يقول: «أمس أظهرت الدول الأوروبية موقفا عجيبا، يعزز من عنصريتها تجاه كل ما هو إسلامي أو عربي. وذلك برفضها تأييد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخاص بـ«تدابير مكافحة كراهية الإسلام (الإسلاموفوبيا) ويدين القرار أي دعوة إلى الكراهية الدينية والتحريض على التمييز أو العداوة أو العنف ضد المسلمين. صدر القرار بأغلبية 115 دولة، ليس بينها معظم دول أوروبا. عجيب رفض أوروبا التصدي للكراهية الدينية ورفضها لأي موقف يوقف العداوة أو العنف ضد المسلمين. أين ما تعلمناه عن موقف أوروبا الإنساني المتجاوز لروح العنصرية والمؤيد للقبول بالآخر؟ أين؟».

لقد أظهر الساسة في الغرب حقيقة أفعالهم بعد الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون منذ خمسة وسبعين عاما وإلى الآن، فقد قلبوا ظهر المجن لكل القيم الإنسانية والحقوق والتشريعات والأنظمة، في المقابل يقوم الأحرار في الغرب بالتظاهر لإيقاف حمام الدم وإزهاق الأرواح في غزة، بل هناك من دفع ثمن تضامنه مع غزة مثل المهندس العسكري الأمريكي (آرون بوشنيل) الذي أحرق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن يوم الرابع والعشرين من فبراير الماضي للاحتجاج على مواصلة الإبادة الجماعية بحق سكان غزة. نكتب ذلك لكيلا ننسى أصحاب القيم الإنسانية والمؤمنين بالعدالة والحرية ومواقفهم تجاه القضية الفلسطينية. وبما أننا في سياق ذكر المواقف الحميدة تجاه تحسين صورة العرب والمسلمين في الغرب، فقد سبقت إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة المذكور، محاولات أدبية وسينمائية نذكر منها فيلم (السيد إبراهيم وأزهار القرآن) للمخرج الفرنسي فرانسوا دوبيرون (1950-2016) الذي أنتج في عام 2003م، وقام ببطولته الممثل المصري عمر الشريف (1932-2015)، والفيلم مقتبس بالعنوان نفسه من رواية الكاتب الفرنسي البلجيكي إريك إيمانويل شميت (64 عاما). يحكي الفيلم قصة تعود إلى الخمسينيات من القرن الماضي لرجل تركي مسلم اسمه إبراهيم (قام بدوره عمر الشريف) يمتلك دكانا في باريس، يأتيه صبي يهودي اسمه موسى (قام بدوره الممثل الفرنسي بيير بوولنجر)، يشتري حاجياته من المحل ثم يسرق شوكولاته، وكان صاحب المحل يعرف ذلك. وفي إحدى المرات نسي الصبي أن يسرق الشوكولاته فذكّره البائع إبراهيم بأن يأخذها، بعدها توطدت علاقة الصبي بالرجل التركي المسن الذي راح يحدثه عن القرآن كمصدر أخلاقي، وقد أخذ إبراهيمُ المسنُ الصبيَّ معه في جولة في تركيا، حيث توفي إبراهيم هناك، بعد أن عرّف موسى على المساجد وحلقات الدرس والجلسات الصوفية، فاقترب الصبي من روح الإسلام. بعدها عاد موسى إلى باريس وورث الدكان ووجد فيه نسخة من القرآن.

يحاول الفيلم تقديم صورة مغايرة عن الصورة المضللة التي روجتها بعض المؤسسات الممولة من قبل اليمين المتطرف، وساهمت في ترسيخها بعض أفعال المتطرفين المسلمين المخالفين لتعاليم الإسلام وروحه السمحة. لذلك يقاوم المسلمون في الغرب المتطرفين من كلا الجهتين، وقد نجح البعض في إقناع المجتمعات الغربية بتقبل المسلمين ومناسباتهم الدينية، وقد شهدت مؤخرا بعض المدن الأوروبية أجواء احتفالية بمناسبة شهر رمضان عبر لوحات ضوئية ترحيبية بالشهر المبارك، بالإضافة إلى مصابيح للزينة عٌلّقت في شوارع لندن وفرانكفورت وكولن، وهي احتفالية رمضانية تقام للمرة الأولى في المدن المذكورة.

إن التدابير التشريعية التي تتخذها المنظمات الدولية لحماية الإسلام والمسلمين لا تكافح الرُهاب من الإسلام فحسب، بل تجفف منابع الإرهاب التي تمولها بعض الجهات المستفيدة من تجارة السلاح وتدمير الشعوب والمؤسسات المدنية، فقانون مكافحة كراهية الإسلام يُشعر المسلمين في العالم بالطمأنينة والانتماء إلى المجتمع الدولي الذي يُحاول ترميم ذاته، ولن يتحقق له ذلك، إلا بحماية الفلسطينيين أيضا من آلة القتل الصهيونية.

محمد الشحري كاتب وروائي عماني