ليس مجرد حساب توفير
09 نوفمبر 2025
09 نوفمبر 2025
في الحادي والثلاثين من أكتوبر من كل عام، احتفل العالم باليوم العالمي للادّخار، وهي مناسبة دولية تعود إلى عام 1924، وتهدف إلى ترسيخ الوعي بأهمية الادّخار في حياة الأفراد والدول على حدّ سواء. وفي نسخته لعام 2025، يحمل اليوم شعارًا محوريًا يدعو إلى إعادة النظر في علاقتنا بالمال: «ليس مجرد حساب توفير».
فهذا الشعار يمثل تحولًا جوهريًا في النظرة التقليدية للادّخار. فبينما كان يُنظر إلى الادّخار سابقًا على أنه مجرد فعل عرضي أو وضع مبلغ من المال جانبًا في حساب مصرفي، فإن المفهوم الجديد يشدد على أنه يجب أن يكون فعلًا ذكيًا، وهدفًا واضحًا، وسلوكًا مستدامًا. ببساطة، لم يعد الأمر يتعلق بالمبالغ المودعة، بل بالغرض من إيداعها.
والادّخار الذكي يبدأ بأن يطرح المرء منا على نفسه هذا السؤال: ما الهدف من ادخاري لهذا المبلغ؟ لأن الإجابة على هذا السؤال تحدد ما إذا كان ادّخارك مجرد رصيد جامد، أم أداة قوية تعمل لأجلك. ذلك أن الادّخار يصبح جزءًا من خططنا الحياتية عندما نخصص له أهدافًا واضحة، مثل: صندوق الطوارئ، الذي هو خط الدفاع الأول لمواجهة المفاجآت غير المتوقعة التي تهدد استقرار الأسرة المالي، مما يجنب الفرد الديون والضغوط المالية. وكذلك الاستثمار من خلال تخصيص جزء من المدخرات للمستقبل، سواء كان ذلك عبر الاستثمار في الأصول أو الاستثمار في الذات من خلال تطوير المهارات والتعليم. ولا ننسى أهداف المستقبل الكبرى كتعليم الأبناء، أو شراء منزل، أو تأمين تقاعد مريح وكريم.
فاليوم، وفي ظلّ التقلبات الاقتصادية العالمية وارتفاع تكاليف المعيشة، لم يعد الادّخار رفاهية يمكن تأجيلها، بل أصبح ضرورة ملحّة لضمان الأمن المالي للفرد والأسرة. وبالتالي، فإن الحساب البنكي وحده لا يكفي ما لم يقترن بـ«نية» و«رؤية» واضحتين للمستقبل الذي يسعى الفرد لبنائه.
كما يؤكد هذا المفهوم على أهمية المشاركة المجتمعية؛ فترسيخ ثقافة الادّخار الذكي يحتاج إلى تعاون بين الأفراد والمؤسسات المالية والمدربين الماليين لتزويد الناس بالمعرفة اللازمة وتحويل هذا السلوك إلى ممارسة يومية مستدامة.
إن تبني شعار «ليس مجرد حساب توفير» هو دعوة عالمية لنا جميعًا لننتقل من فكرة تجميع المال إلى فكرة توجيه المال لخدمة أحلامنا وأهدافنا، وتحويله إلى قوة دافعة لتحقيق الاستقرار والنمو.
حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية
