في حضرة الجليلة والوفرة

10 مارس 2024
10 مارس 2024

لا شيء مثل الطبيعة والإبداع يذكرنا بالوفرة التي هي سمة هذا الكون، قبل أيام زرت معرض ملتقى إشراقة لرسم صورة السيدة الجليلة في مقر جمعية المرأة العمانية بمسقط، بصحبة ثلة من عضوات بيت القراءة اللائي يشاركن في امتهان الرسم، لكنني كنت مشتغلة عنهن بموضوع مختلف تماما، بحكم اهتمامي بالثقافة المالية، فطوال تلك الجولة كنت مسحورة بجمال الإبداع في كل التفاصيل، لكن فكرة واحدة شغلتني وهي فكرة الوفرة اللامحدودة في هذا الكون، فالمرسم كله خصص لرسم صورة السيدة الجليلة، والكثير من الرسامين اختاروا الصورة ذاتها لإعادة رسمها، لكن التنوع في الرسم كان مذهلا، سواء من حيث الأدوات المختارة في الرسم كالرصاص والفحم والألوان الزيتية والمائية إلى تنوع درجات الألوان التي بدت لي لا نهائية سبحان الله.

عكس الرسامون كثيرًا من رؤاهم ومشاعرهم في تلك الرسومات التي بدت مختلفة تماما، ومتطابقة تماما في آن معًا، فإذا كان هؤلاء الرسامون قد استطاعوا استخراج كل هذا الإبداع في لوحاتهم، فكيف لنا أن نتبنى الندرة، كل شيء متوفر من حولنا وبشكل لانهائي، الكون كله في اتساع وتكاثر دائم، والمال ليس استثناء على الإطلاق.

المال متوفر من حولنا بكثرة، تماما كتوفر هذه الألوان بهذا الشكل، استوقفتني رسمة اختارت الرسامة فيها استخدام الرصاص، ورسام آخر استخدم الفحم، وقفت مسحورة أمام درجات اللون هذا وما يمكن أن يستخرج منه.

سبحان الله، نحتاج فعلًا لإلغاء كل معتقداتنا تجاه المال، وكل ما نعرف عنه، ونعيد اكتشافه من جديد، فهو مثال رائع أيضا عن قانون الوفرة، فكل ما حولنا قابل أن يتحول إلى مال، لكننا اخترنا تبني عقلية الندرة التي جعلتنا في حالة تنافس على فرص محدودة من الوظائف والمشروعات، حتى أننا اعتقدنا سلفًا أنه مقدر لنا الفقر ومحدودية الفرص باسم توزيع الأرزاق، التي جعلتنا نعزف عن السعي الذي أمرنا به، ونعزف عن المحاولة مقيدين بفكرة الأرزاق الموزعة وهي وإن كانت صحيحة جزئيًا إلا أن الرزاق الكريم جعلنا مخيرين في أمور كثيرة من حولنا، بما في ذلك السعي للرزق.

تبارك الله الرزاق المنان.

حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية