«صوّت لنفسك في اللحظة الحاسمة»

12 فبراير 2024
12 فبراير 2024

أود الإشارة إلى أن العنوان مستوحى من قصيدة للشاعر التونسي الراحل محمد الصغير أولاد أحمد (1955-2016) القائل: «إذا كنتَ شعبا عظيما.. فصوّت لنفسك في اللحظةِ الحاسمة»، وهو القائل أيضا:

«إلهي

لينبُت دودٌ مكان البلح

ذهبنا جميعا إلى الانتخاب

ولم ينتخب أحدٌ منْ نجح!»

يلزمنا مع اقتراب موعد انتخابات بعض الجمعيات الأهلية في سلطنة عمان أن نكتب عن مشهد الانتخابات والتصويت والترشح دون أن تكون لدينا رغبة في مزاحمة الآخرين على المناصب أو إدارة الجمعيات للسنتين القادمتين، كما أننا لسنا من هواة السفر على حساب المؤسسات، لأن تسيير الإدارات التطوعية يحتاج إلى الإخلاص في العمل والاستعداد الفطري للعمل التطوعي لتطوير منظومة الجمعيات، والنهوض بها، وتقييم أدائها، وتأسيس مؤسسات مدنية قادرة على العمل وفق الخطط والبرامج والاستراتيجيات الوطنية في السلطنة بدءًا برؤية (عُمان 2040) ومرورا بالاستراتيجيات الثقافية واستراتيجيات التنمية المستدامة 2030، وغيرها من الخطط المعتمدة في البلد، فأي مؤسسة أهلية أو رسمية يتوجب عليها الإسهام في العمل الوطني عبر مواءمة برامجها مع الاستراتيجيات المذكورة.

ولذلك فقد آن الأوان لمجالس الجمعيات الأهلية أن تبلور مقترحات وأهدافا قابلة للتنفيذ لتطوير العمل المدني في سلطنة عمان، ونأمل أن يتحقق ذلك بعد أن يصدر القانون الجديد للجمعيات الأهلية. وإذا كانت الفترة الماضية مرحلة مهمة في عمل الجمعيات، فإن الواقع والطموح يدفعان إلى تغييرات جذرية في العمل التطوعي، وعدم حصر دورها في إقامة حفلات ترفيهية للأعضاء أو استخدامها روافع للحصول على عضويات ومناصب في مجالس واتحادات إقليمية وعربية يسعى إليها أصحاب الإنتاجات المتواضعة في مجالات عمل الجمعية المنتمي لها. وقبل كل ذلك فإن خلط العمل التطوعي بالرغبة الفردية في الاحتكار أسهم في تأخر هذه الجمعيات عن تحقيق أهدافها، وعطّل نجاحها في تهيئة بيئة حيوية لعملها، وقد أدى ذلك إلى عزوف النخب الفاعلة عن الاشتراك في هذه الجمعيات المهنية أو حتى التفكير في تطويرها.

إننا لا نسعى من هذا المقال إلى استعراض مآخذنا على بعض الإدارات في بعض الجمعيات التي حولت أنشطتها إلى فعاليات ترفيهية وبرامج سفريات دون تسجيل أي أثر حقيقي على واقع عملها، أو التذكير بتمسك بعض رؤساء مجالس إداراتها بمناصبهم لفترات طويلة بغية الحصول على منافع أو مكاسب شخصية، فنحن في مفتتح سنة جديدة سبقها عقد ملتقى للجمعيات المهنية الأول في سلطنة عمان، ونترقب صدور قانون الجمعيات الذي ننتظر منه تنظيم العمل المدني ووضع ضوابط واشتراطات للانتساب والترشح والتصويت، فعلى سبيل المثال يوجد أعضاء في بعض الجمعيات دون أعمال تذكر، فضلا عن أن الكثرة العددية من الأعضاء دون إنجازات قد فاقم من مشكلة الترشح والتصويت والاشتراكات السنوية التي يتوجب على الأعضاء دفعها، ناهيك عن ضعف أنشطة فروع بعض الجمعيات وسقوطها في البيروقراطية الإدارية.

نأمل من الإدارات الجديدة المترشحة لمجالس الجمعيات أن تطرح برامجها القابلة للتنفيذ أمام الأعضاء لإقناعهم بالبرنامج لا بالأشخاص، وحتى يسهل تقييم البرامج ومحاسبة المجالس على قصورها في العمل، إذ يُعد البرنامج الانتخابي محكا للجميع ودليلا على تطور العمل التطوعي، فنحن ننتظر الإنجازات لا الشعارات، ومقولة تمثيل سلطنة عمان في المحافل الدولية لم تعُد مقنعة ما لم يسندها إنجاز حقيقي ومقنع، أما رحلات الترفيه والسفر والحضور من أجل الحضور فقط في المؤتمرات والمعارض الدولية فلا تُقدم شيئا للسلطنة ولا للجمعية وأعضائها الذين لا يستفيدون شيئا من رفاهية الآخرين.

أخيرا نقول لبعض أعضاء إدارات الجمعيات: إن النقد حق متاح للجميع، وليس عليك بالضرورة أن تكون عضوا في الجمعية أو مواظبا على حضور اجتماعاتها حتى تمارس هذا الحق، فالنقد لأجل التطوير أداة من أدوات تطوير الأداء والتميز، أما الرغبة في الاستماع إلى المجاملات وعبارات الإطراء والثناء على الخواء فلن تُنمّي المجتمع ولن تحقق غاية ولا هدفا.