شفافية :تقلبات البورصات وتوجهات المستثمرين

12 سبتمبر 2023
12 سبتمبر 2023

يظن البعض أن ارتفاع البورصات وأسعار الأسهم لابد أن يستمر إلى ما لا نهاية، وأن تراجع الأسعار شيء سلبي لابد أن يتوقف، والحقيقة هي عكس هذا تماما، فالأسواق معرضة للهبوط من حين لآخر، وهي في هذه الحالة تفسح المجال لدخول مستثمرين آخرين يرون أن الأسعار قد هبطت إلى الحد الذي يشجعهم على بناء محافظ استثمارية جديدة أو تنويع محافظهم الاستثمارية.

وكثيرا ما ينظر المحللون بقلقٍ إلى الأسهم التي ترتفع بشكل دائم خاصة إذا كانت الارتفاعات حادة لأنها قد تتضخم بشكل لا يعبر عن المركز المالي للشركة وبالتالي تنهار بعد فترة وجيزة إن لم تجد الدعم الكافي من نتائجها المالية، وفي فترات سابقة كانت إدارة بورصة مسقط تخاطب الشركات التي ترتفع أسهمها لعدة أيام متتالية للتأكد إن كانت هناك معلومات جوهرية لم يتم الإفصاح عنها حتى تنبه الشركات إلى ضرورة الإفصاح عن أي معلومات مهمة دفعت السهم للصعود.

بعد هذا دعونا نتوقف عند ما شهدته بورصة مسقط الأسبوع الماضي من تراجع أسعار 50 ورقة مالية وتراجع المؤشر الرئيسي بأكثر من 100 نقطة وهبوط جميع المؤشرات القطاعية وخاصة مؤشر القطاع الصناعي الذي تراجع أكثر من 200 نقطة ومؤشر القطاع المالي الذي فقد 160 نقطة، وتراجع القيمة السوقية الإجمالية بأكثر من 165 مليون ريال عماني، وتراجع قيمة الأسهم المتداولة بنسبة 33% من 15.9 مليون ريال عماني إلى 10.5 مليون ريال عماني من بينها 6.7 مليون ريال عماني على أسهم 3 شركات فقط هي بنك مسقط وعمانتل وأوريدو التي استحوذت مجتمعة على نحو 64% من إجمالي قيمة الأسهم المتداولة، وتراجع العديد من المؤشرات الأخرى، غير أنه من المهم التأكيد على أن هذه التراجعات لا تعود إلى خلل في البورصة أو تراجع في أداء شركات المساهمة العامة المدرجة فيها؛ وإنما لأن البورصة تلقت خبرا مفرحا من جهة إلا أنه من جهة أخرى غير مكتمل وهو الإعلان عن أن الاكتتاب في أسهم أوكيو لشبكات الغاز سيكون قبل نهاية الشهر الجاري وأن الشركة سيتم إدراجها في بورصة مسقط في أكتوبر المقبل غير أن المؤتمر الصحفي الذي عُقد بشأن ذلك لم يفصح عن سعر الاكتتاب ولا التاريخ المستهدف للاكتتاب وهو ما دفع الكثير من المستثمرين إلى عرض أسهمهم دون سعر السوق لتوفير أكبر سيولة ممكنة للاكتتاب وهكذا زاد العرض على الطلب فتراجعت الأسهم؛ الجميع يريد أن يبيع لتوفير سيولة للاكتتاب من جهة وخوفا من تراجع أكبر للأسهم من جهة ثانية، وفي الوقت نفسه لم نجد تحرّكا واضحا من قبل الصناديق والشركات الاستثمارية الكبرى لامتصاص فائض السيولة، وبحسب بيانات التداول الصادرة عن بورصة مسقط فإن المؤسسات الاستثمارية المحلية اتجهت أيضا إلى البيع واستحوذت مبيعاتها على 68% من إجمالي قيمة التداول مقابل مشتريات بنسبة 64% من إجمالي قيمة التداول.

كل هذه الأسباب أثّرت على تداولات الأسبوع الماضي، وفي نظري أنه لو تم الإعلان عن تاريخ الاكتتاب وسعر الطرح فإن حركة البورصة قد تتغير، إذ قد يرى المحللون والمستثمرون أن العائد المتوقع من الاكتتاب لا يستحق المغامرة ببيع الأسهم دون سعر الإغلاق السابق خاصة أن البورصة تنتظر النتائج المالية للربع الثالث من العام الجاري والتي من المتوقع الإعلان عنها مطلع شهر أكتوبر المقبل.

ورغم كل ما حدث فإن عددا من الأسهم التي تراجعت الأسبوع الماضي قلّصت جزءا من خسائرها مع مطلع الأسبوع الجاري، وهو ما يؤكد ما سبق أن تحدثنا عنه في بداية هذا المقال من أن تراجع الأسعار يفسح المجال لدخول مستثمرين آخرين وتنويع المحافظ الاستثمارية، ويبقى التذكير بأن الإفصاحات المقتضبة والمعلومات غير المكتملة تؤثر سلبا على البورصات وهو ما سبق أن ناقشناه في مقال الأسبوع الماضي.