دليلي

10 ديسمبر 2023
10 ديسمبر 2023

رغم أنني بت أستخدم التقنية في كل شيء تقريبا، حتى أنني بدأت التدرب على بعض تطبيقات الذكاء الصناعي، إلا أنني ما فتئت أتفاجأ وأدهش، ويغمرني الامتنان للسهولة التي باتت عليه حياتنا، وأنا أخرج من بيتي، أستعين بجهاز الملاحة الذكي، ليوصلني إلى وجهتي، بعد أن حددت له الوقت الذي يبدأ فيه الاجتماع الذي كنت بصدد حضوره.

وإذ هو يقودني، وأنا أتبع التعليمات حرفيا، دون أن أشك لحظة في أنه يعرف ما يفعله، حتى وهو يقترح علي طريقا كنت شبه متأكدة أنه لا ينتهي للمكان الذي أريد، لكنه صدمني وأنا أجد نفسي أقف عند بوابة الوزارة المنشودة، قبل عشر دقائق من الموعد الذي حددته لنفسي، استعنت به مرة أخرى وأنا أخرج من الوزارة الإرشادي لمشواري التالي.

في اللحظة التي صعدت فيها الجسر، غمرني شعور عارم بالامتنان لهذه النعمة العظيمة، التي منحتني الثقة والشجاعة للذهاب إلى أي مكان أريد، وأنا على ثقة بأنني لن أضل طريقي، خوفا لازمني سنوات طويلة، بت معه لا أسلك أي طريق لم أتعود عليه، وجدتني أخاطب ربي بهذه المشاعر -وهو عالم الغيب وما أخفى- قائلة: يا الله ما أجمل هذه الحياة، حتى ليخيل لي أنه لا يوجد ما هو أجمل من هذا وصدق الذي لا ينطق عن الهوى القائل "الدنيا حلوة خضرة" وإنها كذلك.

أنهيت الكثير من المشاوير، مستعينة بدليلي الرائع هذا، الذي لم يخذلني أبدا، على الأقل حتى هذه اللحظة، ولكوني أنهيت هذه المشاوير متأخرة، وكان يفصلني سويعات قليلة عن موعد جلسة القراءة الأسبوعية، لن يكون لدي متسع من الوقت للعودة للبيت، لذا عطفت بسيارتي إلى أحد المجمعات التجارية، أديت فيها فروضي، وتناولت وجبة خفيفة، غمرني ذات الإحساس والنادلة تقبل علي بوجبة ساخنة، لذيذة وابتسامة تعلو وجهها الجميل، أدركت تلك اللحظة عظمة تلك النعم التي يغمرني بها الكريم المنان، وهو يسخر لي هذا الإنسان، وأمثاله، لخدمتي بهذا الشكل، تما كما سخر لي من يخترع كل هذه الأجهزة والتطبيقات دون حول مني ولا قوة.. إلهي ما أكرمك وما أعظم فضلك.