دروس من إعصار شاهين

24 أكتوبر 2021
24 أكتوبر 2021

يبدو أن السلطنة أصبحت من المناطق المعرضة للأعاصير بشكل مباشر فخلال العقدين الأخيرين فقط شهدت البلاد العديد من الأعاصير والأنواء المناخية والمنخفضات الجوية بلغ عددها 12 كان أشدها إعصار جونو في عام 2007 والذي خلف أضرارا مادية كبيرة جدا ثم فيت ومكونو ولبان في جنوب السلطنة وبينهما عدد من الحالات الجوية وهذا يؤكد على أن الفترة القادمة وحسب تحليل خبراء الأرصاد الجوي والطقس فإن السلطنة أصبحت على خارطة الأعاصير بسبب التغيرات المناخية وبحكم موقعها المطل على ثلاثة بحار وبشاطئ طوله أكثر من 3000 كيلومتر.

ومن رحم المحن والأزمات تولد الفرص ونتعلم الدروس كان هناك تكاتف وتعاون من جميع الجهات الرسمية المدنية منها والعسكرية ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنون قبل وأثناء الإعصار لتقديم الدعم والمساندة وهذا يدل على أننا جميعا غايتنا واحدة وهدفنا مصلحة هذا الوطن وتقديم يد العون للمحتاجين.

وضرب المواطنون والمقيمون أروع الأمثلة من التكاتف والتعاون مشكلين نسيجا اجتماعيا واحدا متماسكا ومتكافلا فمع أي محنة في أي موقع على هذه الأرض الطيبة من ظفار إلى مسندم تجد العماني دائما سباقا إلى فعل الخير ومساعدة إخوانه المتضررين وبعد انتهاء حدة الإعصار مباشرة شاهدنا ملحمة وطنية وتهافتا محموما من الجميع على فعل الخير فانطلقت قوافل المساعدات من كل محافظات السلطنة محملة بالمؤن والاحتياجات الضرورية إلى المناطق المتضررة بالإعصار بينما هب شباب الوطن ومن خلال الفرق الخيرية إلى تقديم يد العون والمساعدة في إصلاح ما يمكن إصلاحه من ضرر.

الملاحظ بأن العديد من ممتلكات المواطنين خاصة المركبات قد تأثرت وشاهدنا أرتالا من السيارات والمركبات المتكدسة على الطرقات كما تأثرت عدد كبير من المزارع في بعض المناطق التي تضررت خاصة ولايات المصنعة والسويق والخابورة وصحم ونفقت أعداد من الماشية، وهذه نقطة مهمة ينبغي الوقوف معها وربما كان من الأفضل ما كان لو تم التنبيه على قاطني المناطق القريبة من السواحل بنقل ممتلكاتهم من مركبات وحيوانات وأصول أخرى إلى أماكن آمنة وبالتالي كان يمكن تفادي أو الحد من هذه الأضرار.

من الدروس المهمة التي ينبغي أن نتعلمها من هذا الإعصار والأعاصير السابقة هو حتمية إعادة تخطيط بعض المناطق خاصة تلك التي عمرت منذ بداية السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وأصبحت مكتظة بالسكان مثل الحمرية ومطرح وروي ووادي عدي والغبرة في محافظة مسقط وبعض المناطق التي وزعت بالقرب من مجاري الأودية وعلى الشريط الساحلي على خط الباطنة وبالقرب من المنخفضات ومجاري الأودية هذه المناطق عرضة للفيضانات مع أي أنواء مناخية، لذا ينبغي التوقف عن توزيع الأراضي في مثل هذه المناطق.

إعادة النظر في تصميم المساكن ومكوناتها خاصة بالنسبة للأسطح والنوافذ والأبواب بحيث تكون من نوعية جيدة تتحمل عدم دخول المياه إلى داخل المنزل ، بالنسبة إلى المركبات لا بد من دراسة بوليصة التأمين الحالية بحيث تتضمن صراحة التأمين ضد الكوارث الطبيعية والأعاصير وخلال الأيام الأخيرة شاهدنا وسمعنا تصاريح رسمية بالتوجه نحو إعادة تخطيط بعض المناطق وتعويض السكان المتضررين وهذه خطة جيدة نأمل أن تنفذ بأسرع وقت ممكن.

لا بد من التفكير جليا في كيفية الاستفادة من ملايين الجالونات من المياه التي تصاحب هذه الأعاصير والمنخفضات الجوية وتذهب معظمها إلى البحر والبعض الآخر إلى الصحراء وذلك من خلال إقامة خزانات كبيرة وسدود تخزين تحت الأرض والاستفادة من بعض التجارب العالمية في هذا المجال خاصة ونحن في أمس الحاجة إلى أي قطرة ماء سواء لأغراض الزراعة أو الشرب.

وأثناء هذا الإعصار لاحظنا جهودا مقدرة ومشرفة ويفتخر بها الجميع من قبل بعض مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في التكاتف والتعاون وتقديم الدعم المالي والمساندة ومد يد العون إلى المتضررين إلا أن هذه الجهود تبقى مشتتة وغير منظمة ما لم تكن موحدة وتوكل إلى جهة واحدة تقوم بالتنظيم والإشراف من هنا جاءت التوجيهات السامية بإنشاء صندوق وطني للطوارئ.

وينبغي أن يتبع هذا الصندوق مجلس الوزراء مباشرة بحيث يتركز دوره في تقديم الدعم والمساندة المباشرة للمواطنين والمقيمين المتضررين من مثل هذه الأنواء يخصص له موازنة من الدولة ويفتح المجال للشركات والقطاع الخاص لتقديم الهبات والدعم له وتحدد نسبة ولو نصف في المائة من أرباح بعض الشركات التي يتجاوز دخلها ملايين الريالات سنويا لتعزيزه.