حديقة نباتات ظفار... متى ترى النور؟!

06 فبراير 2023
06 فبراير 2023

يسارع العالم حاليا إلى محاولة إعادة التوازنات البيئية إلى نصابها على كوكب الحياة، بعد الاختلال الحاصل في العديد من الأنظمة البيئية، بفعل الانبعاث الحراري والنتائج المترتبة عليه من تدمير للمنظومات البيئية المهيئة للحياة على كوكب الأرض. وقد حاولت العديد من الدول التخفيف من انبعاث الغازات المسببة للتلوث وزيادة درجة حرارة الأرض، وإيجاد حلول مستدامة كاستخدام الطاقة النظيفة، والاعتماد على الهيدروجين الأخضر في الصناعة ووسائل النقل.

لذلك فإن وجود الحدائق والمتنزهات الطبيعية في المدن ليس ترفا، بل ضرورة بيئية وترفيهية وثقافية، لهذا نترقب افتتاح حديقة النباتات والأشجار العمانية في قرية الخوض، بإشراف من قبل ديوان البلاط السلطاني، والذي سبق له إصدار كتاب نباتات ظفار سنة 1988، والذي يُعد مصدرا مهما في الثقافة البيئية العمانية.

ألف الكتاب كل من أنطوني جي .ميلر وميراندا موريس والرسامة سوزانا ستيوارت ــ سميث، وصدر عن مكتب مستشار شؤون المحافظة على البيئة بديوان البلاط السلطاني، وكتب الكلمة الافتتاحية للكتاب السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- يوم 24 أبريل 1987، ومما كتب جلالته «هنا في عُمان لا زال لدينا بين أفراد شعبنا العريق من هم على معرفة واسعة بالاستخدامات الطبية والاقتصادية للكثير من نباتاتنا البرية وقد تمنينا منذ بضع سنوات أن يتم تدوين أكبر قدر ممكن من هذه المعارف المفيدة والحفاظ على النباتات التي جمعت بشأنها كل هذه المعارف قبل زوال هذه المعارف أو النباتات أو كليهما... ونحن هنا في عُمان نسعى إلى توجيه تنمية مواردنا الطبيعية نحو استغلالها المنطقي لرفع مستوى المعيشة والتعليم لشعبنا، وعليه، فإننا نأمل في بقاء هذه النباتات وأن نستمر في المحافظة عليها والاستفادة منها».

أثنى جلالته في كلمته على المؤلفين والرسامة وأيضا على البروفيسور ريتشارد شولتز لكتابته مقدمة الكتاب، وأشاد -طيب الله ثراه- كذلك بسكان الجبل «مساهمة سكان الجبل الذين لولا ما يختزنونه من معرفة ورغبتهم في نقل هذه المعرفة لما أمكن لهذا الكتاب أن يرى النور».

حينما قابلت الدكتورة ميرندا موريس في صلالة 2013، والتي أسهمت مساهمة مميزة في الكتاب رغم تخصصها في علم الأجناس واللغات، سألتها عن الكتاب وفكرته، فقالت: «إن السلطان قابوس طلب منا كتابة الكتاب، فاعتذرتُ وقلت أبناء البلد أولى بالكتاب لمعرفتهم بالنباتات، فرد عليّ السلطان بأن أبناء البلد حاليا على مقاعد الدراسة والبحث - في بداية الثمانينيات- وسيكتبون في المستقبل، ولكن في الوقت الراهن نحن بحاجة لمن يكتب عن الأشجار والنباتات في ظفار».

ضم كتاب نباتات ظفار 163 شجرة ونبتة فقط، بينما «تقدر النباتات العمانية المحلية بأكثر من 1200 نوع يتركز 80% منها في المناطق الجنوبية من سلطنة عمان» حسبما ذكر أحمد بن محمد الوهيبي مشرف الحديقة النباتية بجامعة السلطان قابوس. ونظرا لأهمية الأشجار والنباتات في ظفار فإنا نأمل من الجهات المعنية القيام بإنشاء حديقة للنباتات الطبيعية في ظفار، لتشكل حزاما أخضر حول مدينة صلالة، وتكون متحفا طبيعيا يمكن استغلاله سياحيا وثقافيا، والحقيقة أنه قد سبقني إلى دعوة إقامة حديقة النباتات في ظفار، العديد من النشطاء البيئيين في المحافظة منهم الناشط البيئي أحمد السوحلي جعبوب، نظرا لأهمية الأنواع النباتية في المحافظة وندرتها، ومنها نباتات لا توجد إلا في ظفار وأخذت اسمها العلمي منها، مثل نبتة (الطوف) المر (Aloe dhufarensis ) وشجرة (الخيمر) (Ormocarpum dhofarense) ونبتة (الهودم) (Becium dhofarense) وشجرة (السبروت) (Jatropha dhofarica) وشجرة السغوت/ المشط (Anogeissus dhofarica) وشجرة (الشربيث) (Maytenus dhofarensis Sebsebe) وشجرة (هيروم ذيري « النبتة الغريبة») (Dhofaria macleishii) و نبتة (الصيفد) ( Cibirhiza dhofarensis) ونبتة (هيروم أكُلون « نبتة العريس»).

تمثل الأشجار والنباتات في ظفار قيمة ثقافية مهمة، إذ ارتبط بها الإنسان ونسج حولها معتقداته ووظفها في الآداب والفنون، وتعكس تلك العلاقة ارتباط الإنسان بالطبيعة بل وتقديسه لها في الميثولوجيا، لذلك نجد أنه من الضروري إيجاد حديقة ومتحف يجمع بين الثقافة المادية المتمثلة في النباتات وبين الثقافة الشفوية اللامادية المتمثلة في القصص والأساطير والفنون المرتبطة بالبيئة. ويمكن توظيف كل ذلك في السياحة الثقافية.