بقرات زيد ..
منذ أيام قليلة تم تداول تغريدة موقعة تحت شعار (عمان نيوز) وحملت التغريدة النص التالي: «بلغ إجمالي شهادات الطلاق المسجلة في سلطنة عمان عام (2021) نحو ثلاثة آلاف و(837) حالة، بمعدل (10.5) حالة طلاق في اليوم؛ حيث ارتفعت حالات الطلاق عام (2021م) بمقدار (411) حالة مقارنة بعام (2020)». - انتهى النص - فهذا المعدل (10.5) في اليوم، وهذا الارتفاع (411) حالة ينبئ عن أن هناك شيئا غير طبيعي يحدث بين جنبات الأسر، هذا عندما تقاس المسألة بعدد سكان سلطنة عمان الذي لا يزال يراوح عند الـ(5 ملايين نسمة) مع المقيمين، وقد سمعت من بعض المهتمين بهذا الجانب أن نسبة الطلاق هذه متركزة أكثر في الزيجات الحديثة التي لم يمض على عهدها أكثر من 10 سنوات، وهناك أسباب كثيرة تطرح في هذا الجانب، وأغلبها اجتماعية بحتة.
هناك دول تحرص كثيرا على زيادة عدد سكانها؛ وذلك للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من القوى العاملة الوطنية في كل مجالات الحياة قدر الإمكان، إيمانا منها بأن القوى العاملة الوطنية هي الرهان لتفعيل المشروع التنموي، ومعنى هذا أن ارتفاع حالات الطلاق لن يتوافق مع هذا المطلب الوطني المهم، ومعنى هذا من جانب آخر أن مستوى الخصوبة التي تراهن عليه الدول لن يكون متحققا بالصورة التي يراد لها أن تكون، لأن هناك سيفا مسلطا عليها وهو الطلاق، الذي يتعارض مع نمو الخصوبة، فلا يتيح لها استنشاق عطر النمو المفضي إلى التكاثر، وهذا بدوره يذهب إلى ضرورة النظر في هذه المسألة نظرة واقعية، وجادة، تعمل على الحد منها، من خلال البحث عن حلول لأسباب الطلاق؛ خاصة إذا ثبت بالدراسات أنه فعلا أن المسألة تصل إلى مستوى الظاهرة، وأن هذه الظاهرة متموضعة في الفئات التي لم تنجز عقدها الأول من الزواج.
والمقاربة هنا بـ «بقرات زيد» أن من بعض الأسباب التي يتكئ عليها من فرطوا في حيواتهم الزوجية، هي تكاليف الحياة اليومية، وأن البعض من أبناء هذه الفئة غير قادرين على تحمل المسؤولية الزوجية، بما فيها من تكاليف، خاصة إذا أسست هذه الحياة على تحمل الأب أو الأم جل المصاريف منذ البدايات الأولى، وهذه لوحدها إشكالية موضوعية في هذا الجانب، خاصة في ظل شح الوظائف، وغلاء المعيشة، وزيادة غير عادية لمتطلبات الحياة اليومية، وحرص بعض الآباء أو الأمهات على أن يزوجوا أبناءهم قبل مغادرتهم الحياة؛ كما يرددون؛ مع أن مشروع الزواج ينظر إليه على أنه مشروع خاص جدا، يكيفه الفرد وفق إمكانياته وقناعاته، وفلسفته في الحياة، وذلك للحرص على أن يبقى زواجا مباركا طوال عمر الزوجين، وليس فقط لعمر أحد الأبوين أو كليهما.
وتعود قصة المثل: «ويغني الله عن بقرات زيد» - كما وثقتها بعض المصادر - إلى أن هناك «رجلا فقيرا ذا عيال يسكن بجانب رجل اسمه زيد لديه مال وثروة حيوانية (بقر) فأرسل الفقير إليه أولاده ليعطيهم السمن فردهم زيد خاليي الوفاض، هنا بســـــــط الفقير كفيه إلى السماء وقال:«ويغني الله عن بقرات زيد ويأتي الله بالفرج القريب» - انتهى النص - ومعنى هذا أنه من وقع في فخ «بقرات زيد» عليه أن يستوعبه، ويمضي في طريقه بحرص نحو نجاح تجربته الزوجية، مبديا استعداده الكامل لتحمل المسؤولية الزوجية، بغض النظر عن الدعم الذي بدأ به من قبل والديه في مرحلة التأسيس، وليرجح اعتبارات كثيرة هو مسؤول عنها يأتي في مقدمتها مسؤوليته الإنسانية تجاه زوجته، وأطفاله، مستشعرا مسؤوليته الوطنية نحو رفد الوطن بأبناء صالحين لدينهم ووطنهم ومجتمعهم على حد سواء.
