بشفافية: في تربية الأجيال 2

25 يناير 2022
25 يناير 2022

عندما يكون الحديث عن تربية الأجيال وهموم صناعة جيل قوي في ظل تجاذبات أنماط الحياة وأساليبها، فالحديث يطول حتى نصل إلى خلاصة محددة عن مشروع (تربية الأجيال)، فالموضوع ذو شجون وقد لا نستطيع في أسطر لملمة كل الجوانب المهمة، ولكن يبقى التناول في إطار مشاهد من واقع الحياة اليومية، من دون الدخول إلى تفاصيل تحتاج متخصصين للغوص في تفاصيلها.

لنتفق أولًا على أن مشروع تربية الأجيال واحد من أبرز المشروعات الوطنية التي من الواجب الوطني والديني والأخلاقي أن يسهم الجميع فيه، لذا فإن (الصراحة والوضوح) مرتكزان ننطلق منهما للوصول إلى نقاط التفاهم لتبحر السفينة إلى بر الأمان، حاملة معها جيلًا إلى المستقبل، يحتاج إلى سنوات لنعبر به إلى بر الأمان.

تتعدد الجوانب التي يدخل فيها تكوين شخصية الأبناء وتربيتهم، وإذا ما كان البيت والمدرسة هما المسؤولين أولًا عن التربية، فإن الأدوار من المفترض أن تكون تشاركية، وبنوع من الانسجام بحيث يكمل كل طرف دوره من الجوانب المناطة على عاتقه، وإذا كانت وزارة التربية والتعليم هي الجهة التي تعنى في هذا الجانب، وتشرفت بأن تحمل بمسؤوليها وكل من يعمل تحت مظلتها مسؤولية (التربية والتعليم)، فإن هذه الوزارة عليها الكثير من المسؤوليات تجاه المجتمع وأبناء الوطن وأجياله المستقبلية، وبالتالي فإن عليها واجبات تجاه المجتمع تتمثل في العمل بسياسة الأبواب (المفتوحة)، وليس كما هو الحال الآن.

الصراحة والوضوح تحتاجان إلى حوار ونقاش، فهل نحن أي ـالبيت والمدرسةـ نتحاور فيما بيننا؟ وهل اجتماعات مجالس الآباء والمعلمين أو مجالس الأمهات والمعلمات، تقام لتدارس هذه الجوانب؟ وهل يتم التحاور بشكل واضح؟ وهل وزارة التربية والتعليم فاتحة أبوابها لتقبل وجهات النظر وتستمع إليها؟ أم أن المبنى العملاق عبارة عن قلعة محصنة لا يدخلها إلا أهلها من الموظفين والموظفات؟

الأبناء في رحلة قضاء يوم في رحاب مدارسهم يخرجون من البيت صباحا، الرحلة تبدأ وتنتهي بـ (الحافلة)، التي من البديهي أن يكون سائقها مؤهلًا تأهيلًا جيدًا ومناسبا لينقل الطلاب؛ لأن الرحلة إلى المدرسة تبدأ باستقبالها للطلبة وتنتهي بإيصالهم للبيت، وهنا سؤال يوجه لوزارة التربية والتعليم في كيفية اختيار سائقي الحافلات ؟.

كما أن موضوع تواجد عمال في مدارس الفتيات يطرح الكثير من علامات الاستفهام، وحسب ما هو معروف أن القانون يمنع وجود أي عمال (ذكور) في مدارس الفتيات، خلال أوقات الدراسة، فكيف سمحت بعض المدارس بتواجدهم أثناء الساعات الدراسية؟ في سؤال وجهته ذات مرة لمديرة مدرسة أتساءل عن وجود عامل في مدرسة فتيات؟ ردت: أن هناك بعض الحاجيات الثقيلة التي تحتاج إلى عمال لإيصالها للطابق الثاني ؟!.

هذا الرد يعود بنا إلى المقال الذي كتبته الأسبوع الماضي، والذي أذكر فيه أيام الدراسة في الثمانينيات والتسعينيات، حينها كنا كطلبة ننظف المدرسة، ونتعاون في حمل الكتب وتوزيعها والمشاركة مع المعلمين في كثير من الأنشطة دون الحاجة إلى عمال، فأين ذهبت مثل هذه الأعمال التي يتشارك فيها الطلبة مع معلميهم، أوالطالبات مع معلماتهن؟ وعلى سبيل المثال، إذا ما أرادت المديرة أن توصل صندوق ماء من الطابق الأول إلى الثاني، هل تمانع طالبتان أو ثلاثة أو أربعة خلال وقت قصير من المساعدة في حمل الصندوق؟ أو هل ترفض الطالبات الإسهام والمشاركة في أعمال مدرسية من منطلق أن الحياة المدرسية شاسعة وفيها المجال لتعلم الكثير من أوجه الحياة في التعاون والعمل والشراكة في غرس الكثير من القيم الإيجابية في نفوس الطلبة، أكاد أجزم أن الطلبة لا يمانعون أبدا.

كثير من أوجه الحياة تغيرت، ومع وجود الكثير من التحديات المتعلقة بتربية الأجيال، تتضاعف المسؤوليات على البيت والمدرسة ووزارة التربية والتعليم تحديدًا، في إيجاد طرق ابتكارية تسهم في غرس السلوكيات الإيجابية في الطلبة، وضرورة التركيز على كافة الجوانب المحيطة بالطالب، بداية من سائقي الحافلات وسلوكهم، والمعلمين والمعلمات كونهم القدوة التي تقتدي بها الأجيال.