المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بين مطرقة المنافسة وسندان فاتورة الكهرباء

01 أغسطس 2021
01 أغسطس 2021

تشكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نسبة لا بأس بها من مجموع الشركات المسجلة والعاملة في السلطنة وتساهم هذه الشركات بنسبة معقولة في الناتج القومي وتعتمد عليها العديد من دول العالم في خلق فرص عمل والمساهمة في النمو والانتعاش الاقتصادي، وبذلت الحكومة جهودا مضنية في سبيل دعم ومساندة هذه المؤسسات خلال الفترة الماضية مما أدى إلى انتشارها بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة.

وعندما نتحدث عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فإننا نعني بها تلك المؤسسات التي يديرها شباب عمانيون ويشرفون عليها بأنفسهم في قطاعات مختلفة كتجارة التجزئة أو العمل الزراعي وفي قطاع الأسماك والأعمال المنزلية وتصليح وبيع الهواتف النقالة والأجهزة الكهربائية الإلكترونية وغيرها إضافة إلى ريادة الأعمال. ارتفع إجمالي عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المسجلة بهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السلطنة حسب آخر بيانات متاحة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بواقع 12.9 بالمائة، حيث تم تسجيل نحو 47 ألفا و220 مؤسسة مقارنة بـ 41 ألفا و815 مؤسسة بنهاية أكتوبر من عام 2019.

إلا أنه لوحظ خلال الفترة الأخيرة إغلاق عدد كبير من هذه المؤسسات وإلغاء سجلات بعضها وتصفية البعض الآخر لعدة أسباب لعل أهمها هو الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العالم بسبب جائحة كورونا كوفيد -19- والتي أثرت بشكل مباشر على جميع مناحي الحياة وأصابت العالم بشلل شبه تام وبركود اقتصادي لم يحصل منذ الأزمة المالية العالمية التي حدثت في 2008م. وهناك عوامل أخرى ساهمت في تفاقم المشكلة وهي المنافسة غير العادلة من قبل القوى العاملة الوافدة التي تمارس هذه المهن بطرق غير مشروعة وعن طريق التحايل على بعض القوانين فعلى سبيل المثال في قطاع الزراعة حاول بعض الشباب امتهان هذه المهنة والتي هي مهنة الأجداد إلا أن أغلبهم اصطدموا بهذه القوى الوافدة والتي تسيطر على كل شيء وحاولوا فتح محلات لبيع الخضروات والفواكه في سوق الموالح وأسواق الولايات فواجهوا تحديات كبيرة ناهيك عن الإجراءات الطويلة للحصول على تصاريح ورغم ذلك البعض منهم قبلوا التحدي وغامروا ودفعوا مبالغ طائلة من أجل ضمان استمراهم في النشاط.

ما زاد الطين بلة هو القرار الأخير والخاص برفع رسوم الكهرباء وتغيير الشرائح والتي أثرت مباشرة على هؤلاء الشباب وأدت إلى زيادة تكاليف الإنتاج والتي هي من الأساس مرتفعة حيث تم تطبيق التعرفة الجديدة للأنشطة الزراعية والسمكية بما فيها مضخات مياه الآبار المساعدة للأفلاج والتي تضمنت ثلاث شرائح الأولى بتكلفة 12 بيسة حتى 3000 ميجاوات بينما الشريحة الثانية تبدأ من 3001 إلى 6000 ميجاوات بتكلفة 16 بيسة وما زاد عن ذلك يتحول إلى الشريحة الثالثة والتي تصل تكلفة الميجاوات فيها إلى 24 بيسة في الوقت التي كانت التعرفة السابقة تنقسم فقط إلى شريحتين الشريحة إلى من صفر إلى 7000 ميجاوات بتكلفة 10 بيسات والشريحة الثانية ما زاد عن ذلك وتكون وتكلفتها 20 بيسة.

من هنا نقول بأنه إذا ما أردنا لهذه المؤسسات الاستمرار والنمو والتوسع فإنه ينبغي الإبقاء على التعرفة الزراعية والتجارية (لأغراض تخزين المواد الغذائية) على ما كانت عليه في السابق بالإضافة إلى تقديم حزمة من التسهيلات والتي أشرنا إليها في مقالات سابقة وذلك تشجيعا للاستثمار في هذا القطاع ولتقليل المخاطر على المستثمرين ورفع مستوى الأمن الغذائي في السلطنة وتقليل القوى العاملة الوافدة في المزارع باستخدام التقانة الحديثة وتقليل الواردات وتقليل الكلفة على المستهلك بالإضافة إلى خلق فرص عمل للشباب العماني وضمان استمرارهم في هذه المهن.