الصفاء للأغذية وقضايا حماية المنتجات المحلية

30 نوفمبر 2021
30 نوفمبر 2021

يشير تقرير النتائج المالية للأشهر التسعة الأولى من العام الجاري لشركة الصفاء للأغذية إلى عدد من التحديات التي تواجهها الشركة وهي تحديات تتشابه إلى حد كبير مع التحديات التي تواجهها شركات صناعية أخرى والتي أثرت على نتائجها المالية، ويمكن تلخيص هذه التحديات - بحسب التقرير الذي رفعته الشركة إلى مساهميها - في ثلاثة عناصر رئيسية، الأول هو الارتفاع العالمي لأسعار مدخلات الأعلاف المستوردة من الخارج، والثاني هو تدفق المنتجات المستوردة ذات الأسعار المنخفضة إلى أسواقنا المحلية بشكل سلس، والثالث هو ارتفاع أسعار الكهرباء.

وقبل تحليل هذه الأسباب أود التوقف عند النتائج المالية للشركة التي لا تزال في وضع مالي قوي - رغم الخسائر التي تكبدتها في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري - إذ تشير البيانات المالية إلى أن الأرباح المجمعة للشركة بلغت بنهاية سبتمبر الماضي 23 مليون ريال عماني فيما بلغت حقوق المساهمين فيها أكثر من 40 مليون ريال عماني.

ووفقا للنتائج المالية استطاعت الشركة خلال العام الجاري رفع مبيعاتها لتصعد في الفترة من يناير وحتى سبتمبر إلى 28.5 مليون ريال عماني مقابل 23.6 مليون ريال عماني في الفترة المماثلة من العام الماضي، ورغم ذلك تكبدت الشركة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري خسائر تقدر بنحو 1.2 مليون ريال عماني مقابل أرباح صافية تجاوزت 1.6 مليون ريال عماني في الفترة المماثلة من العام الماضي، وأظهرت البيانات المالية غير المدققة ارتفاعا في تكاليف التمويل خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري لتبلغ مليونا و775 ألف ريال عماني مقابل 425 ألف ريال عماني في الفترة المماثلة من العام الماضي في الوقت الذي تراجعت فيه المصروفات الإدارية والعمومية من مليونين و85 ألف ريال عماني إلى 1.8 مليون ريال عماني.

وفي تقريرها إلى المساهمين عن نتائجها السنوية للعام الماضي بدت الشركة متفائلة بأن تحقق خلال العام الجاري نتائج إيجابية نظرا لإنجازها مشروع التوسعة في ديسمبر الماضي والذي سوف يضاعف إنتاجها من منتجات الدواجن إلى 42 ألف طن.

وبالعودة إلى الأسباب الثلاثة التي ذكرتها في بداية هذا المقال نجد أن موضوع تدفق المنتجات الأجنبية ذات الأسعار المنخفضة إلى أسواقنا المحلية ليس موضوعا جديدا على الشركة وإنما أشارت إليه في تقريرها لعام 2020 ولكن يبدو أن المشكلة تزداد اتساعا مع عدم وجود حلول لها في الوقت الذي يرغب فيه المستهلك بالحصول على منتجات أقل سعرا بغض النظر عن بلد المنشأ، وقالت الشركة في تقريرها عن عام 2020 إن مبيعاتها تأثرت قليلا لتهبط إلى 30 مليون ريال عماني مقابل نحو 30.4 مليون ريال عماني في عام 2019، وعزت السبب في ذلك إلى "التدفق الضخم للمنتجات المستوردة إلى أسواقنا المحلية".

ويطرح هذا السبب العديد من التساؤلات حول أهمية حماية المنتجات والصناعات العمانية إذا كانت تواجه إغراقا من منتجات أقل جودة؛ فمن حق الصناعات العمانية تقديم شوى إغراق ضد تلك المنتجات حتى تتمكن من حماية نفسها وحقوق المساهمين فيها، ولعله من الأهمية بمكان أن تتبنى غرفة تجارة وصناعة عمان دعم هذه الفكرة لمساعدة الصناعات العمانية التي تواجه إغراقا من المنتجات المستوردة خاصة أن تكاليف الإنتاج لدينا أعلى بكثير من المنتجات المستوردة نظرا للأجواء الحارة التي تؤثر على مشروعات إنتاج الدواجن، وتعتبر شركة الصفاء للأغذية هي أكثر شركة مساهمة عامة منتجة للدواجن استطاعت الصمود لفترة طويلة نسبيا منذ تأسيسها قبل نحو 20 عاما بهدف تحقيق الأمن الغذائي، في حين أن الشركات المماثلة لم تتمكن من الصمود وخرجت من السوق مبكرا أو أنها لا تزال تعاني من الخسائر.

وفي نفس هذا الإطار يمكننا النظر إلى السببين الآخَرَين اللذين ذكرتهما الشركة في توضيحها لأسباب الخسائر وهما ارتفاع مدخلات الإنتاج المستوردة من الخارج، وارتفاع أسعار الكهرباء، فارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الواردة من الخارج يدعونا إلى تأسيس شركات تستطيع توفير هذه المنتجات محليا بدلا من استيرادها من الخارج، وارتفاع أسعار الكهرباء قد يؤثر سلبا على الصناعات العمانية التي ستجد نفسها خارج المنافسة محليا وخارجيا، فالارتفاع لم يرهق المستهلكين الأفراد فقط وإنما امتدت تأثيراته إلى الشركات العمانية التي تعتمد في عملياتها التشغيلية على الكهرباء وهو ما قد يضطر هذه الشركات مستقبلا إلى إغلاق مصانعها، وهو ما يحتّم على الجهات المعنية بالصناعات العمانية كوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وغرفة تجارة وصناعة عمان مناقشة هذا الملف باستفاضة كبيرة للوصول إلى حلول تؤدي لحماية الصناعات العمانية أولا وتحقيق الاستقرار للشباب العماني العامل في هذه الشركات ثانيا وتأكيد أهمية الصناعات العمانية في تحقيق الأمن الغذائي والصناعي من جهة ثالثة.