الصدق في الإعلانات

24 مارس 2024
24 مارس 2024

الصدق صفة الأنبياء والصديقين، لكن في عالم اليوم أصبح الصدق يكاد يكون عملة نادرة في ظل انتشار شبكات التواصل الاجتماعي القائمة على الإعلانات والتسويق، والفلاتر، وعمليات التجميل واختلاط النكتة بالجد، فالتبست علينا الأمور ولم نستطع تمييز الصدق من غيره، والباطل من الزيف، فهدرت أوقاتنا، وأموالنا بحثًا عن الأصالة والنقاء في العالم من حولنا، ومع حلول الشهر الفضيل، تحول للأسف الشديد معظم رواد التواصل الاجتماعي لمروجي سلع وخدمات، البعض لم يستخدمها، ولم يرتد هذه الأماكن التي يعلن لها، لكنه مستعد أن يحلف كذبًا عكس ذلك، وهنا نستحضر حديثًا شريفًا رواه مسلم يقول فيه من لا ينطق عن الهوى: (ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، وذكر منهم المنفق سلعته بالحلف الكاذب).

وهذا للأسف هو نهج التسويق اليوم المستمد من القيم الغربية الرأسمالية التي يكون الربح فيها هو الهدف، لهذا تقوم أغلب سياسات التسويق على تزيين العيوب، والمبالغة في تصوير المميزات، والمسمى بالتسويق المزيف أو الخادع، كأن يدعي المعلن أن المنتج يؤدي طريقة معينة لا يؤديها في الواقع، أو ينجز أمورًا لا يستطيعها، أو يجلب فائدة غير حقيقية ويقع تحت الأخيرة كثير من أجهزة ومنتجات التجميل والتنحيف، أو أن يدعي بأن المنتج عضوي أو صديق للبيئة، وأحيانًا يدعي المعلن بأن المنتج صنع في دولة معروفة منتجاتها بالجودة في حين أن هذا خلاف للواقع.

وكثير من المشاهير اليوم يتم استغلالهم في هذا النوع من الإعلانات، ويلجأ البعض منهم للحلف كذبًا بأنه استخدم المنتج واستفاد منه، ويكون بذلك قد ارتكب سلسلة من المعاصي كالحلف الكذب، والغش، وأخذ أموال الناس بغير حق مستخفًا باسم الله وعظمته.

وهنا نستحضر الآية الكريمة «إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» فهل يا ترى يستحق الأمر مهما كان غضب الله، وتعريض حياة الآخرين أحيانًا للخطر أو تدمير حياتهم بإيهامهم بأمور ينفقون عليها أموالهم ثم يكتشفون في النهاية أنهم تعرضوا للغش؟

حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية