الحمد لله من قبل ومن بعد

17 مارس 2024
17 مارس 2024

منذ سنوات طويلة تبنيت تمرينا يوميا ضمن برنامج تزكية النفس وتطوير الذات شاركتكم به في هذه الصفحة وهو كتاب عشر نعم وأشياء جميلة تمر بي في يومي أشكر الله جلّت قدرته عليها كتابة، واخترت الكتابة لأن وقعها على النفس أقوى بالنسبة لي عن مجرد التلفظ بها، حتى عندما أعود إليها في لحظات ضيقي أجدها وسيلة ناجعة تذكرني بفضل الله عليّ، إنها حقا من أجمل التمارين التي أقوم بها، ولها تأثير سحري على رفع درجة الرضا والتسليم في النفس.

في الفترة الأخيرة وجدت نفسي أكرر الأشياء ذاتها، وكأن مفعول التطبيق قد قلّ عندي، حتى قرأت خواطر الإمام الشعراوي -جزاه الله عنا خير الجزاء- لسورة الفاتحة وخاصة آية (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) شعرت بها كالبلسم على الفؤاد وهو يذكرني بنعم الله سبحانه وتعالى التي لم تبدأ بولادتي وإنما بدأت ببدء الخليقة، نِعَمٌ أدركها ونِعَمٌ لا أدركها، وأخرى أعرفها وأخرى لا أعرفها، نِعَمه جلّت قدرته بدأت بتهيئة هذا الكون بكل مجراته ونجومه وكواكبه لاستقبالي، تماما كما هيأ لنا أرحام الأمهات لتكون مأوى لنا قبل أن ترى عيوننا النور، توفرت لنا فيها كل الاحتياجات. عند ولادة الإنسان يجد ثدي أمه مهيأ لإطعامه منذ لحظة ولادته بدون لحظة تقديم أو تأخير، وفي اللحظة التي يكتفي من حليب أمه، يتوقف الحليب مباشرة، أدركت مفهوم الدعاء الذي نردد على الدوام (الحمد لله من قبل ومن بعد) فنِعِمه تجلّت قدرته ترافقنا إلى أبد الآبدين، لا تتوقف بانتهاء حيواتنا، لكن كم مرة توقفنا عند هذه النِعَم وفكرنا فيها، وأدركناها، رغم أن إدراكنا لهذه النعم وحصرها وتذكير أنفسنا بها على الدوام، لها وقع البلسم على القلب فعلًا، تشعرنا بجمال ألطاف ربي الخفية التي تصاحبنا منذ الأزل، نعتقد للأسف وقد كبرنا أننا نملك زمام الأمور، لكن فقط ألطافه الخفية تجلّت قدرته نعيش، ونعمل ونسعى، وكل شيء عنده بمقدار.شعور عارم بالأمان والتسليم والرضا يرافق استشعار النعم بحضور قلب سبحان ربي اللطيف الخبير، والحمد لله رب العالمين.

حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية