الجلوس دون فعل شيء يصنع اقتصادا جديدا

13 ديسمبر 2022
13 ديسمبر 2022

في المرة المقبلة التي يتهمك أحدهم بالكسل، تقبل ذلك بصدر رحب؛ لأنك أسهمت بشكل ما في قيام صناعة واقتصاد بأكمله، وهو سلوك استهلاكي جديد يسمى بـ«اقتصاد الكسل»، وهناك شركات كبرى تقدر قيمتها بمليارات الريالات كأمازون مثلا تجني أرباحها من جلوسك على الأريكة وعدم رغبتك في الذهاب إلى المتجر.

توصيل الطعام، والتسوق الإلكتروني، والأجهزة المنزلية الذكية وحتى الأطعمة المعلبة التي تحضر باستخدام جهاز المايكرويف فقط هي أمثلة قليلة من الإلهامات التي ولّدتها غريزة الكسل لدى البشر بالإضافة إلى انشغالهم وزيادة مدخولهم مما جعلهم أكثر استعدادا لإنفاق المزيد من الأموال لتوفير الوقت والجهد.

ويُعتقد بأن الكسل قد يكون دافعا وراء المزيد من التقدم التكنولوجي والحلول الذكية والسريعة، فالحاجة إلى عمل لاشيء بعد يوم طويل من العمل أوجدت لنا اختراعات تسهل الحياة كالمكانس الروبوتية التي تجوب المنزل من خلال تطبيق ذكي على الهاتف النقال لتوفر عليك عناء التنظيف، وأواني الطبخ الذاتية، ووسائل الترفيه المنزلية التي قد تغنيك من التنزه في الخارج أو اصطحاب عائلتك إلى السينما.

وتطمئنا الإحصائيات بأننا لم نبلغ على الصعيد المحلي من الكسل مثل ما وصلت إليه الصين التي تعتبر الرائدة في هذه الصناعة، حيث أظهرت «البيانات الاستهلاكية للكسولين» الصادرة عن موقع التسوق «تاوباو»، أن الشعب الصيني قد أنفق 16 مليار يوان بسبب الكسل خلال عام 2018، بزيادة قدرت بـ70٪ مقارنة بالعام الذي سبقه.

وفي إحصائيات أحدث كان عدد مستخدمي خدمات التوصيل عبر الإنترنت في الصين بلغ 469 مليون شخص العام الماضي، بزيادة قدرها 49.76 مليون عن ديسمبر 2020، وهو النمو الأقوى بين مختلف تطبيقات التجارة الإلكترونية في الصين.

وكعادتنا سنلقي القليل من اللوم والفضل أيضا على جائحة كورونا، التي أسهمت في رفع مستويات الكسل، ونقلت للناس مشاعر مماثلة للتسوق في المراكز التجارية ووجودهم في الفصل الدراسي والاجتماعات دون الحاجة لمغادرة منازلهم، ولن يكون الحال نفسه لو أننا لم نمر بتجربة البقاء في المنزل قسرا، واضطرارنا للتعرف على الخدمات التي يمكن أن تصل إلينا دون تعريض أنفسنا لخطر الإصابة بفيروس مميت.

الكسل قد يبدو جميلا ونافعا للشركات، ومعرفة أن الحياة ستغدو أسهل قد يسعدك، ولكن الحقيقة أنه سيكلفنا الكثير، وربما حياتنا، فعدم اضطرارنا للنهوض والقيام بالأنشطة اليومية سيزيد بلا شك من معدلات السمنة، كما أن انخفاض معدلات النشاط البدني هو الطريق الأسرع للإصابة بقائمة طويلة من الأمراض، وكانت صحفية بريطانية تدعو «ذو لانست» قد حذرت من أن الكسل قد يكلف الاقتصاد حوالي 67.5 مليار دولار سنويا بسبب تكاليف الرعاية الصحية وقلة الإنتاجية.

إن رفع الوعي باعتقادي هو الوسيلة الوحيدة والأكثر ضمانا لمجابهة المتغيرات المتسارعة للموجات والصراعات الاستهلاكية من حولنا، فتحصين العقل ومعرفة احتياجاتك الفعلية من النشاط البدني واستخدامك للخدمات السهلة المعروضة على الإنترنت باتزان سيقيك السمنة وتكاليف أكبر مستقبلا.