الأثر المالي لفرحة اليوم الوطني

23 نوفمبر 2025
23 نوفمبر 2025

تشكّل المناسبات الوطنية لحظة يجتمع فيها الفرح مع الفخر، ويزداد فيها الإنفاق بطبيعة الحال على التجهيزات من سفر وكشتات داخلية وفعاليات عائلية مختلفة حسب ظروف كل أسرة. ومع اقتراب إجازة اليوم الوطني المجيد، تظهر أهمية الإدارة المالية الذكية لضمان الاستمتاع بالاحتفال دون ضغط أو تجاوز للميزانية، ذلك لأن المناسبات عادة ما تحمل طابعًا عاطفيًا يسهّل معه اتخاذ قرارات شرائية سريعة وغير محسوبة. لذا فإن التخطيط المالي يساعد على تجنّب العشوائية في الصرف من خلال توزيع الإنفاق بين الاحتياجات والمتعة، الأمر الذي يحافظ على استقرار الوضع المالي للأسرة بعد انتهاء المناسبة، فلا تتحول الفرحة إلى عبء مالي نحمله معنا لأشهر طويلة بعد اليوم الوطني، خاصة وإن رمضان هذا العام قد قرب.

وذلك من خلال وضع مبلغ محدد للإنفاق يقلّل القرارات العشوائية ويخلق وضوحًا أثناء الشراء، بما يتناسب مع ظروف كل أسرة، بحيث توزع هذه الميزانية على أزياء وأكسسوارات اليوم الوطني إن وجدت، والديكور والفعاليات التي غالبًا ما تنفذها الأسر احتفاء بهذه المناسبة، وكذلك الهدايا وتكلفة المطاعم أو الرحلات، مع تخصيص حصة لكل بند دون أن يطغى أحدها على الآخر.

الاحتفالات لا شك أنها جميلة، خاصة في هذه الأجواء النوفمبرية الرائعة التي تسود بلادنا العامرة، لكن الشراء اللحظي غالبًا ما يفسد هذه الأجواء، خصوصًا بالنسبة لرب الأسرة الذي يتحمل عادة كلفة هذه الالتزامات، وقد يفاجأ بها إذا لم يكن هناك تخطيط واتفاق مسبق يشارك فيه الأطفال والشباب، ليكون الاحتفال فرصة لبناء وعي مالي مبكر.

كما أن الاحتفالات ليست مجرد مظهر اجتماعي، بل حركة اقتصادية موسمية لها أثر واسع على الاقتصاد الوطني، من خلال زيادة المبيعات في قطاعات الملابس والضيافة والنقل والترفيه والسفر. كما تسهم في تنشيط المشروعات الصغيرة، وخاصة المشاريع العمانية التي تقدّم منتجات وطنية وتوزيعات وأزياء خاصة بهذه المناسبة، مما يخلق فرص عمل مؤقتة خلال تجهيز الفعاليات والمهرجانات، فضلًا عن تعزيز السياحة الداخلية عبر تنقّل العائلات بين المحافظات.

كل هذه العوامل ترفع دورة الأموال داخل السوق المحلي وتنعش النشاط الاقتصادي، وفي الوقت نفسه تعزّز الهوية الوطنية من خلال الاحتفال الواعي. فالإنفاق في المناسبات الوطنية هو استثمار في الهوية؛ لأنه يعمّق الارتباط بالتراث والقيم العمانية، ويشجع دعم المنتجات المحلية، مما يعزز الفخر بالصناعة الوطنية، ويخلق ذاكرة مشتركة بين أفراد المجتمع تزيد من الانتماء والولاء.

وهكذا تتحول الهوية من شعور داخلي إلى ممارسة يومية تتمثل في شراء منتج عماني وتعليم الأبناء معنى هذا اليوم الوطني، بحيث يصبح التخطيط المالي للاحتفال باليوم الوطني المجيد جزءًا من احترام هذه المناسبة وتعظيم أثرها الاقتصادي والوطني وتعزيزا للهوية الوطنية.

حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية