1211203
1211203
روضة الصائم

مكتبة الشيخ محسن بن زهران العبري الأهلية من النشأة والتكوين إلى الإشهار والتطور

07 مايو 2019
07 مايو 2019

العبري لروضة الصائم: أقترح دراسة اللائحة الحالية للمكتبات وتقديم دعم مالي أسوة بالأندية واعتماد يوم سنوي -

إعداد: مكتب عمان بنزوى -

تقع المكتبة في بيت الحمراء التراثي في حي المنيزف بولاية الحمراء، وهذا الموقع متميز من حيث أنه يقع في وسط الولاية وبها متسع لوقوف سيارات زوار المكتبة، وبيت الحمراء التراثي هو بيت تم إنشاؤه عام 1295 هجري على شكل حصن به برجين، إلا أنه بتعاقب الزمن عليه تهدم، وتمت إعادة بنائه عام 1971م بدون البرجين، واتخذه الشيخ محسن بن زهران العبري (ولد عام 1348هـ) سكنا له، وبعد وفاته تمت إعادة ترميمه ليكون منبر علم وثقافة حيث يحوي الآن مكتبة ومتحفا.

تكونت مكتبة الشيخ محسن بن زهران العبري خلال فترتين، في الفترة الأولى كانت مكتبة خاصة، تحوي نتاج جمع كتبه وهو في عمر خمس سنوات، حين حصل من جده على مخطوط جزء سورة عم، وكان بخط جده كما حكى لنا، وكان هذا المخطوط حتى بداية السبعينيات من القرن الماضي محتفظا به، وفي فترة لاحقة وهو في عمر الخامسة عشرة سنة، فتح بيت أجداده المسمى ببيت «الأدماني» كمدرسة، قام بالتعليم فيها سماحة الشيخ المفتي إبراهيم بن سعيد العبري، وتعلم فيها عدد من تلاميذ الشيخ المفتي، والذين من ضمنهم الشيخ صاحب المكتبة، وكانت تضم في طياتها عددا من المخطوطات والوثائق والكتب، والتي كانت بداية لمكتبة الشيخ رحمه الله، وقد تم تسليم عدد من هذه المخطوطات إلى وزارة التراث والثقافة وتوجد صور منها بالمكتبة.

وبلغ عدد ما تحويه المكتبة في الفترة الأولى ما يقارب ثلاثة آلاف عنوان، ولكن كانت كباقي المكتبات الأهلية غير مفهرسة.

وفي الفترة الثانية فإنه نظرا لما تحويه مكتبة الشيخ محسن بن زهران العبري (ت: 2012) من كتب، فقد ارتأى أن يبقيها مستمرة في خدمة العلم والعلماء بوقفها لتكون مكتبة عامة، يرتادها الباحثون والطلاب، وأوقف معها بيتا في محافظة مسقط، ليكون ريعه لخدمة المكتبة.

وبعد وفاة الشيخ محسن انبرى أبناؤه للبر بأبيهم من خلال تنفيذ وصيته، بتسجيل المكتبة في وزارة التراث والثقافة، ضمن المكتبات الأهلية بما فيها من كتب في مختلف العلوم، إضافة إلى تحف ومقتنيات أثرية لخدمة العامة، وسميت المكتبة باسم الشيخ رحمه الله تخليدا لذكراه، ووصل عدد ما تحويه المكتبة حاليا من كتب ما يقارب من ستة آلاف عنوان.

إعادة تصميم مبنى المكتبة

حول هذه المكتبة الزاخرة بشتى المصنفات، والخطوات التي سارت عليها لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم، يحدثنا نجل المؤلف الشيخ حمد بن محسن بن زهران العبري فيقول في لقاء مع ملحق (روضة الصائم): تم إعادة تصميم مبنى المكتبة، وهو البيت الذي كان سكنا للشيخ رحمه الله، والمكون من طابقين على النمط التراثي، آخذا شكل القلعة والحصن، ويتكون من المكتبة والمتحف والركن العلمي والمسرح والسبلة العمانية بمساحة تقدر بألفي متر مربع.

ويقوم بإدارتها مجلس مؤسسين، يبلغ عددهم ستة أعضاء، وتم تعيبن أمين مكتبة مهمته فتح المكتبة بانتظام وفق الوقت المحدد من قبل الإدارة، وكذلك متابعة تسجيل الكتب والإعارة وإرشاد القراء. وتم تصنيف الكتب وفق تصنيف ديوي العشري.

ويقول حمد بن محسن العبري أيضا: تتألف أركان المكتبة من ركن الكتب والقراءة، وركن خاص بالطفل، وركن ولاية الحمراء، والركن العلمي (الروبوت، والبرمجة والعلوم، الورش الحرفية)، إلى جانب وجود مسرح مفتوح تقام فيه الفعاليات المتعددة.

ومن أجل التعريف بالمكتبة وخدماتها وبرامجها، تم تصميم موقع إلكتروني يوضح معلومات عن مؤسس المكتبة، وسيرته العلمية والعملية والمجتمعية، وكذلك معلومات عن المكتبة وموقعها وأركانها وخدماتها، ووسائل التواصل معها، ويتم من خلال هذا الموقع نشر أخبار المكتبة المختلفة. ورابط الموقع هو (www.mohsin.om)، كما توجد صفحة بفيسبوك وأخرى بتويتر لنشر أخبار وإعلانات المكتبة، كما يتم الحرص على نشر أخبار المكتبة عبر الشبكة الإخبارية لولاية الحمراء وبعض الصحف المختلفة .

افتتاح بيت الحمراء التراثي والمسرح

وعن أهم المنجزات التي قامت بها المكتبة، يقول حمد بن محسن العبري: منجزات المكتبة كثيرة، من بينها افتتاح بيت الحمراء التراثي، الذي يشتمل على عدد من الغرف (غرفة عُمان، ومحافظة الداخلية، وغرفة ولاية الحمراء، وغرفة الشيخ محسن بن زهران العبري، وغرفة المخطوطات، وغرفة الوثائق الخاصة، وغرفة الصور، وغرفة النقود)، كما يحتوي على قاعتين هما (قاعة الوثائق العامة، وقاعة المقتنيات القديمة)، وعدة أركان أهمها (ركن التدريب العلمي والحرفي، وركن الأسلحة التقليدية، وركن النسيج، وركن السعفيات، وركن الحدادة والصفارة، وركن الفخاريات، وركن الزراعة التقليدية) هذا بالإضافة الى نموذج لمجلس بيت تقليدي وغرفة المأوى التقليدية والمطبخ التقليدي.

ومن بين إنجازاتها أيضا افتتاح مسرح المكتبة، الذي يقوم بدوره في استضافة اللقاءات والمحاضرات والندوات كان آخرها استضافته لمناشط شهر رمضان المبارك من خلال أربعة لقاءات للناجحين في الجانب الأكاديمي والتجاري والاجتماعي والتقني، وعمل دراسة عن فلج بلدة الحمراء من الناحية التاريخية وفنية خدمته، ووضع مقترحات للاستغلال الأمثل لمياهه، والدراسة تمثل الجزء العلوي منه، وهو من شريعة الفلح إلى أمهات سواعد الفلح. وجاري حاليا استكمال الجزء السفلى منه، وهو من شريعة الفلج الى أماكن ري المزروعات.

مشروع طباعة الكتب

كما قامت المكتب بطباعة عدد من الكتب، من بينها الجزء الأول من كتاب «ولاية الحمراء - بلدان وقبائل»، وكتاب «السبلة» لمؤلفهما الشيخ محسن بن زهران العبري – رحمه الله - كما تم طباعة الجزء الأول من ديوان «نور الأعيان وضوء الأذهان» في مدح الشيخ محسن بن زهران بن محمد بن إبراهيم العبري وأخيه وابنيه، وكتيب سياحي بعنوان بيت الصفاة باللغتين العربية والانجليزية، وجاري حاليا متابعة طباعة الأجزاء الأخرى من هذه الكتب وفق الإمكانات المادية والفنية.

وشاركت المكتبة في معرض الوثائق الذي تم بالتزامن مع ندوة الحمراء عبر التاريخ، وافتتاح ركن الطفل، ويقوم بمسابقات وورش مختلفة، وإقامة ندوة عن الأديب الشاعر المر بن سالم الحضرمي رحمه الله، الذي أحضره الشيخ زهران بن محمد بن زهران العبري في بداية القرن الرابع عشر الهجري، لتعليم اللغة العربية وآدابها في الحمراء، وقد تم ذلك بالتعاون والتنسيق مع مكتبة الإمام جابر بن زيد – رحمه الله- بفرق بولاية نزوى وأقيمت الفعالية بمناسبة مرور 100 عام على وفاة الأديب والشاعر المر رحمه الله.

وقال أيضا: إن الأنشطة التي قامت بها المكتبة كثيرة، وهي في ازدياد سنويا، وحظيت بزيارات لشخصية دينية وعلمية ورسمية، وزيارات لشخصيات سياسية من خارج السلطنة، إلى جانب زيارة علماء وأستاذة ودكاترة، وعدد كبير من الباحثين ومحبي الاطلاع.

الركن العلمي ومشغل تدريبي

تضم المكتبة ركنا علميا تم افتتاحه بهدف خدمة المجتمع في تدريبه على الإلكترونيات الممتعة، والإلكترونيات التطبيقية، والاريدينو والروبوت والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى التدريب على الحرفيات التي كانت موجودة في الولاية، وبدأت في الانقراض، كحرفة النسيج وحرفة صناعة البارود وصب الرصاص، وحرفة السعفيات وحرفة الزراعة التقليدية، وحرفة صناعة النيل والحلوى وغيرها من الحرف، وذلك بالتنسيق مع اللجنة الوطنية للشباب والقرية الهندسية.

أما عن المخطوطات والوثائق فقد وضع لها ركن خاص والوثائق منها مخطوطات ووثائق أصلية وبعضها صور من وثائق، كما توجد بعض المخطوطات والوثائق بصيغة إلكترونية.

أما ركن الحمراء وهو ضمن أقسام المكتب، فيقول حمد بن حمد العبري: إنه يشمل جميع مؤلفات الذين سكنوا ولاية الحمراء، من كتب ورسائل ماجستير ودكتوراه وغيرها من الدراسات، وجميع ما كتبه مؤلفون آخرون عن الحمراء، وبقدر الإمكان تقوم المكتبة بتصوير صاحب المؤلف، الذي سوف يلقي ملخصا عن كتابه بالفيديو لتوثيق ذلك بالصورة.

وللآباء والأجداد ذاكرة ثقافية، لذلك حرصت المكتب على توثيقهم والاستفادة منهم، وتكليف أحمد بن هلال العبري لتجميع حلقات (ذاكرة الآباء والأجداد) التي قام بتسجيلها معهم سواء من ولاية الحمراء أو من خارجها، وعمل لقاءات مع بعض المهتمين بالمسيرة التعليمية.

تمويل المكتبة بالوقف

أما عن تمويل المكتبة، فإن الشيخ محسن العبري أوقف بيتا له يقع في محافظة مسقط، يعود ريعه للمكتبة، وتحاول إدارة المكتبة أن تسجل المقتنيات التي يؤول بعضها إلى المكتبة، باسم بيت الحمراء التراثي، وتسويق هذا البيت للشركات السياحية، لإيفاد سياح ويكون جزءا من ريع البيت لمقابلة مصروفات المكتبة، وتطوير كل من البيت والمكتبة، إلا أنه للأسف حتى الآن لم نحصل على الموافقة على الرغم من أن المكتبة والبيوت التراثية هي تحت إشراف وزارة واحدة وهي وزارة التراث والثقافة.

ويتحدث حمد بن محسن العبري عن الصعوبات التي تواجه المكتبة، من بينها قلة الموارد المالية، وعدم وجود نظام فهرسة متطور، وقلة الإقبال على القراءة، وعدم وجود أراض للمكتبات يمكن فيها بناء مكتبة حديثة ومتطورة، وكذلك عدم تفور كوادر فنية تعمل في المكتبة بصورة مستمرة، لذلك فإن اللائحة المتعلقة بالمكتبات تحتاج إلى تحديث في بنودها.

الطموح والأمنيات المستقبلية

ويقدم حمد بن محسن العبري مجموعة من المقترحات التي تخدم عمل المكتبات الأهلية، من بينها دراسة اللائحة الحالية للمكتبات، بالتنسيق مع المكتبات الأهلية، وتقديم دعم مالي للمكتبات، أسوة بالأندية الرياضية، وإيجاد تكاملية بين المكتبات في الولاية ثم المحافظة ثم الوطن، واعتماد مسابقات تنافسية بين المكتبات الأهلية لتنشيطها في الأنشطة المختلفة. كما يقترح اعتماد يوم سنوي للمكتبات الأهلية، وذلك بهدف التواصل وتكريم المكتبات المتميزة.

ومن بين الطموحات الأخرى التي يتقدم بها حمد بن محسن العبري للجهات المعنية بالمكتبات الأهلية، تخصيص أرض ومبنى مستقل لكل مكتبة، والوصول بالمكتبة إلى مركز ثقافي لخدمة المجتمع بالولاية خاصة والعماني عامة، واستكمال طباعة الكتب التي بدأت المكتبة في طباعتها، وطباعة كتب أخرى، وتطوير شجرة نسب الأسرة، وتوثيق كل ما يخص ولاية الحمراء من مخطوطات ووثائق ليتيح لزوار الولاية الاطلاع على تاريخها الحافل بالمنجزات، وعمل ندوات لشخصيات لها دور بارز في الولاية والولايات المجاورة، والوطن بشكل عام.