اتفاقات واختلافات في قـمة «الناتـو»
شهدت العاصمة البريطانية لندن، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين فعاليات اجتماع زعماء حلف شمال الأطلسي «الناتو»، بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيسه عام 1949. وشارك في الاجتماع زعماء الدول الأعضاء الـ29. ونقلت التقارير الإعلامية ما قاله رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع جاء فيها: «السلام الذي نعيشه يؤكد ببساطة أساس هذا التحالف، فطالما نحن نقف معا، لا يمكن لأحد أن يأمل إلحاق الهزيمة بنا، وبالتالي لن يبدأ أحد الحرب». وأضاف: «إذا تعرض أحد منا للهجوم، فسوف نذهب جميعًا للدفاع عنه». كما نوه إلى تخصيص بريطانيا «أكثر من 2% من الناتج المحلي لميزانية الدفاع الخاصة بالناتو».
وأشاد ينس ستولتنبرغ، الأمين العام بحلف «الناتو» ووصفه بأنه «الأنجح على مدار التاريخ» باعتباره المنصة الوحيدة التي تشهد مناقشات وقرارات زعماء أمريكا الشمالية وأوروبا، وتتخذ يوميًا إجراءات لحماية ما يقرب من مليار شخص.. ومهما بلغت الاختلافات بين أعضائه سيستمر موحدًا حول الهدف الأساسي له وهو الدفاع عن أعضائه بعضهم بعضًا.
ورغم ذلك نشرت «الجارديان» تقريرًا كتبه دان صباغ بعنوان «انقسام الولاءات داخل حلف الناتو يثير الشكوك حول فاعليته»، جاء فيه انه بعد 70 سنة من تأسيس الحلف لمواجهة الاتحاد السوفييتي تحت قيادة جوزيف ستالين، ها هو يعود إلى أول مقر له في بريطانيا بهدف مناقشة عدد من الأمور المهمة.
ومن أبرز الخلافات بين قادة الدول أعضاء الحلف، العمل العسكري التركي الأخير في شمال سوريا، ومستويات الإنفاق العسكري للأعضاء، وتعليقات ماكرون الأخيرة حول الحلف ووصفه بأنه أصيب بحالة «موت دماغي» داعيًا إلى مراجعة استراتيجيته.
وأثارت تعليقات ماكرون أجواء من التوتر خلال جلسات الحلف، حيث اعتبرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنها تصريحات «مهينة للغاية ومسيئة جدًا»، إلى أن «لا احد بحاجة إلى حلف الأطلسي اكثر من فرنسا». ورد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على ماكرون بأنه هو نفسه «في حالة موت دماغي».
وصاحب انعقاد قمة «الناتو» تظاهر عشرات الآلاف من الأطباء والممرضات وغيرهم من عمال هيئة الصحة الوطنية، وكثيرون من الرافضين لسياسات الرئيس الأمريكي ترامب وحلف الناتو في «ميدان الطرف الأغر» وسط لندن، نظمها حملة نزع السلاح، ومنظمة «اوقفوا الحرب» ومنظمات أخرى عدة. ورفع المتظاهرون لافتات تحمل كل منها قضية مختلفة، منها المطالبة بانسحاب بريطانيا من حلف الناتو، وأخرى تطالب ترامب برفع يديه عن خدمات الصحة الوطنية، وإنهاء التسليح النووي والقضاء عليه.
وتمخضت القمة عن مذكرة تفاهم من سبعة بنود تؤكد على التزام الدول بالدفاع عن بعضها البعض في أوقات الشدائد، وعلى اللقاء في قمة أخرى مجددًا في عام 2021. والتعهد بزيادة الميزانية العسكرية للحلف، ومواجهة التهديدات من روسيا والإرهاب، ومنع الانتشار النووي. وتعزيز التعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاه الأمن في أفغانستان، والترحيب بعضوية مقدونيا الشمالية، وضمان وتعزيز التشاور بين دول الحلف.
ولم تخل القمة من مفارقات غريبة لعل أبرزها إلغاء الرئيس ترامب مؤتمره الصحفي بعد صدور البيان الختامي ومغادرته قمة «الناتو» في لندن على خلفية تسريب مقطع فيديو أشارت وسائل الإعلام البريطانية يظهر فيه زعماء بعض الدول بالحلف يسخرون من الرئيس ترامب. وتقول صحيفة «الاندبندانت»: إن ترامب وصف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بأنه «ذو وجهين»، بعد حديث جانبي جمع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيس الوزراء الكندي ترودو مساء الثلاثاء الماضي.
وبحسب صحيفتي «مترو» و«الصن» أظهر مقطع فيديو مدته 25 ثانية الزعماء الثلاثة، ماكرون وجونسون وترودو، وهم يتحدثون عن الرئيس ترامب بغيابه دون أن يذكروا اسمه، حيث أظهر مقطع الفيديو أن الزعماء الثلاثة كانوا يتحدثون عن سبب تأخر ماكرون عن حفل الاستقبال الذي أقامته الملكة في قصر باكنجهام. وذكرت صحيفة «مترو» أن ترامب وصف ترودوا بأنه «ذو وجهين»، مضيفًا «أراه شخصًا لطيفًا للغاية ولكنك تعلم أن الواقع أني أخبرته حقيقة أنه لا يدفع 2% حصة بلاده في الناتو، أرى انه غير سعيد بهذه المكاشفة، ويجب عليه أن يدفع الـ2% كندا لديها أموال». وتمخضت القمة عن مذكرة تفاهم من سبعة بنود تؤكد على التزام الدول الأعضاء بالدفاع عن بعضها البعض في أوقات الشدائد، والالتزام بزيادة الميزانية العسكرية، والتهديدات التي تواجه الحلف، ومنع الانتشار النووي، والالتزام تجاه أفغانستان، والترحيب بعضوية مقدونيا الشمالية، وإنشاء منظومة للتشاور بين أعضاء الحلف. وعلى أمل اللقاء في قمة أخرى عام 2021.
