No Image
الاقتصادية

ازدهار سياحة الأعمال بسلطنة عمان.. والعوائد تتجاوز 15 مليون ريال في 2025

27 ديسمبر 2025
27 ديسمبر 2025

تعد سياحة الأعمال أحد المسارات النوعية القادرة على تحقيق قيمة اقتصادية مضافة، وتعزيز حضور سلطنة عمان على خريطة السياحة العالمية، بعيدا عن الموسمية والأنماط التقليدية. هذا القطاع الذي يرتبط مباشرة بحركة الاقتصاد، ونقل المعرفة، واستقطاب الاستثمارات؛ أصبح اليوم جزءا من الرؤية الحكومية لتنويع مصادر الدخل ورفع كفاءة العائد السياحي.

وتعمل وزارة التراث والسياحة على تطوير هذا المسار عبر مكتب عمان للمؤتمرات الذي يتولى مهام التخطيط، والترويج، والتنسيق مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص، إلى جانب استقطاب الفعاليات الإقليمية والدولية، وتهيئة البيئة التنظيمية والبنية الأساسية الداعمة لهذا القطاع الحيوي. وقد حققت سلطنة عمان خلال السنوات الأخيرة حضورا لافتا في استضافة مؤتمرات متخصصة وفعاليات دولية كبرى، انعكست آثارها الاقتصادية على قطاعات متعددة، من الضيافة والنقل إلى الخدمات اللوجستية والشركات المحلية.

وقد استقبلت سلطنة عمان أكثر من 114 مجموعة في مجال سياحة الحوافز والاجتماعات، وحققت هذه الأنشطة عائدا اقتصاديا مباشرا تجاوز 15 مليون ريال عماني في العام 2025م.

وفي هذا السياق، يكتسب انتخاب خالد بن وليد الزدجالي مدير مكتب عمان للمؤتمرات كأول عماني عضوا في اللجنة الدولية للمؤتمرات والقمم، أهمية خاصة؛ كونه يعكس مستوى الثقة الدولية المتنامية في التجربة العمانية، ويفتح آفاقا جديدة للاستفادة من الشبكات العالمية، والمعرفة المتخصصة، والفرص المستقبلية في هذا المجال.

ومن خلال هذا الحوار سلط خالد الزدجالي الضوء على واقع سياحة الأعمال في سلطنة عمان، وأثرها الاقتصادي، واستراتيجيات استقطاب الفعاليات الدولية، ودور البنية الأساسية والشراكات المؤسسية.

-كيف تنظرون إلى سياحة الأعمال بوصفها أحد مسارات التنمية الاقتصادية؟

تعد سياحة الأعمال من القطاعات السياحية المهمة التي توليها وزارة التراث والسياحة اهتماما خاصا، باعتبارها أحد المسارات الداعمة للتنويع الاقتصادي وزيادة العائد السياحي. ومن هذا المنطلق، أنشأت الوزارة جهة متخصصة تعنى بهذا القطاع، وهي مكتب عمان للمؤتمرات، حيث يعمل على تطوير القطاع وتنميته وتعظيم أثره الاقتصادي.

ويرتكز عمل المكتب على ثلاثة محاور رئيسية؛ يتمثل المحور الأول في ربط أصحاب المصلحة من الجهات الحكومية والقطاع الخاص ذات العلاقة، حيث يعمل المكتب كنقطة تواصل بين هذه الجهات لتسهيل التنسيق وتكامل الأدوار، وتيسير الإجراءات المرتبطة بسياحة الأعمال.

أما المحور الثاني، فيتمثل في تطوير القطاع وبناء القدرات، من خلال تنفيذ برامج تدريبية متخصصة بالتعاون مع جهات دولية مختصة، وبمشاركة الفنادق، ومركز عمان للمؤتمرات والمعارض، والطيران العماني، إلى جانب الجهات الحكومية والخاصة. وشهد هذا العام تنفيذ أول برنامج تدريبي يستهدف الجامعات والكليات بالتعاون مع الجمعية العالمية للمؤتمرات، وبمشاركة ثماني مؤسسات أكاديمية، في تجربة نوعية هدفت إلى رفع الوعي بأهمية القطاع وخلق جيل مؤهل للعمل فيه.

فيما يركز المحور الثالث على الترويج لسلطنة عمان كوجهة لسياحة الأعمال، سواء في مجال الاجتماعات والحوافز، أو المعارض والمؤتمرات، عبر قنوات ترويجية متعددة وشراكات استراتيجية مع القطاع الخاص.

-ما مفهوم سياحة الأعمال، وما مجالاته ؟

ينقسم قطاع سياحة الأعمال إلى أربعة مجالات رئيسية، هي: سياحة الحوافز، وسياحة الاجتماعات، وسياحة المعارض، وسياحة المؤتمرات.

وتعد سياحة الحوافز من أبرز هذه الأنماط، حيث تلجأ المؤسسات الإقليمية والدولية إلى مكافأة موظفيها أو عملائها برحلات تجمع بين الترفيه والاجتماعات المهنية، ومناقشة الخطط المستقبلية أو إطلاق المنتجات الجديدة، وهو نمط شائع في قطاعات متعددة كالصحة، والاتصالات، والبنوك، والسيارات، والتأمين.

أما سياحة الاجتماعات، فتشمل الاجتماعات الدورية التي تعقدها المؤسسات بمختلف أحجامها، سواء كانت على مستوى فرق صغيرة أو تجمعات كبيرة تضم مئات المشاركين، ويتميز هذا النوع بعائده الاقتصادي المرتفع مقارنة بالسياحة التقليدية.

-ما العائد الاقتصادي لهذا النوع من الصناعة في سلطنة عمان؟

خلال العام الجاري، استقبلت سلطنة عمان أكثر من 114 مجموعة في مجال سياحة الحوافز والاجتماعات، وحققت هذه الأنشطة عائدا اقتصاديا مباشرا تجاوز 15 مليون ريال عماني في عام 2025م، وفق آلية احتساب تعتمد على عدد الليالي وعدد المشاركين.

ويضاف إلى هذا العائد المباشر عوائد غير مباشرة لا تدخل ضمن الحسابات الرسمية، مثل عودة الزوار مرة أخرى برفقة عائلاتهم، أو إنفاقهم في الأسواق المحلية، ما يعزز الأثر الاقتصادي الكلي لهذا القطاع.

-ماذا عن سياحة المؤتمرات الدولية؟

تركز سياحة المؤتمرات على استقطاب المؤتمرات التي تنظمها الجمعيات والمنظمات الإقليمية والدولية، وليس المؤتمرات المدفوعة أو المحلية. ويعمل مكتب عمان للمؤتمرات بالتعاون مع الجهات المحلية الأعضاء في هذه الجمعيات على إعداد ملفات استضافة تنافس بها سلطنة عمان دولا أخرى، ضمن عملية تنافسية تمتد أحيانا عدة سنوات قبل اتخاذ قرار الاستضافة.

وقد استضافت سلطنة عمان مؤخرا عددا من المؤتمرات الدولية البارزة، من بينها مؤتمر الجمعية العربية للمسالك البولية بمشاركة أكثر من 1400 مختص، إضافة إلى مؤتمر الكلية الملكية البريطانية لأطباء النساء والولادة بمشاركة تجاوزت 2500 مشارك.

-ما حجم مساهمة مكتب عمان للمؤتمرات في القطاع؟

ساهم مكتب عمان للمؤتمرات خلال العام الجاري في استقطاب وتسهيل تنظيم نحو 25 مؤتمرا ما بين وطني وإقليمي ودولي، سواء من خلال استقطاب مباشر، أو عبر تسهيل الإجراءات، أو دعم ملفات الترشح لمؤتمرات ستقام خلال السنوات المقبلة.

-ما دلالات انتخابكم عضوا في اللجنة الدولية للمؤتمرات والقمم؟

تعد اللجنة الدولية للمؤتمرات والقمم من أقدم وأكبر المنظمات العالمية المعنية بهذا القطاع، وتضم في عضويتها نحو 80 دولة، وتشكل مظلة تنظيمية ومعرفية لسياحة المؤتمرات على مستوى العالم.

ويمثل انتخابي كأول عماني في مجلس إدارة هذه اللجنة خطوة إيجابية تعكس حضور سلطنة عمان المتنامي في هذا القطاع، وتتيح لنا الاطلاع على البيانات والإحصاءات العالمية، والتعرف على المؤتمرات المستقبلية، إلى جانب الاستفادة من الخبرات الدولية في تطوير السياسات والأطر التنظيمية محليا.

كما يساهم هذا التمثيل في تعزيز شبكة العلاقات الدولية، ودعم الجهود الترويجية لسلطنة عمان، ورفع مكانتها كوجهة موثوقة لاستضافة الفعاليات الكبرى.

-ما أبرز الاستراتيجيات الحكومية لاستقطاب الفعاليات الدولية؟

تنقسم الاستراتيجية إلى مسارين؛ الأول يركز على سياحة الحوافز والاجتماعات من خلال استهداف أسواق محددة مثل ألمانيا، وبريطانيا، وإيطاليا، وفرنسا، إضافة إلى السوق الإسبانية والروسية، إلى جانب أسواق الخليج والهند.

أما المسار الثاني، فيتعلق بسياحة المؤتمرات، حيث يتم التركيز على القطاعات لا الأسواق، ويأتي القطاع الطبي في الصدارة، إذ يشكل ما بين 60 إلى 65% من المؤتمرات الدولية عالميا، مستفيدين من وجود روابط طبية عمانية فاعلة ومرتبطة بجمعيات دولية.

-كيف تسهم البنية الأساسية في دعم هذا القطاع؟

تتمتع سلطنة عمان ببنية أساسية متكاملة تشمل مطارات حديثة، وتسهيلات في التأشيرات، وشركات طيران، إضافة إلى مركز عمان للمؤتمرات والمعارض الذي يعد من أبرز المراكز على مستوى المنطقة، إلى جانب الطاقة الاستيعابية للفنادق، وتأهيل الشركات المحلية المتخصصة.

هذه العناصر مجتمعة تجعل سلطنة عمان مهيأة لاستقطاب فعاليات عالمية، مع وجود قابلية للتوسع كلما ارتفع حجم الطلب.

-كيف تتم عملية ضمان جودة الخدمات المقدمة؟

تعمل الوزارة على المتابعة المباشرة للفعاليات، وأخذ التغذية الراجعة من المشاركين ومنظمي الفعاليات، إلى جانب التقييم المستمر لأداء الشركات المحلية، وتقديم الدعم والتوجيه اللازمين لتحسين مستوى الخدمات، بما يضمن تجربة متكاملة للمشاركين.

-ما دور المكتب تجاه المؤتمرات التي تنظمها جهات حكومية أخرى؟

يلعب مكتب عمان للمؤتمرات دورا استشاريا داعما للجهات الحكومية التي تنظم مؤتمرات تخصصية، من خلال تقديم المشورة، وترشيح الشركات والمواقع المناسبة، والمساعدة في رفع مستوى الفعاليات من المحلي إلى الإقليمي والدولي، بما يعزز التأثير الاقتصادي وجودة التنظيم.

-كيف تنظرون لمستقبل هذا القطاع خلال السنوات العشر القادمة؟

تنظر الوزارة إلى هذا القطاع بنظرة إيجابية، وتسعى إلى زيادة عدد الفعاليات الكبرى، وتعظيم العائد الاقتصادي، وتعزيز التعاون مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص، إلى جانب تطوير الموارد البشرية المتخصصة.

-ماذا عن توزيع سياحة الأعمال على المحافظات؟

لا يقتصر توجه الوزارة على مسقط فقط، بل تعمل على تطوير سياحة الأعمال في المحافظات، مثل الجبل الأخضر في سياحة الحوافز والاجتماعات، ومحافظة ظفار في المؤتمرات، مع التوجه لتنظيم فعاليات خارج موسم الخريف، بما يعزز الاستفادة السياحية على مدار العام.