No Image
عمان اليوم

باحثة عمانية تضع خريطة طريق لإنتاج الهيدروجين بنقاوة 99%.

26 ديسمبر 2025
26 ديسمبر 2025

حوار-غالية الذخرية

نوار بنت ناصر العامرية، باحثة حاصلة على درجة الماجستير في الهندسة الكيميائية وهندسة العمليات من جامعة السلطان قابوس، وتعمل حاليًا في شركة الغاز المتكاملة، كشفت عن نتائج بحثها حول تطوير وإنتاج الهيدروجين الأخضر، مقدمة حلولًا علمية لمواجهة أبرز تحديات هذا المجال، المتمثلة في التكلفة العالية واستهلاك الطاقة المفرط. ونجحت الباحثة في خفض الطاقة المطلوبة لتسييل الهيدروجين إلى 7.5 كيلوواط ساعة/كغم، والوصول إلى هيدروجين سائل بنقاوة تتجاوز 99%، ممهّدة الطريق نحو التحول إلى أنظمة طاقة نظيفة ومستدامة، بما يسهم في تعزيز الابتكار والكفاءة في قطاع الطاقة المتجددة.

وفي حوار خاص لـ"عُمان"، أوضحت نوار بأن اختيارها للهيدروجين الحيوي محورًا لهذا البحث يأتي لارتباطه المباشر بمفهوم الاستدامة، حيث يُعد أحد أشكال الهيدروجين الأخضر عند إنتاجه من مصادر متجددة، مثل الكتلة الحيوية والمخلفات العضوية، مما يحقق تكاملاً بين إنتاج الطاقة وإدارة النفايات في الوقت نفسه. كما يتميز الهيدروجين الحيوي بإمكانية تقليل انبعاثات الكربون مقارنة بالهيدروجين المنتج من الوقود الأحفوري، خاصة عند دمجه مع تقنيات فصل واستخدام ثاني أكسيد الكربون.

Image

وكان هذا نص الحوار:

ـــ ما الذي يميز الهيدروجين الأخضر السائل عن أشكال الهيدروجين الأخرى؟

يميز الهيدروجين الأخضر السائل كونه يُنتج من مصادر متجددة مثل الكتلة الحيوية أو الطاقة المتجددة، وليس من الوقود الأحفوري. ويُحول إلى الحالة السائلة لتسهيل تخزينه ونقله لمسافات طويلة، مما يجعله خيارًا مستدامًا وفعالًا للطاقة، ويقلل الانبعاثات الكربونية، مع إمكانية دمجه في الصناعات ووسائل النقل منخفضة الانبعاثات.

ــ حسب ما ذكرتم أن الهيدروجين الناتج من الكتلة الحيوية يكون مختلطًا بثاني أكسيد الكربون، كيف تعاملتم مع هذه الإشكالية؟

قد تم فصل خليط الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون باستخدام تقنية التجمّد العميق، حيث يُبرّد الخليط إلى درجات حرارة منخفضة فيتحول ثاني أكسيد الكربون إلى الحالة الصلبة، بينما يبقى الهيدروجين في الحالة الغازية. تتيح هذه التقنية فصل الهيدروجين بنقاوة عالية، كما تمكّن من الاستفادة من ثاني أكسيد الكربون بدل إطلاقه في الهواء، مما يساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية وجعل العملية أكثر كفاءة واستدامة من حيث استهلاك الطاقة وحماية البيئة. كما يمكن استخدام ثاني أكسيد الكربون الملتقط داخل العملية نفسها لتعزيز كفاءة التسييل أو في تطبيقات صناعية أخرى، حيث يُستخدم بكثرة في المصانع والمنتجات الصناعية، مما يدعم استراتيجيات الحياد الكربوني الوطنية والعالمية.

ــ كيف يتم تسييل الهيدروجين، ولماذا تُعد هذه المرحلة عادةً عالية الكلفة في الطرق التقليدية؟

يتم تسييل الهيدروجين عبر تبريده تدريجيًا حتى يصل إلى درجات حرارة منخفضة جدًا تتحول عندها جزيئات الهيدروجين من الحالة الغازية إلى السائلة، مما يسهل تخزينه ونقله لمسافات طويلة، وتُعد هذه المرحلة عادةً عالية الكلفة في الطرق التقليدية بسبب الحاجة لاستهلاك كميات كبيرة من الطاقة لتبريد الهيدروجين، بالإضافة إلى تعقيد المعدات وأنظمة التبريد المطلوبة.

ــ إلى أي مدى نجحتم في رفع كفاءة العملية وتقليل الفاقد الطاقي؟

تمكنا من تحسين كفاءة العملية بشكل ملحوظ وتقليل الفاقد الطاقي، حيث انخفضت استهلاك الطاقة لتسييل الهيدروجين إلى 7.5 كيلوواط ساعي لكل كغم، مقارنة بـ 12–15 كيلوواط ساعي في الطرق التقليدية، وزدنا كفاءة الإكسرجي من 31.5% في الحالة الأساسية إلى 41.3%، كما تم تقليل الفاقد الطاقي بشكل كبير من خلال تحسين اختيار المبرّدات وظروف التشغيل، مما يجعل العملية أكثر كفاءة واقتصادية وصديقة للبيئة.

ــ ما مستوى نقاوة الهيدروجين السائل الذي تم الوصول إليه، ولماذا تُعد هذه النسبة مهمة صناعيًا؟

تمكنا من الحصول على هيدروجين سائل بنقاوة تفوق 99% من النوع Para-H₂. هذه النسبة عالية جدًا، وتعد مهمة صناعيًا لأنها تضمن كفاءة استخدام الهيدروجين في التطبيقات الصناعية ووسائل النقل، وتقلل من فقد الطاقة أثناء التخزين والنقل، كما تساعد في تلبية المعايير العالمية للإنتاج والتوزيع الآمن للهيدروجين السائل.

ــ كيف تنعكس هذه التقنية على تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر مقارنة بالحلول الحالية؟

تساهم هذه التقنية في خفض تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بشكل ملحوظ مقارنة بالطرق التقليدية، وذلك بفضل تقليل استهلاك الطاقة وتقليل عدد وحدات التبريد المطلوبة، وتحسين كفاءة الفصل والتسييل، كل ذلك يؤدي إلى انخفاض التكاليف الرأسمالية والتشغيلية، مما يجعل إنتاج الهيدروجين أكثر اقتصادياً وقابلاً للتطبيق على نطاق صناعي واسع، وأكدت بأن هذه الطريقة تعد خطوة عملية نحو اقتصاد منخفض الكربون؛ لأنها تجمع بين إنتاج الهيدروجين الأخضر بكفاءة عالية وتقليل استهلاك الطاقة، وفي الوقت نفسه تلتقط ثاني أكسيد الكربون الناتج بدل إطلاقه في الجو، وهذا يساهم في خفض الانبعاثات الكربونية ويدعم أهداف الاستدامة والحياد الكربوني على المستوى الوطني والعالمي، ويقوي الأساس لتطوير سلسلة قيمة للهيدروجين منخفض الانبعاثات.

ــ كيف يدعم هذا البحث يدعم توجهات "رؤية عمان 2040" في مجال الطاقة النظيفة؟

عن طريق توفير طريقة عملية لإنتاج الهيدروجين الأخضر بكفاءة عالية، على سبيل المثال، يقلل البحث استهلاك الطاقة في تسييل الهيدروجين، ويطبق تقنيات فصل ثاني أكسيد الكربون لتقليل الانبعاثات، هذا يعزز الابتكار في الطاقة المتجددة، ويتيح تطوير صناعات خضراء، ويدعم التنويع الاقتصادي وبناء اقتصاد منخفض الكربون، بما يتماشى مع أهداف السلطنة في الاستدامة والطاقة النظيفة.

ــ ما الفرص التي تتيحها هذه التقنية لسلطنة عُمان في بناء سلسلة قيمة للهيدروجين الأخضر؟

تتيح هذه التقنية لسلطنة عُمان فرصًا كبيرة في بناء سلسلة قيمة متكاملة للهيدروجين الأخضر، من الإنتاج إلى التخزين والنقل والتوزيع من خلال إنتاج هيدروجين سائل بكفاءة عالية وبتكاليف منخفضة نسبيًا، يمكن من تطوير صناعات محلية متقدمة، وجذب الاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة، وتعزيز قدراتها على تصدير الهيدروجين منخفض الانبعاثات، بما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز مكانة السلطنة كمركز إقليمي للهيدروجين الأخضر.

ــ هل ترون أن سلطنة عمان تمتلك المقومات اللازمة لتطبيق هذه التقنية على نطاق صناعي؟

نعم، تمتلك سلطنة عمان مقومات قوية لتطبيق هذه التقنية على نطاق صناعي، حيث تتوافر لديها موارد كبيرة من الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وبنية تحتية متقدمة لتخزين ونقل الغاز، إلى جانب دعم حكومي واضح لتطوير صناعة الهيدروجين الأخضر، كما أن وجود خبراء وباحثين محليين قادرين على تنفيذ الابتكارات التقنية يجعل سلطنة عمان مؤهلة لبناء سلسلة قيمة للهيدروجين الأخضر وتحقيق أهدافها في الاستدامة والحياد الكربون.

ــ ما الخطوة التالية بعد هذا البحث؟ وهل هناك تجارب صناعية أو شراكات مرتقبة؟

حتى الآن، لم نتلق أي دعم مباشر لتطبيق هذه التقنية على المستوى الصناعي، ولا توجد شراكات مستقبلية معلنة، ومع ذلك، نحن نعمل حاليًا على تطوير العملية وتحسينها باستمرار لجعلها أكثر كفاءة واستدامة، مع التركيز على خفض استهلاك الطاقة وزيادة نقاوة الهيدروجين، بالإضافة إلى كيفية الاستفادة من ثاني أكسيد الكربون بشكل فعال داخل العملية وخارجها في التطبيقات الصناعية المختلفة، بما يدعم استراتيجيات الحياد الكربوني.

ــ كيف تتوقعون مستقبل الهيدروجين الأخضر السائل في قطاع النقل والصناعة خلال السنوات القادمة؟

أتوقع أن يلعب الهيدروجين الأخضر السائل دورًا متزايد الأهمية في قطاع النقل والصناعة خلال السنوات القادمة، خصوصًا في القطاعات التي يصعب كهربتها مثل النقل الثقيل والصناعات الكيميائية والصلب، يمكن استخدامه كوقود منخفض الانبعاثات لتقليل انبعاثات الكربون، كما أنه يوفر حلاً مستدامًا لتخزين ونقل الطاقة على مسافات طويلة، بما يدعم التحول نحو اقتصاد طاقة نظيف ومستدام.

ــ ما الرسالة التي تودون توجيهها لصنّاع القرار والمستثمرين في قطاع الطاقة النظيفة؟

رسالتي لصنّاع القرار والمستثمرين في قطاع الطاقة النظيفة هي أن الهيدروجين الأخضر، وخاصة المنتج من مصادر حيوية متجددة، يمثل فرصة كبيرة لتحقيق استدامة الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية، كما أن الاستثمار في تطوير تقنيات إنتاج وتسييل الهيدروجين وكفاءة استخدام ثاني أكسيد الكربون يعزز القدرة الوطنية على التحول نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات، ويوفر فرصًا صناعية وتجارية مستدامة على المدى الطويل، كما أن دعم الابتكار المحلي وتطوير القدرات البحثية يتيح لسلطنة عمان التميز في تقنيات الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، ويعزز موقعها الريادي الإقليمي، مع خلق فرص عمل جديدة في مجالات الهندسة والبحث والصناعة الخضراء، ويشمل ذلك تشجيع التعاون الدولي، الدخول في شراكات عالمية، وتنويع مصادر الطاقة، ودعم الصناعات منخفضة الانبعاثات، مع التكامل مع الاقتصاد الدائري من خلال استخدام المخلفات والكتلة الحيوية لإنتاج الطاقة، وأنا مستعدة لأي فرصة للتعاون مع الباحثين والمؤسسات الداعمة، والمساهمة بدعم تطوير هذه التقنيات بشكل أكثر كفاءة واستدامة، بما يعزز تطبيقها عمليًا ويدعم تحقيق "رؤية عُمان 2040" وأهداف الحياد الكربوني 2050.

Image