ثقافة

"كما تحدث عشرون قبلي".. مجموعة قصص تنسج خيوطها فاطمة الحوسنية

28 نوفمبر 2025
28 نوفمبر 2025

في عملٍ أدبي يفيض إنسانية تصدر الكاتبة فاطمة الحوسنية عن دار لبان للنشر كتابها (كما تحدث عشرون قبلي) وهو مجموعة قصصية تنسج من خيوط الألم حكايات تتقاطع فيها الطفولة والفقد والعزلة والأمل ليغدو كل نصٍّ مرآة لروحٍ تحاول النجاة بالكلمة.

ينقسم الكتاب إلى أربعة فصول تتناول محاور إنسانية متتابعة: الطفولة والأحلام الفقد والموت والهوية والعزلة والأمل والمقاومة وكل قصةٍ من قصصه تنطق بصدق التجربة ومرارة الخوف وسؤال الذات الذي لا ينتهي - في قصة (روح لم تكبر) تواجه الطفولة قسوة الواقع حين يصبح الخوف ظلًّا لا يفارق صاحبه، وفي (موت تحت سرير الولادة) يتجسد الفقد في لحظة ولادةٍ تحمل مفارقة الحياة والموت في آنٍ واحد، أما (صرخة في الغرفة الرمادية) فتفتح جرحًا صامتًا حول الخيانة والخذلان والسكوت المفروض على الضحايا ويتابع الكتاب نماذج أخرى من القصص التي تعكس عمق التجربة الإنسانية مثل (العابر بين الضفتين) التي تكشف عن الغربة الداخلية بين الذات والعالم، و(ترياق واختفاء) التي تبحث عن إمكانية الشفاء من الحزن، و(على كتف الجلاد) التي تكشف استغلال الضعف الإنساني في وجه الفقر والخذلان تكتب فاطمة الحوسنية بلغةٍ تمزج الشعر بالسرد والبوح بالتوثيق فكل قصة تترك أثرها كأنها اعتراف متأخر من جيلٍ حاول أن يتكلم بعد أن صمت كثيرًا تقول في مقدمة كتابها نحن في الحقيقة نمثل جميع هذه القصص لا نستطيع أن نحكي ولا أن نصرخ ولا أن نقاتل نحن نستطيع فقط أن نكتب - بهذا الوعي تضع الكاتبة الكتاب في خانة الأدب الإنساني الذي يعيد للكتابة دورها الأصيل: أن تكون مساحة للنجاة، والتطهر من الخوف.

(كما تحدث عشرون قبلي) ليس مجرد مجموعة قصصية، بل هو صوت جماعيٌّ لأولئك الذين لم يُتح لهم أن يتحدثوا والذين كما تقول فاطمة ما زالوا يبحثون عن أنفسهم لكنهم مستمرون في المحاولة. - يحمل الكتاب بُعدًا فكريًا واضحًا، إذ يطرح تساؤلات حول الإنسان وعلاقته بالخوف والذاكرة والهوية ويعيد قراءة الألم كجزء من التجربة الوجودية في كل قصة تتجلى فكرة الوعي بالذات والبحث عن معنى الحياة وسط الفقد لتتحول الكتابة إلى تأملٍ فلسفي في جوهر الإنسان يحتوي الكتاب على عشرين قصة متنوعة تجمع بين الواقع والخيال فمنها قصص مستوحاة من أحداث حقيقية تلامس الواقع الإنساني وأخرى تنسج خيوطها من الخيال لتضيء مناطق الصمت والدهشة - أما القصة الأخيرة فهي لم تُكتب بعد بل ما تزال على قيد الانتظار تفتح الباب أمام القارئ ليكمل ما بدأته الأرواح التي تحدثت قبله.