عمان اليوم

آراء متباينة في الميدان التربوي حول إجراءات تخفيف الحقيبة المدرسية

22 سبتمبر 2025
22 سبتمبر 2025

بدأت ملامح الإجراءات التي وجّهت بها وزارة التربية والتعليم لتخفيف ثقل الحقيبة المدرسية لطلبة الصفوف (1–4) تتضح في واقع الميدان التربوي.

فبينما طُبّق بعض الاجراءات وأسهمت في تخفيف عبء الحقيبة عبر تنظيم الجداول وتقنين الدفاتر وتوظيف البدائل الإلكترونية، بقيت إجراءات أخرى غير مطبقة.

وكانت وزارة التربية والتعليم قد اعتمدت في اغسطس الماضي حزمة من الإجراءات التنظيمية والتعليمية التي تُنفذ بشكل متكامل في جميع المدارس الحكومية التي تهدف إلى تخفيف العبء الجسدي الناتج عن الحقيبة المدرسية، لطلبة الصفوف من الأول إلى الرابع.

ويقوم المشروع على تقنين عدد الكتب والدفاتر المستخدمة يوميًا، حيث وُجهت المدارس بالاكتفاء بدفتر واحد لمواد المجال الأول، وكذلك للمجال الثاني، مع تحديد عدد أوراقه بما لا يزيد عن ثمانين ورقة، إلى جانب تنسيق توزيع الواجبات بين المعلمات بما يضمن تقليل الحمولة داخل الحقيبة، وشدّدت الوزارة على الاقتصار على الكتب الدراسية المعتمدة، والاستغناء التام عن المذكرات والملخصات الخارجية، مع تفعيل استخدام الكتب الإلكترونية عبر البوابة التعليمية، وتوفير روابطها لأولياء الأمور لتمكين الطلبة من مراجعتها خارج المدرسة دون الحاجة إلى حمل النسخ الورقية.

ومن المفترض ان تكون هذه الإجراءات قد تكاملت مع تنظيم استخدام خزائن الصفوف، بعد التأكيد على توفر خزائن مخصصة داخل كل صف لحفظ الكتب والأدوات، وضبط استخدامها بما يخدم الحصة الدراسية فقط، بالإضافة إلى تخصيص أدوات وكتب المواد المهارية للبقاء داخل المدرسة، وتسليمها للطلبة عند الحاجة فقط.

إلا ان هذه الاجراءات لم يتم تطبيقها في عدد كبير من المدارس!.

آراء المعلمين

ذكرت باسمة الخصيبية، معلمة مجال أول بمدرسة مدينة السلطان قابوس أن الوزارة وإدارات المدارس تسعى للتخفيف من ثقل الحقيبة عبر تقسيم المنهج إلى أجزاء في أكثر من كتاب، إلى جانب إعداد جدول للواجبات الأسبوعية يوزع المواد على أيام محددة. وأضافت أن جداول الحصص قد تساهم بشكل محدود نظرًا لتكرار إدراج المواد الأساسية يوميًا، فيما أبرزت بعض التحديات مثل رغبة أولياء الأمور في متابعة إنجاز أبنائهم من خلال الكتب، وعدم استكمال بعض الطلبة لمهامهم الدراسية داخل الحصة مما يفرض عليهم حمل الكتب إلى منازلهم.

وأوضحت إبتهال الشعيبية، معلمة مجال ثانٍ بمدرسة السلطان قابوس، أن توفر الدواليب أو الخزائن داخل الصفوف الدراسية يعد أمرًا مهمًا جدًا لتخفيف حمل الكتب. وأشارت إلى أن الإجراءات المتبعة لتخفيف وزن الحقيبة تعتبر ضرورية، وخصوصًا لطلبة الحلقة الأولى لضعف بنيتهم الجسدية. وبيّنت أن جداول الحصص الحالية تسهم نوعًا ما في تقليل عدد الكتب التي يحملها الطالب يوميًا، لكنها رأت أن من الأفضل تغيير نمط الحصص. كما ذكرت أن أبرز التحديات تكمن في ضياع بداية كل حصة أثناء توزيع الكتب للطلبة، خاصة في الصفين الأول والثاني، إضافة إلى صعوبة متابعة ولي الأمر لدروس الطالب الغائب لوجود الكتاب بالمدرسة. واقترحت أن يتم وضع الكتب في المدرسة وتقليل الواجبات، مع الاعتماد على القراءة والحفظ والحساب فقط، بينما تؤدى الواجبات الكتابية والعملية داخل الصف، بحيث يعتمد الطالب على الكتب الإلكترونية في الحفظ والمراجعة.

من جانبها، بيّنت تيمورة البوسعيدية، معلمة في مدارس قطاع السيب، أن بعض المدارس وفرت أدراجًا خاصة للطلبة لتخزين الكتب الدراسية داخل الغرف الصفية، كما توجد دواليب مشتركة تكفي لوضع الكتب الدراسية لكل مجال. ولفتت إلى أن التزام المعلمين بالجدول الخاص بتخفيف الحقيبة يسهم بشكل فعّال في معالجة المشكلة، وأكدت أن تنظيم الجدول الدراسي يساعد في تقليل عدد الكتب التي يحملها الطالب يوميًا. وأشارت إلى أن أبرز التحديات تتمثل في صعوبة التنسيق ومتابعة التزام جميع المعلمين بجدول التخفيف، مقترحة الاعتماد على النسخ الرقمية في المنزل والاكتفاء بالنسخ الورقية في المدرسة.

في المقابل، أوضحت هدى بنت مسعود العبرية، معلمة مجال ثاني أن بعض الصفوف الحلقة الثانية لا تتوفر فيها دواليب، بينما توجد في بعض صفوف الحلقة الأولى لكنها بحاجة إلى تنظيم أكثر فاعلية. وأشارت إلى أن الوزارة لم تقم إلا بإصدار نشرات موجهة لأولياء الأمور حول اختيار الحقائب، بالإضافة إلى دمج دفاتر المواد، وهو ما أدى إلى زيادة حجم وثقل الحقيبة. وبيّنت أن جداول الحصص الحالية لا تسهم في التخفيف، حيث إن اليوم الدراسي يضم ثماني حصص على الأقل تشمل ست مواد أساسية، ولكل مادة كتاب أو أكثر إلى جانب الدفاتر والأدوات. وذكرت أن من أبرز التحديات عدم التزام الطلبة بترك الكتب في الدواليب، وإصرارهم على حملها يوميًا خوفًا من التلف أو الضياع. واقترحت تقليص المناهج الدراسية كمًا وكيفًا، والاعتماد على الكتب الإلكترونية، وتخصيص دواليب فردية لكل طالب.

وأشارت بدرية بنت عامر الخاطرية، معلمة مجال أول بمدرسة رؤى المستقبل للتعليم الأساسي (1–4)، أن الحقيبة المدرسية أصبحت هاجسًا يوميًا لكل من الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين. وعبّرت عن قلقها من أثرها على صحة الطلبة وراحتهم، مشيرة إلى أن المدرسة عملت على تقنين الكتب والدفاتر بحيث لا تزيد صفحات الدفتر عن ثمانين ورقة، كما حثت المعلمات على الاكتفاء بالكتب الدراسية دون مذكرات أو ملخصات خارجية. وأضافت أن أولياء الأمور استعانوا بالمنصات الإلكترونية للتخفيف، بالتنسيق مع المعلمات لترك الكتب في المدرسة والاطلاع على الدروس عبر النسخ الإلكترونية. وذكرت أن المدرسة وضعت جدولًا يحدد أيام الواجبات لكل مادة، مع تخفيف حمل الكتب في نهاية الأسبوع والإجازات. والحل الأكثر جدوى يتمثل في توفير خزائن صفية أو اعتماد حقائب مزودة بعجلات، مؤكدة الحاجة إلى تكاتف بين البيت والمدرسة لتخفيف العبء.

وأشارت ميمونة بنت مبارك الهنائية، مديرة مدرسة رؤى المستقبل للتعليم الأساسي (1–4)، إلى أن المدرسة عملت على إعادة تنظيم الجداول الدراسية بما يضمن توزيع المواد بشكل متوازن، ووجّهت المعلمات إلى الاكتفاء بدفاتر موحدة وأوراق عمل مختصرة، وهو ما ساعد في تقليل المستلزمات داخل الحقيبة. وبيّنت أن المدرسة ركزت كذلك على التوعية، من خلال توجيه الطلبة وأولياء الأمور لاختيار الضروري من الكتب والأدوات، وتقديم إرشادات حول الوزن المناسب للحقيبة والطريقة الصحيحة لحملها. ولفتت إلى أن بعض المبادرات ما زالت مؤجلة مثل توفير خزائن فردية أو التوسع في الكتب الإلكترونية، مؤكدة أن المدرسة ستواصل العمل مع المجتمع المحلي وأولياء الأمور لتحقيق الهدف الأسمى وهو حقيبة مدرسية خفيفة وصحية.

وأوضحت هند بنت عامر العامرية، معلم أول مجال ثانٍ بمدرسة العلا للتعليم الأساسي، أن المدرسة وفرت أدراجًا خاصة للطلبة داخل الغرف الصفية لتخزين الكتب الدراسية، إضافة إلى وجود دواليب مشتركة بين الصفوف تكفي لوضع الكتب الدراسية لكل مجال على حدة، وهو ما أسهم في التخفيف من ثقل الحقيبة. وأشارت إلى أن التزام المعلمين بالجدول الخاص بتخفيف الحقيبة يساهم بشكل فعّال في معالجة المشكلة. وبيّنت أن تنظيم الجدول الدراسي بطريقة مناسبة ساعد أيضًا في تقليل عدد الكتب التي يحملها الطالب يوميًا. لكنها لفتت إلى أن من أبرز التحديات التي تواجه المعلمين صعوبة التنسيق ومتابعة التزام جميع أعضاء الهيئة التدريسية بالجدول الخاص بالتخفيف. واقترحت أن يكون الحل الأمثل هو الاعتماد على النسخ الرقمية للكتب في المنزل مع الإبقاء على النسخ الورقية في المدرسة، بحيث يخف الحمل عن الطالب.

ولفت أحمد الشبيبي، معلم رياضيات، إلى أن للإجراءات إيجابيات واضحة، إذ تقلل من الضغط الجسدي على الطلبة وتخفف من معاناة حمل الكتب الكثيرة، خصوصًا في صفوف الحلقة الأولى. وأشار إلى أن أبرز التحديات تتمثل أحيانًا في صعوبة التوفيق بين ما يحتاجه الطالب في المدرسة وما يتركه في البيت، خاصة مع وجود واجبات أو أنشطة تتطلب أكثر من كتاب. وبيّن أن من بين الحلول المقترحة وجود نسختين من الكتب، إحداهما منزلية والأخرى مدرسية، أو الاعتماد بشكل أكبر على النسخ الإلكترونية والمذكرات المختصرة، إضافة إلى تصميم موقع إلكتروني يسهل على الطالب وولي الأمر متابعة الدروس.

آراء أولياء الأمور

أوضحت ليلى بنت جبر الكندية، ولية أمر بمدرسة رؤى المستقبل للتعليم الأساسي (1–4) أن تهيئة الحقيبة المدرسية بطريقة مريحة جزء أساسي من استعداد الأبناء للمدرسة، مشيرة إلى أن التزام الأبناء بالجدول المدرسي يسهم في تخفيف الوزن. وبيّنت أن حقائب طلبة الحلقة الأولى غالبًا ما تكون ثقيلة مقارنة مع أجسامهم الصغيرة، ما يسبب آلامًا في الظهر والكتفين والأقدام، ويؤثر نفسيًا على حبهم للمدرسة. وأشارت إلى أن الكتب الإلكترونية وفرت بديلًا مريحًا ساعد أولياء الأمور على المتابعة، موضحة أن المدرسة اعتمدت كراسة واحدة لمادتين وثبّتت الجدول الدراسي، وهو ما أحدث فرقًا ملحوظًا. واقترحت أن يتم تخصيص خزائن للطلبة وتنسيق الواجبات لتقليل الحاجة إلى حمل الكتب.

وبيّنت أسماء الحسنية ولية أمر في مدرسة العلا للتعليم الأساسي أن الخزائن أقل شيوعًا بسبب التكلفة أو ضيق المساحات. وأشارت إلى أن أولياء الأمور عادة يساعدون أبناءهم في تجهيز الحقائب حسب الجدول، فيما يستطيع معظمهم تنزيل الكتب من المنصات الإلكترونية واستخدامها في المنزل. وذكرت أن الإجراءات الخاصة بتخفيف الحقيبة لم تطبق إلا في الفترة الأخيرة. وأوضحت أن ثقل الحقيبة يؤدي إلى آلام في الظهر والكتفين، وانحناءات في الظهر أو صداع. واقترحت حلولًا عملية منها الاعتماد على النسخ الإلكترونية، وترك الكتب الثقيلة في الصف، واستخدام دفاتر صغيرة بدلًا من الكبيرة، وتوفير نسخ إضافية من الكتب في المدرسة، واختيار حقائب خفيفة الوزن.

كما أشارت ولية أمر من مدرسة التميز للتعليم الأساسي بقطاع العامرات إلى أن تجهيز الحقيبة يتم بناءً على الجدول، مؤكدة أن أغلب أولياء الأمور قادرون على تنزيل الكتب الإلكترونية واستخدامها في المنزل. وبيّنت أن وزن الحقيبة لا يزال ثقيلًا رغم تعاون بعض المعلمات، ورأت أن الحقائب المزودة بعجلات ليست حلًا عمليًا دائمًا، بينما توفير الخزائن المدرسية هو الخيار الأنسب.

ولفتت ولية أمر بمدرسة ناعسة بني عرابة، إحدى مدارس قطاع السيب إلى أن أغلب أولياء الأمور يحاولون الالتزام بالجدول، غير أن بعض الطلبة يضطرون لحمل جميع الكتب يوميًا لعدم الترتيب. وأوضحت أن معظم أولياء الأمور ليست لديهم خبرة في استخدام المنصات الإلكترونية، خصوصًا لطلبة الحلقة الأولى الذين يحتاجون إلى متابعة دقيقة. وبيّنت أن الإجراءات الأخيرة ساعدت على تقليل الكتب لكنها لم تعالج المشكلة بشكل كامل، إذ ما زالت الحقيبة ثقيلة. وأكدت أن الأثر الصحي يتمثل في التعب والإرهاق وآلام الظهر والكتفين، إضافة إلى تكاسل الطلبة عن الحضور. واقترحت استخدام الحقائب المزودة بعجلات، وتخصيص دواليب، وتقسيم الكتب إلى أجزاء صغيرة.

آراء الطلبة

أوضح الطالب عبدالرحمن بن راشد البلوشي أنه يتمنى توفير أدراج خاصة داخل الصفوف ليضع فيها الطالب الكتب التي لا يحتاجها في يومه الدراسي، مبينًا أن ذلك سيخفف كثيرًا من حمل الكتب يوميًا. وبيّن أنه من الأفضل تقليل عدد الدفاتر ودمج أكثر من مادة في دفتر واحد، مشيرًا إلى أن هذا سيجعل الحقيبة أكثر خفة وتنظيمًا ويمنح الطلبة راحة أكبر ويساعدهم على التركيز في دروسهم.

كما أشار عمر الحمادي، معلم رياضيات وناقلًا لآراء بعض الطلبة، إلى أن الكثير من التلاميذ يتمنون تقليل عدد الكتيبات وكراسات الرسم، ويفضلون حمل حقيبة الطعام بشكل منفصل، إضافة إلى الالتزام بالجدول المدرسي. وبيّن أن هذه المقترحات البسيطة من شأنها أن تنعكس إيجابًا على حياة الطلبة اليومية وتخفف من معاناتهم مع ثقل الحقائب.

يتضح من خلال هذه الآراء أن موضوع الحقيبة المدرسية ما زالت مطروحة بقوة في الوسط التعليمي، فهي تجمع بين جهود قائمة مثل إعادة تنظيم الجداول وتخصيص دفاتر موحدة وتوظيف المنصات الإلكترونية، وبين تحديات عالقة تتعلق بكثرة الكتب، وغياب التنسيق أحيانًا، وضعف وعي بعض أولياء الأمور باستخدام البدائل الرقمية. ومع تنوع الحلول المقترحة من المعلمين وأولياء الأمور والطلبة، ويبقى توفير خزائن مدرسية وتوسيع الاعتماد على النسخ الإلكترونية أبرز ما يجمع عليه الجميع.