No Image
عمان العلمي

سيمفونية جينية: فئران بيتهوفن والبحث عن اللحن المفقود

20 أغسطس 2025
20 أغسطس 2025

سعد صبّار السامرائي -

حين أدرك الموسيقار البالغ من العمر 32 عامًا لودفيج فان بيتهوفن أن حاسة السمع عنده بدأت تضعف، كتب إلى إخوته قائلًا: «لقد تحولت حياتي إلى صحراء قاحلة تمامًا كما تذبل أوراق الخريف، وتتساقط على الأرض». وعلى الرغم من أن سبب صمم بيتهوفن غير معروف؛ تُوجد أمثلة عديدة على فقدان السمع في مرحلة متقدمة من العمر ترتبط أغلبها بتغيرات موروثة في الحمض النووي، إلا أن الخيارات العلاجيَّة للصمم الوراثي لا تزال محدودة.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية؛ يُعد فقدان السمع من أكثر الإعاقات الحسيّة شيوعًا. إذ يعاني نحو 5% من سكان العالم من فقدان السمع المُعيق من بينهم 34 مليون طفل. ويؤثّر هذا النوع من الفقدان -لا سيما لدى الأطفال- في النمو الإدراكي، واللغوي، والنفسي، والاجتماعي. وتشير التقديرات إلى أن نحو نصف حالات الصمم يعود إلى أسباب جينية. ومن بين الأنواع المختلفة لفقدان السمع الوراثي؛ تُورَّث نسبة تتراوح بين 20 و25% من حالات فقدان السمع غير المتلازم وفق النمط الجسمي السائد. وحتى الآن جرى تحديد أكثر من 100 جين مرتبط بفقدان السمع غير المتلازم.

يأتي فقدان السمع في المرتبة الرابعة عالميًا لأكثر أنواع الإعاقات شيوعًا. وهو ناجم عن مجموعة من العوامل، تشمل: الأسباب الوراثية، الالتهابات والعدوى، والتقدّم في السن، والتعرّض المزمن والمفرط للضوضاء، وبعض الأدوية السامّة للأذن. وتُعزى هذه التعدّدية في الأسباب إلى الطبيعة الجينية المتغايرة لفقدان السمع؛ إذ تشير التقديرات إلى أن نحو ألف جين قد يشارك في التسبّب بالاضطراب، أو في تحديد شدته وتباين مظاهره.

ورغم الانتشار الواسع والتأثير الكبير لهذا الاضطراب؛ لا تزال حالات فقدان السمع الحسي العصبي بلا علاج شافٍ حتى اليوم. فالعلاجات المتاحة – مثل المعززات السمعية، وزراعة القوقعة – توفّر دعمًا وظيفيًا يُحسّن من القدرة على السمع، لكنها لا تستعيد السمع الطبيعي، ولا تُعالج السبب الجذري الكامن وراء الخلل.

كيف نسمع؟ تشريح الوظيفة

والابتكار التطوري

تتكوّن الأذن من ثلاثة أقسام رئيسة: الأذن الخارجية، والأذن الوسطى، والأذن الداخلية. وتُعد الأذن الداخلية المركز الحسي المسؤول عن ترجمة حركة الرأس والجسم، إلى جانب الموجات الصوتية، إلى إشارات كهربائية تنتقل إلى الدماغ.

وقد تطوَّرت الأذن الداخلية لدى الثدييات عبر أكثر من 500 مليون عام؛ لتمنحها قدرات سمعية استثنائية مثل، حساسية عالية للمؤثرات الصوتية، وقدرة دقيقة على التمييز بين الترددات المختلفة. تتألف الأذن الداخلية من الجهاز الدهليزي الذي يلتقط إشارات التوازن، وحركة الجسم، والقوقعة التي تلتقط الأصوات وتحوّلها إلى إشارات عصبية.

وفي مركز القوقعة يقع عضو كورتي، وهو نسيج حسي دقيق يستقرّ على الغشاء القاعدي، وتعلوه الطبقة السقفية يحتوي هذا العضو على نوعين من الخلايا الشعرية السمعية:

الخلايا الشعرية الداخلية: وعددها يقارب 3000 خلية مصطفة في صف واحد. وهي الخلايا الحسية الرئيسة التي تحول الاهتزازات الصوتية إلى إشارات كهربائية تُرسل مباشرة إلى الدماغ.

الخلايا الشعرية الخارجية: ويتراوح عددها بين 9000 و12000 خلية موزعة في ثلاثة صفوف. تتمتع هذه الخلايا بقدرة فريدة تُسمى «الحركية الكهربائية»؛ حيث تتمدد وتنقبض استجابةً للصوت، ما يعزز الإشارة السمعية، ويزيد من دقة الأذن في التقاط الترددات، ويُسهم في تمييز الكلام وسط الضوضاء.

تتميّز القوقعة السمعية في الأذن الداخلية بتنظيم دقيق يُعرف «التنظيم الطنيني الموضعي»؛ حيث تُعالج كل ترددات الصوت في مواقع محددة على امتداد بنيتها الحلزونية.

في قاعدة القوقعة (القسم القريب من الأذن الوسطى) تُكتشف الأصوات عالية التردد حتى 20 كيلوهرتز، وهي الحد الأعلى لسمع الإنسان. في هذه المنطقة تكون الأغشية السمعية، وكذلك الخلايا الشعرية الحسية والداعمة أكثر صلابة وضيقًا.

في المقابل؛ عند قمة القوقعة تُكتشف الأصوات منخفضة التردد حتى 20 هرتز، وهو الحد الأدنى لسمع الإنسان. هنا تكون الأنسجة والخلايا أكثر اتساعًا ومرونة. هذا التدرّج من الصلابة في القاعدة إلى الليونة في القمة يخلق خريطة ميكانيكية دقيقة تتيح تمييز الترددات الصوتية بدقة عالية. ويُحافَظ على هذا التمييز المنظم للترددات منذ لحظة استقبال الصوت في القوقعة حتى وصوله إلى القشرة السمعية في الدماغ.

من المهم أن نلاحظ أن بنية الأذن الداخلية وتركيبتها تختلف بين الكائنات الحية، وهو ما يعكس التباين التطوري والوظيفي بين الأنواع. إن فهم التشريح المعقد والتاريخ التطوري لأذن الثدييات يساعد في تفسير كل من قدراتها السمعية المذهلة، ونقاط ضعفها الوراثية والوظيفية.

بدأ تطوّر الأذن وأعضاء السمع، وعلى رأسها القوقعة قبل نحو 450 مليون سنة، مع ظهور الجهاز الدهليزي لدى الأسماك، وكان في البداية مخصصًا للإحساس بالتوازن.

وبعد حوالي 50 مليون سنة طوّرت البرمائيات عضوًا مخصصًا للسمع يُعرف بـ«الحليمة القاعدية». وعلى امتداد هذا المسار التطوري ظهرت تحوّلات محورية، من بينها: نشوء الأذن الوسطى والخارجية، واستطالة الظهارة السمعية، وتمايز الخلايا الشعرية السمعية إلى خلايا شعرية داخلية وخارجية في الثدييات.

منحت هذه التغيُّرات الأجهزة السمعية قدرات أعلى، مثل توسيع نطاق الترددات الصوتية الممكن إدراكها، زيادة الحساسية السمعية، وتحسين القدرة على تحديد مصدر الصوت، الأمر الذي مكّن كل نوع من الأنواع من احتلال بيئة صوتية خاصة به وفق قدراته المميزة. ومع ذلك، فقد جاءت هذه الميزات بثمن تطوري. فعلى عكس الأسماك، التي تمتلك القدرة على تجديد خلايا الشعر السمعي على نحوٍ مستمرٍ، لا تستطيع الثدييات، بما في ذلك الإنسان، تجديد هذه الخلايا عند تلفها، مما يعني أن أي ضرر يصيب الخلايا الشعرية أو الأعصاب السمعية المرافقة لها يؤدي إلى فقدان سمع دائم.

فئران بيتهوفن وأدوات التعديل الجيني

اكتشف الباحثون عن طريق استخدام الحيوانات المختبريَّة، وبالتحديد «فئران بيتهوفن»، التي تحمل طفرة تسبب الصمم عند الفئران. وبما أن مناطق ترميز البروتين في الفأر والجينوم البشري متطابقة بنسبة 85٪ (من بين نحو 4000 جين دُرسَت بين النوعين هناك عشرة جينات مختلفة فقط). لذا، ليس غريبا أن يجد الباحثون تطابق طفرة فئران بيتهوفن التي درسوها مع طفرة الجين البشري TMC1. وهي طفرة سائدة، بمعنى أنه حتى لو كانت في شخص ما نسخة واحدة فقط من نسختي الجين الموروثتين (نسخة من الأب وأخرى من الأم) فإن حاملها سيصاب بالصمم التدريجي. هذه النسخة الطافرة من جين TMC1 سوف تصنع بروتينًا مشوهًا لا يؤدي وظيفته المطلوبة في قوقعة الأذن الداخليَّة، على الرغم أن الخليَّة تحتوي أيضًا على نسخة أخرى (طبيعيَّة) من الجين ذاته.

يُنتج جين TMC1 بروتينًا يُعتقد أنه يحتوي على عشرة نطاقات عابرة للغشاء، أي أنه يمر عبر غشاء الخلية عشر مرات. ويعمل هذا البروتين بالتعاون مع بروتين آخر يُدعى TMC2 على تشكيل المسام الخاصة بقناة حساسة داخل الخلايا الشعرية السمعية وخلايا الجهاز الدهليزي المسؤولة عن التوازن.

ومن المثير للدهشة أن الطفرة النقطية في جين TMC1 لدى البشر تُشابه على نحوٍ كبير الطفرة الموجودة في نموذج فأر «بيتهوفن؛ وتتمثل هذه الطفرة في استبدال قاعدة نيتروجينية واحدة (من ثايمين إلى أدنين) في الإكسون رقم 13 من تسلسل الجين، مما يؤدي إلى استبدال حمض أميني في تسلسل البروتين، وهو ما يُعطِّل وظيفته. تُعدّ هذه الطفرة مسؤولة عن نوع من فقدان السمع الوراثي السائد يُعرف باسم DFNA36.

وفَّرت أدوات التحرير الجيني حلًّا واعدًا للحدِّ من فقدان السمع لدى فئران بيتهوفن، ويعتمد هذا الحل على تقنيَّة تُدعى «كريسبر-كاس9» لتعديل شكل طافر من جين TMC1؛ حيث صمَّمَ الباحثون عناصر التحرير الجيني، ووضعوها في أنابيب اختبار تحتوي على عوامل تقوم باستهداف وتعطيل نسخة الجين السائد على نحو انتقائي.

تضمنت أنبوبة كريسبر (CRISPR/Cas9) على عاملين مهمين: إنزيم نوكلييز «كاس9» الذي يمكنه قطع الحمض النووي، وحمض نووي ريبي RNA -يوجه «كاس9» نحو النسخة الطافرة من الجين TMC1 في الخليَّة المستهدفة. غُلفت هذه العوامل بجزيئات دهنيَّة موجبة الشحنة، يمكنها عبور أغشية الخلايا ثم حُقنت مباشرة في الأذن الداخليَّة للفئران، إذ استهدفت الخلايا التي تستشعر الاهتزازات الصوتيَّة (الخلايا الشعرية).

على أيَّة حال، يُعدُّ إصلاح الصمم المرتبط بطفرة سائدة عمليَّة معقدة. إذ ينبغي تعطيل الجين الطافر مع الحفاظ على الجين الطبيعي الموجود داخل الخليَّة نفسها. وليس هذا بالأمر الهيِّن؛ لأن حرفًا واحدًا فقط من الحمض النووي يكتب ويقرر مصير جين TMC1، إما صالح أو طالح. ولكي نفهم حساسيَّة الأمر دعونا نتخيل ثنائيَّة غنائيَّة بين شخصين يحاولان الغناء في تناغم؛ فإذا كان أحد الشخصين يغني بلحنٍ ناشز، يجب حينها إسكاته هو فقط للسماح بظهور اللحن الصحيح؛ لأن إسكات كلا الصوتين سيوقف الموسيقى تمامًا.

وقبل أن نعرف مصير فئران بيتهوفن على يد تقنيَّة التحرير الجيني، علينا أولًا تحرير هذا التعبير، تقنيَّة- كريسبر CRISPR: التكرارات العنقوديَّة المتناوبة منتظمة التباعد. هو نظام مناعي طبيعي لدى البكتيريا، يحتفظ بتسلسلات من فيروسات سابقة في ذاكرة جينية، لكي تتعرّف عليها وتدمّرها عند الإصابة مجددًا. تُستخدم هذه الآلية اليوم في الهندسة الوراثية كأداة دقيقة لتعديل الجينات، عبر استهداف تسلسلات محددة في الحمض النووي وقطعها بدقة بمساعدة بروتين كاس (Cas) تعدُّ تقنيَّة كريسبر إحدى أدوات «التسليح الجيني» التي اكتسبت الشهرة مؤخرًا بسبب ارتباطها بجائزة نوبل لعام 2020. في العقد الأخير، استُخدمت هذه التقنيَّة في تطبيقات علميَّة واسعة الطيف مثل قدرتها على تغيير لغة الجينات المسؤولة عن نشأة أمراض السرطان، وعلاج الأمراض الوراثيَّة النادرة، كما استُخدمت أيضًا في تعديل التفاحة لتصبح مقاومة لتأكسد الهواء. ولكي نُقدّر دقّة ما تحققه أدوات التحرير الجيني، لا بد من التوقف قليلًا عند بعض أبطال هذا المسرح الجزيئي: الإنزيمات التي تمسك بمقصّ الحياة نفسه، إنزيم نيوكلييز Nuclease- الذي يُحلل (يُفكك) الأحماض النوويَّة بنوعيها، إما DNA يتحلل بواسطة إنزيم (DNases) أو RNA يتحلل بواسطة إنزيم (RNases). قد يبدو من غير المنطقي أن تحتوي الكائنات الحيَّة على إنزيمات تعمل على تحلل هذه الجزيئات المهمة، بخاصة الجزيء الذي يحمل سرَّ الحياة، إرثنا الجيني.

على الرغم من أن وظيفة العديد من إنزيمات DNases هي تدمير الحمض النووي، كما هو ملاحظ بالنسبة للإنزيمات البكتيريَّة التي تحلل الحمض النووي الفيروسي الغازي، فإن إنزيمات DNases تعمل على فك روابط الفوسفات ثنائيَّة الأستر التي تمسك العمود الفقري للحمض النووي. وبذلك توفر للكائن الحي الميزات التالية: تضاعف الحمض النووي، إصلاح الحمض النووي التالف من أجل الحفاظ على سلامة الجينوم، تحضير نهايات الحمض النووي لإعادة التركيب، حلَّ المركبات الوسيطة لإعادة بناء الحمض النووي. كما يعمل إنزيم RNases أيضًا على تحلل RNA لإزالة جزيئات mRNAs المعطوبة التي لا يمكن ترجمتها، ولتنظيم التعبير الجيني.

في السنوات الأخيرة، شهدت استراتيجيات تنظيم الحمض النووي الريبي (RNA) تقدمًا ملحوظًا في مجال علاج فقدان السمع الوراثي، لا سيما في الفئران. فعلى سبيل المثال، استُخدمت مضادات النوكليوتيدات قليلة الوحدات في نموذج فأر يحمل طفرة في جين Ush1c، وهو جين مرتبط بوظيفة الأذن الداخلية. تؤدي هذه الطفرة إلى خلل في عملية التضفير أثناء معالجة RNA، مما يُحدث انزياحًا في إطار القراءة، وينتج عنه بروتين غير وظيفي ومبتور. وقد أظهرت الدراسات أن استخدام مضادات النوكليوتيدات ساعد على تصحيح التضفير واستعادة بعض الوظيفة الجينية.

إلى جانب ذلك، طُبّقت تقنيات مثل تداخل الحمض النووي الريبي والميكرو RNA الاصطناعي بهدف خفض مستويات التعبير الجيني غير الطبيعي، وقد أسهمت هذه التقنيات في الوقاية من فقدان السمع في الفئران عبر إسكات النسخ الطافرة من الجينات المرتبطة بالسمع.

ومع ذلك، تبقى هناك مخاوف مستمرة بشأن هذه الأساليب، إذ إنها قد تؤدي إلى إسكات غير مقصود لنسخ أخرى، وهو ما قد يُسبب آثارًا جانبية غير مرغوبة ويحدّ من دقة وانتقائية العلاج.

من كاس9 إلى كاس13: أمل جديد

يُعد نظام كريسبر/كاس 13 (CRISPR/Cas13) من الأدوات الحديثة الواعدة في تنظيم التعبير الجيني عبر الحمض النووي الريبي (RNA). ورغم أن استخدامه بدأ أصلا في مساعدة البكتيريا على مقاومة الفيروسات، فقد أثبت لاحقًا قدرة فائقة على التدخل في التعبير الجيني بدقة تفوق الوسائل التقليدية.

تتكوّن عائلة كاس13 من أربعة أنواع رئيسية: كاس13أ، كاس13ب، كاس13ج، وكاس13د. وتشير الدراسات إلى أن كاس13ب وكاس13د. يمتازان بأعلى كفاءة ودقة في استهداف الجزيئات الجينية. يتميّز كاس13د كونه الأصغر حجمًا بين أفراد العائلة، مما يُسهّل إدخاله إلى الجسم باستخدام ناقلات فيروسية آمنة، وهي وسيلة شائعة لتوصيل العلاجات الجينية إلى داخل الخلايا.

وقد استُخدم هذا النظام بالفعل في فئران مصابة بأمراض في الكبد والعين، وحقق نتائج واعدة دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي (DNA)، مما يجعله خيارًا أكثر أمانًا مقارنة بتقنيات التعديل الجيني الأخرى.

ومن الجدير بالذكر أن معظم أنظمة كاس13 تتطلّب وجود تسلسل جيني معيّن إلى جانب الهدف حتى تتمكن من التعرّف عليه، وهو ما يقيّد قدرتها على استهداف طفرات محددة بدقة. إلا أن كاس13د لا يحتاج إلى هذا الشرط، مما يُتيح للباحثين تصميم مجموعة أوسع من الأدلة الجينية (الجزيئات الموجّهة) لاستهداف الطفرات المرضية بدقة أعلى.

ورغم هذا التقدّم، لا تزال الدراسات التي تستخدم كاس13 لعلاج فقدان السمع الوراثي محدودة. في بحث نُشر عام 2022 في مجلة نيتشر، قدّم الباحثون دراسة بعنوان «الوقاية من فقدان السمع الوراثي الجسمي السائد في فئران بتهوفن باستخدام نظام كريسبر/كاس 13 لتحرير الحمض النووي الريبي»، صمّم الباحثون واختبروا 30 جزيئًا موجّهًا بهدف استهداف الطفرة المرضية في جين Tmc1 بدقة، لإسكات النسخة المتحوّرة فقط مع الحفاظ على النسخة السليمة.

ولنقل العلاج إلى الأذن الداخلية لفئران حديثة الولادة، استخدم الفريق ناقلًا فيروسيًا مطوّرًا يتمتع بكفاءة عالية في الوصول إلى الخلايا الشعرية السمعية. ونجح العلاج في تقليل التعبير الجيني للنسخة المريضة، وتحسين النسبة بين النسخة المتحوّرة والسليمة، مما أدى إلى إبطاء تطوّر فقدان السمع، وتحسين بنية الخلايا السمعية والشعيرات الدقيقة المسؤولة عن نقل الصوت، دون التسبب في آثار جانبية واضحة.

لم يُتح لبيتهوفن أن يسمع سيمفونيته الأخيرة بشكل كامل، غير أن فئرانًا تحمل اسمه تُنصت اليوم، نيابةً عنه، لأغنية الخلية، في محاولة لاستعادة «أنشودة الفرح».

سعد صبّار السامرائي كاتب وأكاديمي، جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بالرستاق