ماذا لو اختفت البقرة؟

13 يوليو 2025
13 يوليو 2025

للكاتب الأمريكي الدكتور كاميليو كروز كتاب شهير بعنوان «The Cow»، يروي فيه قصة رمزية لعائلة فقيرة كانت تملك بقرة تعتمد عليها في معيشتها، لكن حينما فُقدت البقرة فجأة، اضطرت العائلة إلى البحث عن بدائل، فاكتشفت قدرات لم تكن تدري أنها تملكها، وتحسّن وضعها بشكل جذري. المغزى من القصة: أحيانًا يكون التعلّق بما نراه أمانًا هو العائق الأكبر أمام تطوّرنا. وقد أطلق كروز على ذلك مصطلح «عقلية البقرة»، وهو تشبيه مجازي يُستخدم في أدبيات التنمية البشرية. يمكننا إسقاط هذا المفهوم على شريحة واسعة من الناس الذين يعيشون على الحد الأدنى من الأجر أو الدخل، راضين بـ«بقرة» الوظيفة، أو المساعدات، أو القروض، متجنّبين أي خطوة فيها مجازفة أو خروج من منطقة الراحة. هؤلاء لا يستثمرون، ولا يتعلّمون مهارات جديدة، ولا يسعون لتحسين أوضاعهم المالية، طالما أن «البقرة» تمنحهم الحد الأدنى للبقاء.هؤلاء فعلًا يحتاجون إلى الوعي المالي، والتخطيط، والتحرّر من الاعتماد الكلي على مصدر دخل واحد. فالشخص الذي يُدرك قيمة الاستقلال المالي لا يكتفي بما لديه، بل يسعى إلى تنويع مصادر دخله، وتعلّم أدوات الاستثمار، وتجنّب الديون غير الضرورية، وبناء أمنه المالي بجهد مستمر.

إن «عقلية البقرة» قد تمنح شعورًا مؤقتًا بالراحة، لكنها في الحقيقة تُخفي العجز والخوف من التجربة. وما لم نتحرّر منها، سنظل نعيش داخل دائرة مغلقة، نحصد فيها القليل، بينما تضيع منا فرص كثيرة. خاصةً في هذا الزمن الذي نعيشه في هذا البلد المعطاء؛ فنحن لا نعلم إلى متى سنستمر في العيش في هذا الرخاء والاستقرار، في عالم متغيّر واقتصاد متقلّب بهذا الشكل. اليوم، نحن نعيش في عالمٍ لا متناهٍ من الفرص. أراها شخصيًا كل يوم في صورة شباب يعملون لحسابهم الخاص في مشروعات مختلفة؛ البعض تُشكّل مشروعاتهم هذه مصدر دخلهم الأساسي، لكن الغالبية العظمى يرَون فيها مصدر دخل إضافيا يعالجون به تدنّي الأجر من الوظيفة، والذي لا يفي -في نظرهم- بالتزاماتهم أو تطلّعاتهم إلى مستوى الرفاهية الذي يطمحون إليه، ويرَون أنهم محاطون به كل يوم.

حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية