القضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي

04 يوليو 2023
04 يوليو 2023

القضية الفلسطينية تواصل حضورها منذ نكبة فلسطين والمؤامرة على الشعب الفلسطيني عام ١٩٤٨ من الاستعمار الغربي وخاصة سلطة الانتداب البريطاني والتي في تقديري هي المسؤولة عن هذا الوجع والتشتت وما واجه ويواجه الشعب الفلسطيني من كوارث وانتهاكات على مدى أكثر من سبعة عقود وفي تصوري أن الاستعمار الصهيوني في فلسطين هو أشد إجراما من الاستعمار العنصري البريطاني في جنوب إفريقيا. ومن هنا فإن العدوان الإسرائيلي على جنين وتهجير سكانها وقتل المدنيين وهدم المنازل هي جريمة إنسانية مكتملة الأركان، ومع ذلك فإن صمت المجتمع الدولي مريب خاصة الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحديدا وهو أعلى جهاز قانوني وسياسي في المنظمة الدولية وهو المنوط بهما حفظ السلم والأمن الدوليين على ضوء ما جاء في الميثاق.

إن القضية الفلسطينية بعد عقود هي في مفترق طرق ليس فقط أمام القيادة الفلسطينية والمقاومة والشعب الفلسطيني المناضل المتشبث بأرضه وثوابته ولكن أمام القيادات العربية وشعوبها في ظل الانحياز الأمريكي للكيان الإسرائيلي ووقوفه مع العدوان، حيث أصبحت عبارة أن الكيان الإسرائيلي من حقه الدفاع عن نفسه إسطوانة مشروخة وانحيازا مفضوحا ليس للإدارة الحالية ولكن لكل الإدارات. ومن هنا فإن عملية السلام ضربت في المقتل وإن بقاء ملف السلام في فلسطين بيد الولايات المتحدة الأمريكية لم يعد يجدي وإن أمام العرب فرصة تاريخية لإيجاد خيارات في تصاعد القوى الدولية الجديدة مثل الصين وروسيا الاتحادية والبرازيل. ولذلك فإن أمام صانع القرار العربي فرصة لإيجاد مقاربة سياسية تستبعد من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية كطرف وحيد بحيث تطرح القضية الفلسطينية بكل أبعادها القانونية والسياسية والإنسانية وعلى ضوء قرارات الشرعية الدولية أمام مؤتمر دولي متعدد الأطراف. ويمكن الاستناد على قرارات مجلس الأمن الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرار قمة بيروت العربي عام ٢٠٠٢ حول حل الدولتين. هذا المؤتمر يضع الكيان الإسرائيلي في حجمه الطبيعي ويتم الضغط عليه وأن يكون هناك استثمار للمصالح الاقتصادية العربية مع دول العالم لصالح القضية الفلسطينية.

على الصعيد الإعلامي لا بد من وضع استراتيجية عربية إعلامية لمجابهة الدعاية الصهيونية في الغرب والولايات المتحدة الأمريكية من خلال تفنيد الكذب الإسرائيلي وطمس الحقيقة وإظهار صور الانتهاكات اليومية التي تقوم بها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وهي تسلك نفس المسار من العدوانية ضد الشعب الفلسطيني ومقدراته وأحلامه في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧.

من الأمور الحيوية على صعيد الساحة الفلسطينية وأمام العدوان الإسرائيلي الغاشم على جنين وغزة والضفة الغربية والقدس هو إيجاد صف واحد للمقاومة، ولا شك أن اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية يعد خطوة في الاتجاه الصحيح، حيث إن الشعب الفلسطيني وهو رأس الحربة في المقاومة الشعبية يحتاج إلى مقاومة موحدة كما حدث في كل ثورات التحرير في القرن العشرين، ولعل نموذج جنوب إفريقيا هو النموذج الأبرز في هزيمة الفصل العنصري البغيض بعد عقود من الكفاح والنضال. ولهذا فإن وجود الفصائل الفلسطينية متفرقة لا يخدم المشروع الوطني الفلسطيني، بل يخدمه عندما يكون الشعب الفلسطيني أمام قيادته يساندها بمرجعية واحدة تنظم العمل المقاوم ضد الكيان الإسرائيلي.

وكذلك فإن وجود الفصائل الفلسطينية متفرقة لا يخدم العمل الوطني الفلسطيني بصرف النظر عن الاتجاهات الإيديولوجية، لأن الكيان الإسرائيلي من مصلحته مواجهة مقاومة متفرقة وهذا يعد إحدى السلبيات في العمل المقاوم ليس في فلسطين فقط، ولكن في مسار مقاومة تريد الاستقلال من الاحتلال. ومن هنا فإن العدوان الهمجي الإسرائيلي على مخيم جنين هو فرصة للمراجعة من قبل كل جبهات المقاومة وفي كل محافظات فلسطين، حتى تشعر إسرائيل أن استمرار احتلالها سيكون كبيرا على وجودها ككيان عنصري يسجل أكبر إدانات في التاريخ الحديث على جرائمه وسلوكه الإجرامي ضد الشعب الفلسطيني.

القضية الفلسطينية قضية عادلة تحتاج إلى إنصاف العالم الحر المحب للسلام والذي يرفض الظلم والانحياز الأمريكي، كما أن الشعوب العربية سوف تظل مع القضية الفلسطينية وشعبها وفي النهاية لن يستطيع الكيان الإسرائيلي مهما كانت قوته العسكرية أن يتغلب على شعب مناضل ضحى بالكثير على مدى سبعة عقود وهو يواصل النضال والكفاح وهو ديدن كل الشعوب التي سوف تنتصر على صلف وإجرام آخر احتلال عنصري في التاريخ الحديث.

عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي.