No Image
عمان اليوم

هواة الطقس .. شغف بلا حدود في قراءة النماذج العددية

17 يونيو 2023
أكدوا حرصهم على تحري الدقة وعدم التهويل
17 يونيو 2023

هواة الطقس ومطاردو الأمطار.. مجموعة من الشباب جمعتهم هواية متابعة الحالات الجوية وتحليل النماذج العددية الخاصة بالطقس، تراكمت خبراتهم على مدى سنوات من البحث والاطلاع والمواظبة على متابعة النماذج العالمية والمحلية وتحليل المعطيات والقراءات العددية، يبرزون ميدانيا مع ظهور مؤشرات على المنخفضات والأخاديد وصولًا إلى الحالات المدارية بكافة أنواعها من عواصف وأعاصير.

ونتيجة لحجم الخبرات المكتسبة لدى كثير من هواة الطقس ومطاردي الأمطار، باتت توقعاتهم وقراءاتهم للطقس متقاربة وأحيانا متفقة مع تحاليل المختصين في الأرصاد الجوية، كما أن درايتهم بالمخاطر التي قد تتسبب بها الشائعات حول توقعات الطقس وتأثيراتها السلبية شكّلت لديهم قناعة راسخة بضرورة الالتزام بالنشرات الجوية الصادرة من الجهات الرسمية، حيث يحرصون على عدم إثارة الشائعات في مواقع التواصل الاجتماعي مع الالتزام بالتحليل العلمي والمنطقي والمعطيات التي يرونها تميل إلى المصداقية بعيدا عن التهويل أو نشر المغالطات التي قد تؤدي إلى تشتيت المتابع.

«عمان» اقتربت من هواة الطقس ومطاردي الأمطار، للتعرف عليهم عن قرب لتنقل للقارئ الخبرات المكتسبة لديهم، وحجم ما يبذلونه من جهود بدنية ومادية في سبيل توفير المعلومة الدقيقة والصورة الحقيقية من أرض الواقع، وكيف استطاعوا تنمية مهاراتهم في هذا الجانب والحفاظ على ممارسة هوايتهم دون الخروج عن الإطار الرسمي وعمل المختصين بالأرصاد الجوية.

يحظر القانون ممارسة أنشطة الطيران المدني وخدمات الملاحة الجوية والأرصاد إلا بموافقة السلطات المختصة، وفي هذا الإطار يرى هواة الطقس أن هذا القانون ليس ضدهم بل هو مهم لعمل الأرصاد وينظم أيضا ممارسة هوايتهم، معربين عن أملهم في تكوين شراكة مع المختصين في الأرصاد الجوية للاستفادة من تجاربهم وحضورهم الميداني في أماكن هطول الأمطار والتكونات المحلية لنقل الصورة من قلب الحدث.

تطوير القدرات

وقال وليد بن ياسر الكندي متابع للنماذج العددية العالمية: إن قانون هيئة الطيران المدني حول تنظيم خدمات الأرصاد هو قانون تنظيمي يراد منه الحد من نشر الإشاعات وعدم الاستعجال في طرح التوقعات البعيدة والضعيفة خصوصًا مع الحالات المدارية، مؤكدًا أن القانون لم يمنع هواة الطقس من متابعة وممارسة هوايتهم في هذا المجال وهو كهواية بالنسبة لنا ونحن مستمرون في ذلك.

وأضاف الكندي: لا بد أن نلتزم ونحن لسنا الجهة المخولة بإصدار التحذيرات والتنبيهات للناس من خلال استخدام هذه النماذج العالمية، نحن فقط نذكر ما نستنتجه من خلال هذه النماذج العددية بدون إصدار تحذير أو ما شابه لإن هذا الأمر يرجع كما هو معروف لأهل الاختصاص والمختصين في الأرصاد الجوية العمانية.

وتحدث وليد الكندي عن بدايته في متابعة الطقس قائلا: بدايتي منذ إعصار «جونو» الذي تعرضت له سلطنة عمان، وكانت جدًا بسيطة ومتواضعة من خلال تطبيق تويتر والمواقع والمنتديات القديمة جدًا وتكاد المعلومات تكون بسيطة ولكن كانت حينها تفي بالغرض.

وأوضح وليد الكندي أن التعرف على المواقع العالمية هو الهدف الأسمى وكنت أقوم بمتابعة الخرائط من خلال مواقع أمريكية تابعة لوكالة NOAA الشهيرة ونأخذ المعلومة منها ولو بشكل توضيحي بسيط مع أنها كانت خرائط ضعيفة من حيث الدقة والوضوح مقارنةً بالوضع الحالي، ولكن بالطبع اختفت هذه المواقع الآن بسبب التطورات الأخيرة في هذا المجال.

وأضاف: حدثت تطورات كبيرة حيث بدأت الشركات الخاصة بشراء وتشغيل بيانات الداتا التابعة للوكالات والمراكز العالمية مثل المركزي الأوروبي والبريطاني والكندي والأمريكي استمرت هذه الأحداث والتطورات إلى عدة سنوات، و كانت البيانات الأمريكية هي المشهورة ومتاحة بشكل مجاني وإلى الآن مستمرة، أما عن بقية المراكز فكانت مشفرة أو شبه معدومة في ذلك الوقت، وفي عام 2012م بدأ الوضع يتغير بدخول الشركات الخاصة مثل شركة Weatherbell كان صاحبها الأمريكي البروفيسور ريان صنع نقلة نوعية كبيرة في مجال الخرائط وقام ببناء موقع بسيط وسلس وخرائط عالية الدقة والوضوح في هذا المجال وبدايةً بدأ ببيانات النموذج الأمريكي GFS وبعدها النموذج الكَندي CMC واستمر على هذا الحال إلى أن استطاع شراء البيانات الأوروبية للنموذج الأوروبي ECMWF وعرضها في موقعه الشهير، ومنذ ذلك الحين بدأت الشركات الأخرى بالظهور وظهرت عدة مواقع عالمية مثل: METEOLOGIX و WEATHERMODELS و WINDY و ACCUWEATHER و TROPICALTIDBITS و ARABIAWEATHER وغيرها من المواقع سواء كانت معنية بطرح الخرائط للنماذج العالمية أو الرصد الجوي أو الأقمار الاصطناعية، بعضها الآن مجانية وبعضها مجانية مع اشتراك لعدة مميزات أخرى.

قبل 12 سنة ماضية على أقل تقدير كان هناك عدد قليل من النماذج وعلى ما أعتقد 4 نماذج فقط من حيث توفرها للعامة، الآن يتوفر أكثر من 25 نموذجا عدديا عالميا باختلاف البيانات أو من مصادر متكررة وتم تعديلها محليًا في كل دولة، لذلك أصبحت النماذج العددية متوفرة وبشكل مجاني لكل من أراد ولكن من المهم معرفة كيفية التعامل معها. ومن النماذج العددية العالمية المشهورة هي: الأوروبي ECMWF والبريطاني UKMO والأمريكي GFS والألماني ICON DWD والكندي CMC والهندي NCMRWF والياباني JMA وغيرها.

وأشار الكندي إلى ما وصل إليه من مرحلة متقدمة في متابعة الطقس فقال: استطعت تشغيل وفك بعض بيانات النماذج العددية المتوفرة على صفحات الإنترنت عن طريق برامج سواء كانت بالجهاز اللوحي أو الهاتف النقال وصنعت خرائط مميزة ومختلفة من حيث التصميم والألوان عن بقية المواقع والأشخاص إلى أن تطور الحال بمعرفة برمجة بعض البيانات العددية بالأكواد وصنع الخرائط للنماذج المتوفرة وذلك ساعدني في تنمية موهبة التصميم عبر برامج مختلفة وخصوصًا الفوتوشوب في رسم الخرائط وإعدادها وتصميم أسماء الولايات والمحافظات للتوضيح على أماكن التوقعات وتصاميم أخرى.

وبيّن وليد بن ياسر الكندي متابع للنماذج العددية العالمية أن كل هذه التراكمات بدأت ولن تنتهي من خلال البحث والتصفح عن التفاصيل والمعلومات المهمة عن النماذج العددية، إلى أن وصل بي الحال إلى أن أبني بها علاقات مع أصحاب المواقع العالمية وأتواصل معهم من خلال تطبيق تويتر والبريد الإلكتروني، لأن أغلب المواقع لا تعير أي اهتمام لمنطقة الشرق الأوسط، أنا ومعي بعض الهواة تواصلنا وطالبنا هذه المواقع بإضافة الخرائط ونطمح للمزيد من الاهتمام لمنطقة الشرق الأوسط والخليج بشكل خاص.

ويرى الكندي أن هذا التنوع للنماذج العددية مهم لفهم سلوك المناخ بشكل عام لأن النماذج تختلف في أدائها وفي محاكاة سلوك المناخ رياضيًا وفيزيائيًا منها من تفشل اليوم وتنجح غدًا والعكس صحيح، معربا عن أمله في التوجه لمرحلة متقدمة من دقة هذه النماذج العددية والمزيد منها خلال الأعوام المقبلة.

وحول المبالغ التي يدفعونها كاشتراكات في المواقع العالمية قال الكندي: ذلك يعتمد على الشخص نفسه هل يشترك اشتراكًا مفردًا أو مع مجموعة، ولكن الأغلب مع مجموعة وتقريبًا يصل المبلغ قرابة الـ50 ريالا عمانيا سنويا، مع العلم أن هذه المواقع رسمية ومعتمدة وتنقل توقعات لبيانات نماذج عالمية معتمدة وموثوقة أيضا.

مفاهيم أساسية

وقال محمد بن بدر البطاشي محلل خرائط من الهواة: بدايتي في هواية متابعة الطقس وتحليل الخرائط منذ الصغر وبداية المنتديات الطقس مثل مركز رذاذ والخيمة العمانية وكانت موهبتي في مجال الطقس ومتابعة الخرائط تعتبر من القدرات التي تتيح لي فهم وتحليل الأحوال الجوية بشكل دقيق ومساعدة الآخرين في فهم التغيرات الجوية المحتملة.

وأضاف: اهتمامي وممارستي لمتابعة الطقس منذ صغري عكست شغفًا حقيقيًا بفهم وتحليل الحالات الجوية، وتطوير هواية متابعة الطقس واكتساب المعرفة والمهارات المتعلقة بها يعتبر إنجازًا رائعًا بالنسبة لي.

وأشار البطاشي إلى أن الممارسة المستمرة والمتعمقة مكّنته من متابعة الحالات الجوية، حيث أصبحت لديه معرفة واسعة بالمفاهيم الأساسية في الأرصاد الجوية، مثل مفهوم الضغط الجوي، والرياح، والتيارات الهوائية، وتشكل السحب، كما أن ذلك مكّنه من تفسير الرموز والرموز المستخدمة في الخرائط الجوية وفهم ما تعنيه من تغيرات في الطقس من خلال متابعة العديد من النماذج العالمية المختلفة.

وأكد البطاشي على ضرورة أن يسخر الهواة موهبتهم ومعرفتهم بالحالات الجوية وتحليلها لمساعدة المجتمع وتوفير المعلومات الجوية الدقيقة للمجتمع المحيط، بعيدا عن نشر الشائعات وترهيب الناس والعودة للجهات المختصة الرسمية للمزيد من المعلومات والاستفادة من كل المعلومات التي تنشرها الجهات المختصة ممثلة بالأرصاد الجوية بهيئة الطيران المدني.

وأشار محمد بن بدر البطاشي إلى أنه وبفضل الخبرة الطويلة التي اكتسبتها، يمكن توجيه المتابعين وتوفير نصائح وتوصيات حول كيفية التعامل مع ظروف جوية معينة، وذلك من خلال تفسير الخرائط والتحليلات الخاصة، بطريقة سهلة تصل للجمهور، مما يسهم في رفع مستوى الوعي الجماهيري بالأحوال الجوية وتأثيراتها.

مطاردة الأمطار

أما أبرز مطاردي الأمطار من العنصر النسائي، حليمة بنت محمد الأنصارية، المعروفة بوسائل التواصل الاجتماعي بـ(بنت المطر) فتحكي تجربتها في مطاردة الأمطار قائلة: بدايتي منذ عام 2011، حيث كنت أتابع بعض المنتديات الخاصة بالطقس، إضافة إلى ما تمارسه من دور حول الأحوال الجوية على مستوى الأسرة.

وأضافت: اعتمد في قراءة أحوال الطقس على بعض النماذج الإقليمية، حيث تستهويني مطاردة الأمطار خاصة تلك الحالات التي تشهد بعض الأحداث المشوقة، حيث أتوجه للأماكن التي ترصدها بعض النماذج بأنها ستشهد أمطارًا ثم أكون موجودا بتلك المواقع لرصد الهطول من موقع الحدث.

وأشارت الانصارية إلى أنها تعرضت للكثير من المواقف الصعبة وهي تمارس هوايتها منها احتجاز مركبتها في الأودية، وتعرضها لبعض تأثيرات الصواعق، مؤكدة إن تلك الأحداث تشكّل لها ذكريات تعلمت منها العديد من الجوانب التي ستستفيد منها في مطاردة الأمطار مستقبلا.

واقترحت حليمة الأنصارية بأن تتم الاستعانة بمطاردي الأمطار من قبل الأرصاد الجوية خاصة في توثيق بعض الأحداث مثل نزول الأودية وشدة هطول الأمطار، بحيث يتم التعاون بين الهواة ومطاردي الأمطار والمختصين بالأرصاد الجوية.

رادرات الطقس

أسعد الرشيــــدي المعروف بـ(أبوعزام) قال: أنا أحد متتبعي العواصف والأعاصير ميدانيًا أنقل الصورة والفيديو مباشرة من قلب الحدث يستفيد الجميع من هذا النقل في معرفة مكان الخطر للابتعاد وتغيير مسار الطريق بالنسبة لقائدي المركبات والتوجه إلى أماكن أكثر أمانا.

وأضاف: بدأت في هذه الهواية منذ عام 2010م شغفي وحبي لتتبع للأمطار والعواصف وأحيانًا الأعاصير مكنني من زيادة معرفتي بطبيعة طقس البلاد ومعرفتي بكيفية التعامل في مثل هذه الظروف ونشر المعلومة الصحيحة عن كل الأماكن الخطرة التي يجب الابتعاد عنها.

ويقترح الرشيدي بأن يتم تفعيل رادارات الطقس لما لأهميتها من معرفة مكان وقوة الأمطار وأيضًا لمساعدة الناس وحمايتهم من أي مخاطر، كما اقترح الاستفادة من متتبعي الأحوال الجوية في إرسال مواقع الخطر ميدانيًا إلى الجهات المعنية والاستفادة أيضا من خبرتهم في معرفة طبيعة الأودية في سلطنة عمان وأين تكمن خطورتها تحديدا حسب معرفتنا الميدانية، كما أعرب عن أمله في أن تتم الاستفادة من مقاطع الفيديو الحصرية لدى هواة الطقس للاستفادة منها من قبل المعنيين بالأرصاد.

لا خلاف مع الأرصاد

سالم بن المر العيسائي متابع لنماذج التنبؤات العالمية قال: لا يوجد خلاف بالحجم الذي يتصوره أو يصوره البعض بين هواة الطقس والجهة الرسمية (الأرصاد العُمانيـة)، ولكن ثمة ما يثار نتيجة دخول فئة أقرب ما يمكن وصفها بأنها مُتهورة في هذا المجال ساهمت بشكل كبير في نشر الإشاعات وتضخيم التوقعات عبر تدخلها في عمل الأرصاد بإصدار التنبيهات والتحذيرات، مؤكدًا أن تلك الفئة لا تمثل هواة ومطاردي الأمطار.

وأضاف العيسائي: لا يمكنك إيقاف شخص عن ممارسة هوايته وشغفه وتنمية مهاراته في مجال يعشقه، وأشار إلى أن نماذج التنبؤات مُتاحة في هذا العالم وهي لا تُخفى على أحد وبرامج التواصل المعروفة مُتاحة للجميع كذلك مثل تويتر، بمعنى آخر الجميع يستطيع الاطلاع عليها، موضحًا أنه وخلال الإعصار المداري بيبارجوي، ببحر العرب تلاحظ الكثير من المهتمين سواء أخصائيي أرصاد أو هواة يتابعونه في هذا العالم ويضعون مسارات بناءً على نماذج متعددة، وبكل تأكيد لن يستطيع أحد منعهم عن ممارسة هوايتهم.

وأعرب العيسائي عن أمله في أن يتم عقد حلقات تدريبية لهواة الطقس ومتابعي النماذج العددية ومطاردي الأمطار للاستفادة من خبراتهم وتكوين شراكة بينهم وبين المختصين في الأرصاد الجوية خدمة لواقع الأرصاد والتنبؤ.

واقترح سالم العيسائي تطوير خدمات الأرصاد من عدة جوانب مثل إعادة عمل نشرات جوية يومية، والتعجيل في تشغيل رادارات الطقس، واستخدام تصاميم أكثر دقة لصور الأقمار أو خرائط التنبؤات،إضافة إلى توفير برنامج للأرصاد مُتاحة للهواتف الذكية، وإعادة إحياء منصة رصده لتوثيق وأرشفة الحالات الجوية (وهذا يعود بالنفع للجميع) بالتعاون مع هواة الطقس بما أنهم أصحاب الفكرة وهم من بدأ العمل بها.

.