إلينا في يوم المرأة العمانية
خصص السلطان الراحل قابوس بن سعيد ر، طيب الله ثراه، يوم السابع عشر من شهر أكتوبر من كل عام يوما للمرأة العمانية في ختام "ندوة المرأة العمانية" بسيح المكارم بولاية صحار عام 2009م إيمانا منه بالدور التكاملي للمرأة العمانية إسهاما في التنمية ومشاركة في صنع مستقبل أفضل لعماننا التي نحب "لقد أولينا منذ بداية هذا العهد اهتمامنا الكامل لمشاركة المرأة العمانية في مسيرة النهضة المباركة".
كما أكّد صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، على أهمية مشاركة المرأة في صنع حاضر البلاد ومستقبلها، باعتبارها دعامة أساسية من دعامات العمل الوطني، ولمسنا ذلك في حضور السيدة الجليلة، حفظها الله، في كافة المحافل ومختلف المناسبات وطنيا ومجتمعا.
وضمن عناية سلطنة عمان بحقوق المرأة خصصت موادا خاصة بإنصاف المرأة في النظام الأساسي للدولة، وفي صياغة التشريعات القانونية إيمانا بدور المرأة الفاعل في نحقيق الاستقرار الأسري والتآلف الاجتماعي، إضافة إلى دورها الفاعل في تحقيق التكامل التنموي، والأمان المجتمعي.
ومن الحضانة مرورا بمقاعد الدراسة الأولى ثم الدراسات العليا إلى تولي أعلى المناصب الوزارية، وتمثيل السلطنة بكل كفاءة واقتدار في كافة المحافل المحلية والإقليمية والدولية سارت المرأة العمانية مع أخيها الرجل جنبا إلى جنب حامليْن معا إخلاصا غير منقطع وكفاءات لا محدودة، ليفخرا بانتمائهما لوطن رسّخ فيهما ثقة أثمرت مسؤوليات كبرى و انتماءا وطنيا.
ومع ما حظيت به المرأة العمانية من امتيازات كبرى في كافة المجالات ما كانت لتخذل ثقة وُضعت بها مقدرةً وخبرة، ولا أملا معقودا عليها إبداعا وتميزا، فآتى ذلك النبتُ أُكلَهُ إذ أتي أكتوبر هذا العام محتفيا معنا بمجموعة من المبدعات العمانيات في مجالات مختلفة، كلها تثبت أن لا حدود لإبداع امرأة تشرّبت ثقة عائلية ثم تمكينا حكوميا لكفاءتها واعترافا مجتمعيا بفضلها، يأتي أكتوبر هذا العام كسابقيه "مما تعودناه من نساء عمان" بهالات ضوء لعمانيات نعرفهن بما وضعن من بصمات وخطى في العلوم والآداب والفنون.
كل ذلك الضوء لنسوة مبدعات تعودن المسارح والمختبرات العلمية والمجالات الوظيفية الرسمية، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، لكن هالات الضوء لا ينبغي أن تخفت عند أخريات صنعن طاقات ضوء وسماوات عطاء وأجيال إخلاص وعمل.
بداية من أم عمانية؛ أرملة أو مطلقة عانت ما عانت من تحديات وأسى صانعة جبالا من مقاومة وجلد تتمثل في صغار أنبتتهم على حسن الخلق وحب العلم تعويضا لإمكانات لم تتوافر لها، وأحلام لم تدركها، فوضعت كل عزيمتها في ما غذت به أبناءها عاما بعد عام من طموح وسعي وصولا لتفوق يُحتفى به و إبداع لا يمكن إغفاله ليتمثل نجاحُها الذي تمنت في نجاحهم، و طموحا تجاوزها ليكبر في أنفس أبنائها وبناتها.
إلى معلمة عمانية واصلت تكثيف إخلاصها لتصلَ به أجيالا من المتعلمين الذين غذتهم معرفة كما غذتهم خلقا وأدبا، إليها وهي تستنزف طاقتها لتشحذ طاقاتهم همما لا تهدأ وعزيمة لا تفتر، إليها وهي تضع في قلوبهم حب التعليم وحوافز تحصيله قبل حفظه وتلقينه، إليها وهي تحتفي بكل برعم أمل زرعته وكل زرع حصد ثماره كثيرٌ من طلابها وطالباتها، حتى عرفت هي وعرفوا هم بصمتها فيه وفيهم حتى بعد أمد، إليها وهي المؤمنة بأثر الكلمة في صنع الإنسان تماما كأثرها في إمكانية هدمه وتداعيه.
إلى كل امرأة عمانية في كل موقع وهي الموقنة بأنها ليست عددا، وليست شيئا، وليست شكلا، بل عالمٌ من جمال وعطاء لا يمكن أن يُستغنى عنه، إليها وهي تناضل دون مسرح يُسجل مكابدتها، أو إعلان يوثق إنجازها، إليها وهي وحدها تعرف أي منصة تتويج بلغت وأي مسارح عطاء عرفت، إليها وهي بعيدة عن عدسات التصوير وأضواء الإعلام، قريبة من تلمسِّها محبة من حولها، وتقدير محيطيها، وتيسير الله لكل خطواتها الوضاءة المعطاء.
لو أننا في يوم المرأة نبتكر تقليدا سنويا يتأسس على إضافة تشريع يخدم المرأة ابنة وزوجة وأما وموظفة وباحثة عن عمل، لو أننا نوجه في يوم المرأة لأهمية مراعاة المرأة في ما تتحمل من تحديات الواقع اليومي، وتقلبات الحياة الاجتماعية، لو أن احتفالاتنا تتخذ شكلا آخر غير تكريم اللحظة إلى تكريم دائم، ومن تكريم فردي إلى تكريم جماعي تحتفي به كل النسوة في عمان، كما يحتفي به رجال مؤمنون بدور المرأة في حياتهم واقعا ومستقبلا، تأسيسا وتطويرا وتعزيزا.
إلى نساء عمان حتى وإن لم يصل إليهن حرفي هذا: كل عام ونساء عمان المخلصات في أوج العطاء وقمة المجد كيفما كانت مواقعهن رائعات محبة وبذلا، وحيثما كنّ فاعلات موقعا ومكانا.
