نوافذ : النقطة صفر..(0)
shialoom@gmail.com
بغض النظر عن جدلية الخلاف القائمة: هل الصفر رقم، أو افتراضا أنه رقم، وأن هذه الرقم لا بد أن يسنده رقم أخر من (1،2...) يأتي بعده إلا أن هذا الصفر قلب الكثير من موازين العلوم والنظريات، فالتقدم التقني الهائل والذي يتقدمه الحاسب الآلي هو مفرزات الصفر، هذا الصفر الذي ينقل قيم الأعداد من حالتها الأولى إلى حالتها المليونية والمليادرية، بل إلى الأبعد من ذلك، فالرقم (1) سيظل بنفس هذه القيمة إن لم يسعفه الصفر، فينقله رقما؛ ربما؛ تعجز حتى الحاسب الآلي نفسه الذي أسسه الصفر أن يحصي قيمته الخيالية، فلك أن تضع أمام هذا الرقم عدد لا نهائي من الأرقام الصفرية (1000000000000000...) إلى ما لا نهاية، ولو خصصت فريق عمل لكي يحصوا لك القيمة الختامية فلن يستيطع.
في هذه المناقشة نتخذ الصفر رمزية البدايات لكل شيء في هذه الحياة، حيث لا يوجد شيء من العدم، فمنذ أن خلق الله سبحانه وتعالى السموات والأرض وما فيهما، وما بينهما، فقد تأسست من خلال هذا الخلق معززات الحياة، ومقدراتها، صحيح أن الحياة الدنيا تشهد تطورات لا أول لها ولا آخر؛ وهذا من قدر الله ليتمكن الإنسان فيها من تعزيز وجوده، والقيام بأمانة الرسالة المكلف بها، وصحيح أيضا أن هناك نقطة صفر تشعل البدايات الأولى لأي مشروع إنساني يقوم به، ولكن هذا الصفر يحتاج بعد ذلك إلى الكثير من الهمة المتقدمة لكي يقوم هذا المشروع، أما إن بقي الصفر في حالته الصفرية فإن ذلك سوف ينعكس سلبا على هذا المشروع أو ذاك، فهو أيضا بدون أي رقم يعزز وجوده لن يساوي شيئا إطلاقا.
ومما يروى أنه في القرون الماضية، إلى ما قبل الميلاد، أن زعماء الأديان يتحاشون إدخال الصفر في حسابات الأديان، للحقيقة الموجودة أن الله سبحانه وتعالى واحد لا يتغير؛ لا يزيد ولا ينقص، وبالتالي فوجود الصفر معناه أن هذه الحقيقة قابلة للزيادة والنقصان بحسبب وجود الأصفار أمام الأرقام، وإذا صدقت هذه الحقيقة؛ وفق هذه الرواية؛ فإن هذا الموفق يحسب لهم.
في مشاريع الحياة اليومية كم نحتاج إلى أصفار أمام الأرقام، للوصول إلى النمو المتسارع، لكي يواكب تطور الحياة وتقدمها، فهنا لاتقبل الأرقام الجامدة التي تخلو من الأصفار فمثلا الرقم (7) أنظر كيف تتضاعف قيمته المكانية مع زيادة كل صفر: (7،70،700) وهذه حقيقة؛ أن الأصفار محفز مهم في البيئة التنموية، سواء على مستوى الفرد أن مستوى المجموع، ويستلزم الأمر كذلك أن تشاع هذه الفكرة لدى الناشئة بفلستها الوجودية، والتي تتطلبها أي مرحلة زمنية يكون فيها الإنسان هو الفاعل الحقيقي؛ الذي يؤمن بأن الأرقام لها دور محوري في تحفيز الإنتاج، وفي نقل المنتج من حالته الراكدة إلى مستويات كمية ونوعية.
إذن لم تحل (النقطة صفر..(0)) في الفهم الجمعي مجرد رقم كحال أي رقم من الأرقام، وإنما تأخذا بعدا معرفيا آخر، جيد لو يتم استيعاب تأثيره في نقل الإنتاج من حالته الراكدة البدائية، إلى حالته التطورية "مهنيا" القائمة اليوم على الصناعات الحديثة التي أسسها الحاسب الآلي، المتأسس، أصلا؛ من الرقم صفر، هذا الحاسب الآلي الذي حكم الصفر بصورة مدهشة، واستطاع عبر تاريخه؛ حتى هذه اللحظة؛ المحافظة على عدم انفراط العقد، وهذا؛ في حد ذاته؛ يحسب للإنسان الذي بوأه الله هذه المكانة العلية بخلاف كثير من المخلوقات.
